الباجة أكلة معروفة في المجتمع العراقي , ولا أدري إن كانت شائعة في المجتمعات الأخرى أيضا , لكنها أكلة لها تأريخها وتقاليدها ومطاعمها وطباخيها الماهرين , ويبدو أن لقب الباججي ربما جاء من هذه الصنعة , أي طبخ الباجة وبيعها.
والباجة تعني رأس الخروف أو النعجة , إذ يبيعها القصاب بعد ذبح الخروف , فتتكون من الرأس والكراعين , وهي النصف الأسفل من الأطراف , والكرشة أي المعدة وبعض الأمعاء.
ويصار إلى وضعها في الماء الساخن , ومن ثم إزالة الصوف من الرأس وحيانا يُستخدم اللهيب وفي السابق كانت تستتخد (البريمز) لكي تحرق شعر الرأس أو الباجة , كما أن الكرشة يتم حكها للتخلص مما علق فيها من طعام وإلتصق بغددها.
أما الأمعاء فيتم تنظيفها , ويصنعون منها أنواعا من الأكلات , خصوصا (الكيباية).
وفي مناطق بغداد الشعبية , كانت تنتشر مطاعم الباجة , وأصحابها يكونون عادة من أبدن الرجال , وهم يقدمون أطباق الباجة لرواد مطاعمهم , خصوصا في الكاظمية والأعظمية.
وفي مدينة الموصل كان فيها شارع يسمى (شارع حلب) , مشهور بالمطاعم التي تقدم أنواع الأكلات الموصلية والسورية , وكان فيه مطعم متميز للباجة , يزدخم بالرواد خصوصا عند الصباح وقبل طلوع الشمس!!
ولا أعرف لماذا يفطر الناس على الباجة؟!!
ولست من أكلة الباجة , لكني ذكرتها , لأن الأجانب يتطيرون منها ويحسبون أكلها سلوكا قاسيا أو متوحشا , "أنتم تأكلون رأس الخروف"!!
وبإطلاعي على ما تأكله المجتمعات الأخرى في هذه الدنيا , وجدت أن أكلة الباجة من أقلها غرابة , ففي الدنيا العجيبة . الناس تأكل كل مخلوق , في الغرب أو في الشرق.
فرأيت مَن يأكل الضفادع والأفاعي والسلاحف وكل زاحف , والعقارب والكلاب والسنجاب , وما لا يخطر على بال من المخلوقات , وأقف متحريرا ومتسائلا , كيف تشتهي نفس البشر هذه المخلوقات؟!
الأجانب يعيبون علينا أكل الباجة , وهم يأكلون ما لا تصدقه العيون وتتصوره النفوس , وكأنهم آفات هائمة , يتلذذون بإفتراس المخلوقات المبتلاة بالبشر.
فالعجيب في أمر البشر أنه يأكل كل شيئ , لا عن جوع وإنما عن ترف ورغبات طائشة , وصلت به إلى حد أن يأكل دماغ القرد وهو حي في بعض المجتمعات الأفريقية!!
إنها بشاعات النفوس البشرية التي تجعلها تمارس سلوكيات غرائبية وفتاكة!!
فياليت البشر يأكل الباجة وحسب!! |