• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اللا نظام في السياسة العراقية .
                          • الكاتب : محمد حسين الغريفي .

اللا نظام في السياسة العراقية

 بصورة عامة يمكن ان نعّرف النظام السياسي لأي دولة بانهُ: الصورة العملية لأسلوب صنع القرار السياسي في البلد وسريانه على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية. 
     وعادةً ما تكون من اهم وظائف النظام السياسي، إلادارة الصحيحة لموارد الدولة وتحقيق الامن والسلم الداخلي والخارجي وتحقيق أكبر قدر من المصالح العامة والحفاظ عليها والعمل على بناء وتطوير المجتمع. 
     ولكل بلد نظام معين قد يتشابه او يختلف مع النظم الأخرى كلاً او بعضاً، ومرجع الاختلاف والتباين بين بلدان العالم المختلفة في نظمها السياسية يعود الى عوامل عديدة أهمها: 
1.قوة المجتمع من حيث التعاطي مع السلطة الحاكمة. 
2.ثقافة المجتمع ومستوى الوعي السياسي فيه.
 3.العامل الاقتصادي والذي يلعب دورا بارزا في طبيعة النظام السياسي للبلد.
لهذه العوامل وغيرها الدور البارز في رسم النظام السياسي، وتحديد الأطار المسيطر على سياسية الدولة من دكتاتورية او ديمقراطية او اشتراكية او حتى دينية. 
     وعلى مستوى الساحة العراقية فان الدستور العراقي النافذ لعام 2005م قد حدد نظام الدولة العراقية (جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ…( فالنظام العراقي نظام ديمقراطي حسب المادة الأولى من الدستور و(الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ اساس للتشريع) حسب المادة الثانية منه. 
     واذا اردنا ان نناقش اول مادتين من الدستور العراقي نجد ان هناك تباين واضح بينه وبين الواقع العراقي فمن حيث ان الإسلام هو دين الدولة ففي ذلك وجهة نظر من الناحية العملية والتشريعية ثم أن هناك اكثر من قراءة للإسلام فأيُّ إسلام يقصد به الدستور العراقي. 
     ومن حيث ان النظام في العراق نظام ديمقراطي فان هذا حبرٌ على ورق وليس للواقع السياسي والاجتماعي حصة فيه، ذلك لأن القابضين على السلطة والقائمين على سياسة البلد اغلبهم ممن لا يؤمنون بالفكر الديمقراطي فالأحزاب والكتل السياسية لا تملك ثقافة الديمقراطية من حيث الخطاب والبرنامج فلا نكاد نجد كتلة سياسية الا وتحمل فكراً طائفياً او قومياً ونحو ذلك. 
     والنهج الطائفي على طرفي نقيض مع الديمقراطية، فهدفه المنشود إقامة دولة تتماشى وأهدافه الخاصة، وكذلك فان النهج القومي نهج قائم على الامة لا على الديمقراطية. 
     واذا اردنا ان نحصي التجليات الظاهرة على الساحة السياسة العراقية المناقضة للديمقراطية فلن نجد في ذلك صعوبة او حرج، ولعل من اهم مظاهر تناقض الديمقراطية مع الواقع العراقي:
1.تقسيم الكعكة: ان مفهوم المحاصصة وتقاسم المناصب حسب الكتل الدينية او المذهبية او القومية ونحو ذلك، وليس حسب الكفاءة او إرادة الشعب من اهم ما يثبت ان الواقع السياسي في العراق غير ديمقراطي، وهو غالباً ما يكون مقيداً لعمل الحكومة وتنفيذ برنامجها وخطة عملها -هذا ان كان للحكومة برنامج وخطة عمل اصلاً -لان كل مكون يريد تحقيق اطماعه ومصالحه على حساب الآخر.
