• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الديوان الشعري ( في ملكوت الظلام ) الشاعر د. حسن البياتي .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

الديوان الشعري ( في ملكوت الظلام ) الشاعر د. حسن البياتي

تكتسب القصائد الشعرية , مضامين متألقة في رؤيتها ومغزاها , اضافة الى انها تملك ملكة الجمال الشعري الاصيل , في بنية القصيدة , المنطلقة من اعماق الوجدان لتصيب اهدافها مباشرة , بالرؤى الجسورة , التي تثبت بالبرهان الشاهد , قدرة الابداع الشعري , ان يتجاوز المحنة والمعاناة الذاتية , وتجعل صاحبها ( الشاعر )  طاقة ديناميكية متحركة ودؤوبة تتجاوز على معاناتها  , بالتغلب على المحنة الذاتية , وحتى الانتصار عليها , باخراجها من ملكوت الظلام , الى ملكوت النور والضياء , وقادرة ايضاً ان تحول الاحباط واليأس , والعذاب النفسي المدمر , الى نسائم من الامل والتفاؤل , وانقلاب سوداوية الحياة الى بياضها , رغم اوجاع  المريرة , التي اصابت صاحبها ( الشاعر ) في حادث أليم مؤسف , فقد نعمة البصر , واصبح رهين المحبسين . هذه المحنة الحياتية التي حلت به , اعطته دافعاً قوياً جديداً , في  التشبث باهداب الحياة بالامل , بأن يحول التعذيب النفسي الذاتي , الى جسارة روحية تتجاوز على محنتها , وقادرة على انتشاله من مملكة الظلام وعذاباتها , الى مملكة الحياة والنور , هذه الشجاعة المعنوية , ليخرس آلآمه المتوجعة في  داخله  , هذه هي  خارطة قصائد الديوان الشعري ( في ملكوت الظلام ) , لم يتخذ الفاجعة الحياتية التي حلت به  , كذريعة للانزوى والانطوى الحياتي , والعزلة السجينة , بل انطلق منها بروح التفاؤل ليخرج من طوقها , الى عالم الحنين المشبع الى حد فيضان الاغراق بالشوق والاشتياق . الى عالم يحلم بالوطن الحبيب , الذي يعيش يعيش في اعماق قلبه , وزادت لوعته تعلقه بالوطن , ينتصر على  الغربة والاغتراب . الى اتخاذ  سلاح الشعر والقصيدة في المقارعة الحياتية  , في عالم مليء بالرياحين والحنين والشوق , الى الاهل والاحبة , والى الوطن الذي يسامره في اليقظة والمنام , يداعبه كالعاشق الذي يداعب عشيقته . هذا الالتزام الانساني بروح الوطن المستباح , كأنه اصبح دواء ليشفي  جروحه وعذابه اليومي وعلته  , ويخرجه من السجن ( رهين المحبسين ) الى فضاء العالم الرحب , وهو يعد سنوات محنته سنة تلو الاخرى , من حرمانه  من نعمة البصر ,  والتي امتزجت بمحنة الوطن المستباح ,   بالتفاؤل بمجي الغد المشرق , ليوم جديد , سينهي عذاب  المحنتين , المعاناة الذاتية , ومعاناة الوطن المستباح , بأن الاثنين ليعود لهما  الضياء والنور والبصر  , في يوم مشرق 
سبعة مرت ومازالت تمني النفس ان النور آتٍ 
عالقاً في قبوك الليلي , ما بين حياة وممات 
لا انيس غير اشعار حميمات , شجيات السمات 
ورحيل حالم عبر دروب الذكريات الباقيات 
وحنين مستبد لعراق , طاهر الترب , نقي النسمات 
في يقين ابدي انه يوماً سيأتي 
شاعراً انغامه تجتاح اقسى العقبات ...... 
