• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إنتحال الأسماء!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

إنتحال الأسماء!!

                                             

 
                   " إذا ما قلت قافية شرودا         تنحلها ابن حمراء العجان"
 
"الانتحال من (نحله) القول أي أضاف إليه قولا قاله غيره وإدعاه عليه. 
وإنتحل فلان شعر غيره أو قول غيره إذا إدعاه لنفسه وتنحل مثله".
 
وهو أسلوب غريب وشاذ لا يتفق ومعايير التفاعل الحضاري , فأن تقرأ مقالا لكاتب لم يكتبه لكنه موقع بإسمه في صحيفة قد نشرت له العديد من المقالات وبإنتظام , يجعلك تفكر في مصداقيتها ودور رئيس تحريرها , الذي وكأنه لا يعرف أسلوب الكاتب ولغته ويمرر مقالات لا تمت إليه بصلة , على أنه كاتبها. 
ونسب مقالة ما لكاتب لم يكتبها , ممارسة صارخة للكذب والغش والخداع والإفتراء على الكاتب والقراء. 
ولا بد من وقفة متأنية وصريحة أمام هذا السلوك الذي ربما يحمل أهدافا سيئة , وهو جريمة يعاقب عليها القانون في الدول المتحضرة , وقد يسعى إنتحال الأسماء إلى ما يلي:
 
أولا: زعزعة الثقة والمصداقية بالكاتب 
قد تكون مقصودة وموجهة لكي تشوّه إسم الكاتب وتضعف مصداقية ما يكتبه  , من خلال إشاعة المقالات الهابطة التي تنسب إليه . وبرغم أن كاتبها يحاول أن ينتهج أسلوب الكاتب ويستخدم مفرداته اللغوية , لكن القارئ النابه يعرف ذلك ويسأل الكاتب " هل أنت كتبت هذا حقا  ...وهل أنت تنشر في هذه الصحيفة أو تلك" . 
وهذا يعني أن القارئ يعرف الكاتب وأسلوبه ومن الصعب أن تمرر عليه هذه المقالات المختلقة والمنسوبة إليه. 
لكن رغم نباهة القارئ ووعيه وثقافته , فأن هذه المقالات التي تنتحل إسم الكاتب ستؤذيه وتتسبب في إشاعة الحيرة والتشويش, حتى في حالة رد الكاتب عليها.
 
ثانيا: الإضرار بسمعته
ربما هي محاولة للإضرار بسمعة الكاتب وإظهاره بمواقف متناقضة وميول متنافرة وبأنه يكتب في هذه الصحيفة وتلك , وبأنه من كتابها الأساسيين , وما كتب في أي منها . 
ولا يُعرف هل أن هذا فعل مقصود أم أنه نوع من العيش ومحاولة البقاء والتنافس بالإعتماد على أسماء مقروءة , فيكون الهدف توفير المواد للصحيفة وإظهار قوتها لأن هذه الأسماء من كتابها , مما يعني نجاحها وأهميتها.
 
ثالثا: إستهداف القارئ
أصبح معروفا مَن هو الكاتب المقروء أكثر , ومَن هو الذي يتلقى القارئ كتاباته بإيجابية ويتفاعل معها بصدق , فالإحصائيات تظهر ذلك , وواضح منها مدى مقروئية أي كاتب. 
ويبدو أن الكاتب المقروء والحر أصبح هدفا , لأنه قد يتعارض مع التوجهات والنوايا الكامنة وراء توجيه الآراء وتسخيرها لخدمة أهداف ما. 
وبما أنه مقروء فأن قراءه سيتأثرون بما يكتبه ولا بد من إضعاف  هذا التأثير , والإيقاع بينه وبين القارئ وتشويش أفكاره وتقليل تأثير الكاتب فيه.
 
رابعا: التمكن من النشر
الصحف والمجلات ومواقع الإنترنيت تنشر للكاتب المقروء , بل وتطلب منه إرسال مقالات وإجراء لقاءات وغيرها من الطلبات . وبعضهم يعرف هذا فيكتب بإسمه مقالات لا يعرفها ولا تعرفه , لكنها تستخدم إسمه من أجل الحصول على فرصة للنشر في المواقع والصحف , والتي تحتاج إلى مواد وأسماء.
 
خامسا: الإيقاع بالكاتب
قد يكون فخا للإيقاع بالكاتب , وأسلوبا جديدا لمن يسعى لمحاربة الكاتب والتقليل من أهمية كتاباته ودورها في حياة الآخرين , لأنها تتعارض مع ما هو مرسوم ومخطط له في مدارس صناعة الآراء والتصورات وفقا للمصالح والأهداف .
 
سادسا: إخماد الوعي
الكتابة النقية الصافية التي تتصدى للإنحرافات والمظالم , وتسعى إلى سعادة الإنسان بتوعيته وتحفيزه على بناء الحياة الحرة الكريمة , قد تضر بالكثير من مشاريع الشرور والكراهية والعدوان. 
وبما أن الكثير مما يجري من حولنا يحمل غايات تعسفية وأغراض إمتهانية , فأن هذه الكتابات تعرقل المساعي الشريرة , وتمنع الآخرين من السقوط في قبضة القطيع , وتساعدهم على قيادة وجودهم الذاتي وتنير لهم الدروب. 
وهذا يعني الوقاية من الجهل والأمية الفكرية المطلوبة لتحقيق التبعية والإنقياد السلبي للآخر. وبالإالتفاف على إسم الكاتب هناك جهد مدروس لإطفاء حركة التنوير المعاصرة , والتي ستعطي ثمارها الحضارية , وتنقل الوجود في بلداننا إلى مصاف التقدم والرقي والمواكبة.
 
سابعا: للحصول على المال
 بعض الصحف والمجلات ربما تدفع مالا للمقالات التي تنشرها وتريد أسماءَ مقروءة , ولهذا قد ينتحل بعضهم إسم هذا الكاتب أو ذاك من أجل خدعة الصحف والمجلات والحصول على المال , رغم أن في ذلك صعوبة ومغامرة كبيرة. 
لكن الكاتب الأصلي لا يدري , فهو لا يطلع على جميع الصحف والمجلات والمواقع الإليكترونية , ولا يمكنه أن يعرف إلا من خلال القراء الذين يراسلونه مستفهمين عن هذه المقالة أو تلك.
 
وفي الختام , فلا حياة للتضليل والخداع والتزييف والغش , ولا يمكن لدخيل أن  يكون أصيلا , فالغثيث واضح , ولا يضر الكاتب الأصيل أن يحاول البعض الكتابة بإسمه لأنهم لا يجيدون رسمه , فعين الحقيقة ساطعة , وأسلوبه كبصمات أصابعه , لا يمكنه أن يكون متماثلا مع غيره.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78154
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28