• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحلّ المحذور والتعضيل المكرور!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الحلّ المحذور والتعضيل المكرور!!

جوهر التداعيات العاصفة في الواقع العربي هو فقدان آليات الحلول للمشاكل , فمعظم الساسة  يجهلون الحلول ولا يفهمون بمهاراتها وقوانينها ومعادلاتها ومنطلقاتها المعاصرة , وما يعرفونه أنهم يولّدون المشاكل ويعوّقون الحلول.
وهذا السلوك ينطبق على أكثر الحكومات العربية منذ تأسيسها وحتى اليوم , ولهذا تفاقمت المشاكل وتشابكت وتعقدت , ذلك أن العقلية ذات آليات إنعكاسية وتفاعلات غابية لا تمت بصلة للعصر , وإنما القوة التي تمسك بعنق السلطة تتحول إلى وحش كاسر , والجالس على الكرسي يتقلد سيفه ويضع النطع أمامه ويبدأ بقطع الرؤوس , لكي يؤكد أنه القائد المقدام والفارس الهمام , ولا رأي يعلو على رأيه الأريب.
فعقلية حل المشكلة غائبة تماما وغير متصورة في مجمل الواقع السياسي العربي , والعلة تكمن في أن التعليم المدرسي والبيتي والإجتماعي والديني وغيره لم يمنح هذا السلوك أية أهمية , فلم يتعلم الإنسان ومنذ طفولته كيف يجد حلا للمشكلة التي تواجهه إلا بأساليب أولية عتيقة وبالية , وخلاصتها العُراك والعدوان وإطلاق أشواك أمّارة السوء.
بينما المجتمعات الأخرى تعلّم أبناءها كيفيات إبتكار الحلول للمشاكل التي تواجهها وكيفيات التصدي للتحديات , وبهذا يتم إعمال العقل وإستنفار قدراته الإبداعية , وتعلّم ترصيد الحلول في بنوك الذاكرة والوعي الفردي والجمعي.
ومن الأمثلة على سلوك إيجاد الحلول , أن المسؤول في الدول المتقدمة عندما يشغل منصبه ويجد نفسه أمام معضلة إقتصادية , يبدأ بإستنفار وإستحضار آليات الحلول الممكنة للتصدي لها , وبتفاعل العقول الباحثة عن الحل الأصلح , يتمكن من الإنتصار عليها وتجاوزها.
وفي معظم الدول , تجد العقول السياسية تجتهد بالحلول , أما في دولنا فالكراسي تمعن بإنتاجها للمشاكل وتعويقها للحلول , والعلة تكمن في أن الدول المتقدمة تُحْكَم بمهارات الوصول إلى الحلول المُجدية النافعة , والدول المتأخرة تُحْكَم بمهارات توليد المشاكل وتعقيدها , والجد والإجتهاد في تفاقمها , لأنها الوسيلة اللازمة لإلهاء الشعب وإطلاق يد الحكومة لتحقيق مشاريعها في النهب والسلب والفساد وسرقة ثروات الشعب وحقوقه.
فلو نظرنا إلى الحكومات في دولنا المُقاسية , لوجدنا أنها فشلت في حل أبسط المشاكل , ونجحت وبإمتياز بتوليد المعضلات وتأجيج الصراعات , وإلهاء الناس بالحاجات الأساسية , وتكبيلهم بالحرمان من الكهرباء والماء الصالح للشرب والرعاية الصحية وتصريف المياه والنفايات , وهي  تبدع بمهارات الفساد والتضليل , وحبل توليدها للمشاكل على الجرار.
أي أن العقلية السياسية في دولنا تقتقد مهارات إيجاد الحلول , وتتمادى في الإستثمار بالمشاكل لكي تبقى في الحكم لفترة تمكنها من الإستحواذ الأكبر على حقوق الآخرين.
ولهذا فأن الحياة لن تكون أفضل ما دامت قدرات إيجاد الحلول مفقودة أو مغيبة ومحذورة , إذ لا يُعقل أن مجتمعا فيه طوابير من العقول المهنية والعلمية المتميزة ويعحز عن حل مشكلة كالكهرباء , أو النقل  والسكن والمجاري وغيرها من التحديات الأساسية التي تجاوزتها معظم الشعوب.
والتفسير الأصوب أن المشكلة وسيلة للحكم في دولنا المبتلاة بالمستحوذين على كراسي السلطة وتقرير مصير الناس دون حق قانوني أو أخلاقي , ولهذا فأنهم يكبّلونهم بأنواع المشاكل , ويتصومعون في قصورهم ومناطقهم , وهم يأكلون الذهب والناس يتحسرون ويضرسون , وينطبخون في أوعية الضغط العالي , فيحققون إنفجارا مدويا , يتم إخماده بمتوالية إنفجارات تدميرية وترويعية , حتى ليتلذذ المطبوخ بوجيع الفوران ويستلطف الحياة في مواقد االحرمان والحسرات والأنين!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=91975
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20