• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : رياض ناصرية وأم خطاب من قصص الحشد .
                          • الكاتب : واثق الجابري .

رياض ناصرية وأم خطاب من قصص الحشد

 إستنفذت أم خطاب الهاربة من بطش داعش في الفلوجة؛ رصيد هاتفها، وقاربت بطاريته من التوقف، ووصلت الى الإحباط ولم تجد من أقاربها وأقارب زوجها مَنْ يكفلها  لعبور جسر بزيبز، وترى الوقت كالسيف وأبنها الصغير  يكاد يموت من شدة المرض.

 لم يبق أمامها سوى رقم مجهول خزنه زوجها بأسم رياض، ولعله الأمل الأخير لإنقاذها.

إتصلت بآخر رقم مستنجدة، وهي لا تعرف الطرف الثاني، وطلبت الكفالة للخروج من مأزقها ومعالجة طفل يعاني المرض لعامين وجواب الدواعش في وقتها: " ليس من مسؤوليتنا حياته"،  وعند أول إتصال أجاب رياض وقال أنا أخوك وسوف أصل لك بمجرد مسافة الطريق من الناصرية، وهي تعتقد في أحياء بغداد، فأخبرها المسافة بحدود 400 كم، وسيصل  وأن كان بعد منتصف الليل.

أرتبك رياض بين  وسيلة الوصول وهو لا يملك في بيته سوى 30 ألف دينار عراقي؛ قسمها رصيد أتصال نصف له والآخر لها للتواصل لحين الوصول، وإلتهب قلبه وغيرته، فإستدان 200 ألف دينار أجور نقل، وأم خطاب في حيرة من أمرها ومصيرها، وأعوام وهي  تسمع الكلام الطويل عن بشاعة المليشيات والطائفية، وربما سمعت أن بعض المذبوحين من الناصرية، لكنها شعرت كأنها في بيتها وبين أهلها في  اول قدم على أرضها.

 

وجدت أم خطاب محافظات الجنوب آمنة، وشبابها قادرون على حماية مدنهم والعيش بسلام، وبإمكانهم ترك المناطق المغتصبة من داعش لأهلها للدفاع عنها، ولكنهم قدموا التضحيات وجادوا بالنفس؛ تاركين خلفهم الإنتماءات السياسية والدينية والمذهبية، وقدموا أعلى درجات التضحية فإختلط دم الشيعي بالسني في الفلوجة، وحولوا المحنة الى منحة من الوطن للتعرف على أهمية المواطنة والإنسانية، وكشفوا أن داعش ليس عدو العراقيين وحدهم، وهم يقاتلون نيابة عن العالم، ويفكّون أسر مدنهم المرتهنة بيد الإرهاب، فكانوا مطيعين لنداء مرجعيتهم ووطنهم، ومنضبطين في تصرفاتهم، التي أشاد بها أبناء تلك المناطق.

إن قصة أم خطاب واحدة من آلاف القصص، وتضحية رياض ابو مصطفى حلقة من سلسة إنتماء للوطن، وقد آثر على نفسه وعائلته تحمل المصاعب من أجل إنقاذ أمرأة إستنجدته، وطفل بين الموت والحياة ينتظر عطفه.

رياض واحد من  حشد عراقي تقاسم الدفاع عن وطنه؛ بين من حمل السلاح وآخر أوصل المؤونة، أو ساعد بإنقاذ بريء؛ ليثبت عمق الإنتماء للوطن والإنسانية.

 قصص مؤلمة عاشها العراقيون، وتحشد أغلب شعب لردع العدوان والأبواق التي تحاول تشويه صورة العراقيين الإنسانية، ولكنهم ساروا الى حيث العُلى بخطى ثابتة ومنهج مرجعية أوصاهم بأن إنقاذ بريء أفضل من ملاحقة عدو مجرم، وأنهم لا يزروا وازرة بوزر آخرى، وأم خطاب ولدت من جديد لتجد أهل لها وأخوة يعوضون لاولادها حنان الاب الذي قتلته داعش، وسيعود رياض الى عمله اليومي ليجمع أرغفة الخبز والدواء الى أخته، وسيكون سعيدا بإنقاذ طفل يكون شاهداً على الأخوة العراقية، وأن تجارها سيرحلون ويلعنهم التاريخ في صفحاته السوداء، وتستمر الحياة مع قصص إنسانية؛ سطر أروعها العراقيون بدمائهم، وقد تكمل أم خطاب بقية حياتها في الناصرية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80012
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20