• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : "داعش" امة السوء.. والقضاء عليها يحتاج اكثر مما يحصل .
                          • الكاتب : د . عادل عبد المهدي .

"داعش" امة السوء.. والقضاء عليها يحتاج اكثر مما يحصل

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
حقق ابطال القوات المسلحة والحشد الشعبي وابناء العشائر انتصارات مهمة في الفلوجة.. فلقد حررت "الكرمة" و"الصقلاوية" اللتان توصفان برئتي "داعش" في الفلوجة.. وخرجت مناطق شاسعة من سيطرة "داعش".. بحيث يقدر الخبراء الامنيون ان ما تبقى تحت سيطرتها في الفلوجة لا يتعدى 100 كم2، وهذه 1/8 الاراضي قبل بدء المعارك.. اضافة لتحرير اعداد كبيرة من السكان.. كل ذلك بسرعة، وتنسيق جيد بين مختلف القوات، وبخسائر بالاهالي والقوات المهاجمة، غالية وعزيزة يقيناً، لكنها اقل من المتوقع. فالفلوجة باتت مطوقة بالكامل، حسب التقارير، والأمر متروك للقرار العسكري في توقيتات تحريرها الكامل. فهناك من يفضل سرعة الحركة وتحرير المدينة قبل ان تعيد "داعش" تنظيم صفوفها.. وهناك من يفضل اضعاف دفاعات "داعش" بالمحاصرة والتضييق، لتقليل الخسائر قدر الامكان بالمدنيين والقوات.
بالطبع يجب ترك الامر للقادة المختصين لتقرير اي من الخيارين.. لكننا وفق معطياتنا نفضل الخيار الاول.. فهو الاقل خسارة على القوات والاهالي، والاضمن للانتصار.. فالخيار الثاني محفوف ببعض المخاطر:
1- ليس مؤكداً ان الانتظار سيكون ارحم للاهالي واقل خسارة للقوات.. بل نعتقد على العكس ان ضحايا اكثر سيقعون من الاهالي والقوى المحاصِرة، في داخل المدينة اولاً ولكن ايضاً في خارجها، وفي مناطق العراق كافة.. لما ستحاوله "داعش" من عمليات انتحارية واختراقات في جبهات اخرى، لفك الحصار عن الفلوجة، التي تعتبرها "قدسها" كما يعبرون في ادبياتهم.
2- رغم توجيهات المرجعية، وما كشفته المعارك الاخيرة من احترام قواعد القتال وحماية المدنيين بشكل عام، وهو ما أكده السفير الامريكي نفسه، ذلك اذا استثنينا بعض الحوادث المعزولة، والتي سرعان ما تشكلت لجان التحقيق بشأنها، رغم ذلك يوحي كلام بعض الجهات، وكأن الهدف حماية "داعش" وليس الاهالي، او وكأن "داعش" ارحم بالاهالي من غيرها، رغم كل ما هو مؤكد من تجنيد المراهقين وقتل المعارضين ومن لديه نية ترك مدينته او سلاحه. 
3- هناك دول ومؤسسات معادية لـ"داعش" بكل تأكيد، لكنها حريصة على اوضاعها الامنية واستقرارها اكثر من حرصها القضاء على "داعش" في اراضي غيرها.. ذلك ان لم ندخل في تعقيدات المعادلات والمؤامرات السياسية ايضاً. هؤلاء يريدون رؤية "داعش" ضعيفة في العراق، لكنهم لا يتمنون موتها فيه.. فتضطر (داعش) لزيادة نشاطاتها وتهديداتها في اراضيهم.
4- قلنا مراراً ان "داعش" ليست منظمة ويقضى عليها.. بل هي امة ومجتمع، ان خسرت معركة وارض هنا، فلديها من الارض والتعبئة الشيء الكثير في اماكن اخرى، ما يسمح لها بالبقاء في مساحات واسعة وبين جمهور ليس قليل، تسمح لها، كما تشير الوقائع السابقة، بالتجنيد وفتح المعارك، الارهابية والسياسية والاعلامية، لاعطاء المحاصرين في الفلوجة وغيرها فرصاً غير قليلة للبقاء والصمود.
5- في اطار هذه المعطيات وعدم وجود جبهة اقليمية وعالمية، بل حتى عراقية، تحارب "داعش" بتناغم وتنسيق واهداف متطابقة وكاملة، بينما قد يتسلل الكثير من الانقسام والتضعيف للقوات المحاصِرة، مما يقلل زخمها، خصوصاً مع تدخل رؤى تحمل اساساً ما تكلمنا عنه في ثالثاً.
فخير البر عاجله، ان امكن.. انتظاراً لرؤية تتفق ان "داعش" ليست مجرد تنظيم فقط، بل اساساً امة السوء (بالمعنى القرآني)، التي نجحت لعوامل عديدة، السيطرة على مساحات شاسعة في عشرات الدول، ويعيش تحت سلطتها، او تأثيراتها، عشرات الملايين، ولها قدرات تنظيمية واعلامية ومالية ولوجستيكية كبيرة. ويؤسفنا القول، ان "داعش" امة وقيادة موحدة، تقف في مواجهتها قيادات وامم تختلف في مواقفها وفهمها ومصالحها.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79372
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29