2.الطائفية: اكثر سبب يجعل الشعوب متخلفة عن محيطها هو الخطاب الطائفي وهو ما ابتلي به العراق منذ 2003م الى الان فأحزاب الإسلام السياسي سيست الدين والمذهب – السنية والشيعية – واستغلته لاستمالة الشارع العراقي في تحقيق أهدافها الخاصة ومطامعها ومصالحها الشخصية. ومن الجدير بالذكر ان الشعب العراقي تكشفت له اقنعة هذه الأحزاب وظهر له زيفها، ورفع هذا الشعب شعارات تبين طفرة في الوعي والتمييز بين الدين والمذهب في الجانب الروحي والأخلاقي وبين الطائفية، وكان من اصدق هذه الشعارات (بأسم الدين باكونا الحرامية!).
3.تهميش الاقتصاد الحر: وفي المجال الاقتصادي فان الاقتصاد بيد الدولة، وهي تغلق الأبواب في وجه اقتصاد السوق واقتصاد القطاع الخاص – الذي يمكن ان يعالج الكثير من المشاكل الاقتصادية – فلا وجود واضح للاقتصاد الحر في العراق، وهو خلاف ما يفترض في الأنظمة الديمقراطية.
4.فوضى المجتمع العراقي: الكتل والأحزاب السياسية ليست بدعاً، وانما هي امتداد للمجتمع العراقي، وبالفعل كيفما تكونوا يولى عليكم، فالسياسيون وان كان اغلبهم عاشوا خارج العراق لفترة طويلة من الزمن والبعض منهم له مصالح خارجية من هنا وهناك، الا انهم من هذا المجتمع أو على الأقل متأثرين به، وكثير منهم صعدوا الى السلطة بتصويت الشعب وموافقته.
     واذا اردنا ان نتعرف على شخصية المجتمع العراقي – المعاصر- فاننا سنجد مجتمعاً معقداً، غامضا، فوضويا، وميالاً للعنف اكثر من السلم، فمع ان هناك طبقات راقية من المفكرين والعلماء والمثقفين والفنانين نجد ان طبقة كبيرة منه هي من المتخلفين والجهلة والطائفيين والسطحيين، والسبب في ذلك يعود الى الظروف التي مر بها هذا المجتمع فلو تتبعنا، مثلاً، النزاعات المسلحة التي مر بها البلد نجد ان الحكومات قد أدخلت نفسها في عدد من الحروب التي كان من الممكن تلافيها ففي السبعينات في كردستان ثم في الثمانينات الحرب العراقية الإيرانية فحرب بداية التسعينات مع الكويت والحرب الأخيرة عام 2003م، وعلى مدار هذه السنوات وفي كل حرب تجد جيشا من المعوقين والارامل والايتام،. إن هذه الحروب سببت إعاقة في المجتمع العراقي وافضت عليه مناخاً من الفوضى والعنف والغموض. 
     ان هذه التجليات وغيرها تبين ان العراق ليس دولة ذات نظام ديمقراطي، بل اننا عندما نقف اليوم امام هذا التردي الكبير في الواقع الأمني والخدمي والاقتصادي والفساد باقوى صورهِ لا نملك ان نقول ان للعراق نظاماً سياسياً بل نقول ان العراق في (فوضى سياسية) وهو اللفظ الادق للواقع السياسي. 
     والحل في تغيير هذه الفوضى الى نظام يكمن بيد الشعب والمجتمع العراقي، وما تتعالى اليوم من أصوات لرفض الطائفية وتسييس الدين ونبذ اللصوص وسراق المال العام تعطينا الامل بالافضل الا انها ليست كافية، بل لا بد من وقفة حقيقية مستمرة ذات اهداف واضحة للقضاء على الفساد والتغيير الشامل نحو الأفضل.
 
 
 

كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : د. السيد محمد الغريفي ، في 2016/08/04 .

أحسنتم سيدنا ، موضوع رائع وفي الصميم

• (2) - كتب : محمد كاظم ، في 2016/07/30 .

احسنت سيدنا بارك الله فيك

• (3) - كتب : محمد امين ، في 2016/07/30 .

احسنت سيدنا على هذا الموضوع والشرح الرائع، كثر الله من امثالك.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=81272
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28