افتحوا ابوابكم , اخوتي , اخواتي . ص9 
وفي قصيدة يخاطب ولده ( علي ) بعد العملية الجراحية الفاشلة , التي اخفقت في اعادة النور المسروق من  عينيه , هذا الفشل المرير , لم يصرعه ويطرحه في فراش المرض والانطوى والانعزال واليأس والتشاؤم , وانما واجهه بصدر كبير يتحمل الطعنات القاتلة , لينطلق به , انطلاقة جديدة من الامل والتفاؤل بسلاح القصائد والاشعار  , وراح يواسي ابنه ( علي ) على التجلد بالصبر  على مصائب الحياة بروح الامل , بعودة بصره من جديد , 
ياولدي , ياقمري الوحيد 
يظل مرسوماً على الجدار 
قلبي الذي مازال رغم قسوة الاقدار 
ينبض بالاشعار 
وينسج الامال والاحلام 
لا بد ان تعود في الغد القريب 
قافلة الضياء من جديد 
لا تبتئس 
يا قمري الوحيد 
وفي قصيدة موجهة الى ( ابي العلاء المعري )  , يشكوى نجواه وعذابه ومحنته المريرة  , كما اصابت ( ابو العلاء المعري ) , وجعلته (  رهين المحبسين ) يكشف له مرارة محنته ومعاناته الانسانية بفقدان نعمة البصر , كما هي معاناة الوطن المستباح , الذي تحول الى وطن عشاق الحروب والخراب 
سيدي , مد يدكَ 
سيدي , خذني اليك 
انني تلميذك القابع في 
اعمق  من زنزانتين : 
العمى 
والعزلة السوداء 
والغربة قهراً عن تراب 
وطن ما عاد ,  يبدو وطناً 
إلا لعشاق الحراب . ص25 
ويتضمن الديوان الشعري جملة من القصائد والرسائل والرباعيات , الى الاهل والاحبة , والى المبدعين والمبدعات , الذين تألقوا في سماء الفن والابداع , كنجوم متألقة , وكذلك قصائد الى المناسبات , الى انتفاضة الشعب عام 1991 , والى عيد المرأة , والى عيد نوروز , والى عيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي , نقطف منها هذا المقطع 
سيداتي سادتي 
صمتاً , وقوفاً وابتهالاً وثناء ..... 
مجد آذار الوسيم 
يوم ميلادك , يا حزب الشرفاء 
في بلاد الرافدين . ص89 . 
والى البصرة التي تعيش في اعماق قلبه , بأهلها ونخيلها وشطها واسواقها بالفل والبخور والحناء , مازالت هذه الذكريات في حلة العروسة تطير كالحمامة البيضاء 
أراك نجمة الصباح في السماء 
بصرتنا الفاتنة السخية العطاء 
بأهلها 
ونخلها 
وشطها المختلج الضفاف 
بالفل والبخور والحناء 
واطيب الطيوب 
تحمل الاكف والقلوب 
هدية 
بصرية 
لالطف النساء . ص 105 
والى العراق المستباح . مهد الطفولة والصبا , ومازالت نسائمه تعبق برياحينها  عشاق العراق , بالحنين والشوق  والاشتياق ,  تباً للعمائم الشيطانية واللحى الثعلبية , الذين حولوا العراق الى صحاري ودماء  تنعق  بها الغربان . لقد استباح العراق من اشباه الرجال , ظلماً وغدراً وعدواناً , وحجبوا الحياة بالعسف والاذلال , ودفعوا العراق الى دهاليز الظلام  
ومضيت ابحث عنك يامهد الطفولة  والصبا
فعلني يوماً اراك 
بمسامعي , بيدي بأحساسي الرهيف , فلم اجد 
حتى ظلالاً من ثراك ........ 
ألانني  شيخ كليل  لا  يرى ؟؟ 
ام انهم لفوا شمائلك الجميلة كلها 
طيء العمائم واللحى العنزية الغُبر , الشراك ؟ 
دمعي على خديك , يا وطناً تكبله الجراح 
ماذا جنيت لتستباح 
من شبه اشباه الرجال ؟ 
قصائد شعرية فياضة في نهر الشوق والحنين , وطرزت بالجمالية الشعرية الشفافة , وفي الرؤى التي تجاوزت على محنتها الداتية , وقد جعلها الشاعر , ان تندمج مع محنة العراق المستباح 
× ديوان الشعر ( في ملكوت الظلام ) الشاعر د. حسن البياتي 
× لةحة الغلاف والصور : ورود الموسوي 
× الناشر : دار الفارابي - بيروت  - لبنان 
× عام 2008 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86492
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29