• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحشاشون...قراءة تاريخية مختلفة .
                          • الكاتب : محمد يسري محمد حسن .

الحشاشون...قراءة تاريخية مختلفة

 

رغم كثرة الأسماء التي عرف بها الإسماعيلية كالباطنية والسبعية والفداوية وغيرها من الأسماء ، إلا أن أشهر الأسماء التي عرفت بها جماعة الإسماعيلية النزارية في إيران في عهد الحسن بن الصباح وخلفائه كان هو اسم الحشاشون أو الحشيشة، وأصبح ذلك الاسم علماً على أتباع تلك الحركة على مدار العصور، وتوجد عدد من الأراء التي تفسر سبب تسمية إسماعيلية إيران بهذا الاسم، ومن تلك الأراء:
الرأي الاول: ويرى أصحابه أن كلمة حشاشين قد تم اشتقاقها من لفظة Asoassins وهي نسبة إلى الحسن بن الصباح.
الرأي الثاني: أن تلك الكلمة قد جرى تحريفها من حساسين أي ذوي الإحساس والشعور.
الرأي الثالث: أنها قد اشتقت من كلمة عساسون، وذلك لأن الفدائيين الإسماعيليين كانوا يقضون الليل في الحراسة داخل القلاع والحصون.
الرأي الرابع: أن كلمة الحشيشة قد جاءت من الحشاشون التي تعني جامعي الحشائش البرية التي تستقطر منها الأدوية أو أن معنى الحشاشون آكلي الحشيش ويقصد بها نباتات الأرض البرية التي كان الإسماعيليون كثيراً ما يقوموا بأكلها في أوقات حصار قلاعهم لعدم وجود مؤن أو أغذية.
الرأي الخامس: ويرى أصحاب هذا الرأي أن كلمة حشاشين قد أطلقت على الفدائيين الإسماعيليين في إيران بسبب أنهم اعتادوا على تناول جرعات من مخدر الحشيش قبل قيامهم بعمليات الاغتيال التي يكلفهم بها شيخهم   ويعتبر هذا الرأي أشهر الآراء وأكثرها التصاقاً بإسماعيلية إيران، حتى اصبحت قصة تناول الفدائيين للحشيش قبل تنفيذ عمليات الاغتيال من أكثر القصص المرتبطة بتاريخ الإسماعيلية النزارية، ولنا على ذلك الرأي عدد من الملحوظات المهمة، وهي:
1- إن تناول الحشيش وتعاطيه قد انتشر في مصر وسوريا وبعض البلاد الإسلامية الأخرى في القرنين ال 12 وال 13 الميلادي / ال 5 وال 6 الهجري، كما إن الصوفيين في بعض الأماكن قد اعتادوا على تعاطي الحشيش في الحلقات الصوفية ومن ثم فإن قصة تناول الإسماعيليين للحشيش – إن صحت فإنها لا تعنى اختصاصهم بذلك الأمر.
2- ان قصة تناول الفدائيين للحشيش لم يرد ذكرها في المصادر الإسلامية، سواء السنية منها أو الشيعية، بل إن الغزالي الذي كان من أشد المهاجمين للإسماعيلية لم يتطرق إلى هذه النقطة مطلقا ولم يسمى الإسماعيلية بالحشاشين بالرغم من كونه قد أورد في كتبه العديد من الأسماء التي عرفوا بها.
3- إن أول من ذكر قصة تعاطي الإسماعيلية للحشيش هو الرحالة الإيطالي "ماركوبولو"، والقصة التي ذكرها ماركو بولو في مدوناته تمتلئ بالخرافات والأساطير التي يصعب تصديقها فهو يروى أن شيخ الجبل في ألموت قد صنع جنة مختلقة ملأها بالأشجار والبساتين وكان ينقل إليها أتباعه بعد أن يخدرهم بالحشيش ويجعلهم يرون الفتيات الجميلات اللاتي تم تدريبهم على دور الحور العين وبعد أن يقنعهم بأنهم كانوا في الجنة، يقوم بتكليفهم بعمليات الاغتيال ويعدهم بالرجوع إلى الجنة جزاء لهم على إخلاصهم ووفائهم.
4- إن ذيوع تلك القصة وانتشارها كان عن طريق الصليبين الأوروبيين، الذين حاولوا أن يجدوا تفسيرات مرضية لما شاهدوه وسمعوا عنه عن طاعة الفدائيين لشيخهم بلا تردد لدرجة أن يضحوا في سبيل ذلك بأرواحهم وأنفسهم، خصوصا وإن الإسماعيليين قد قاموا باغتيال عدد كبير من الأمراء والقادة الصليبين مما جعلهم يحاولون أن يشوهوا صورتهم.
5- إن تعاطى الحشيش قبل تنفيذ العمليات الفدائية يتعارض مع ما اتصف به الفدائيون من فطنة وكياسة ودقة وثبات وإقدام  ،وكذلك فإن هذا الأمر يتعارض مع ما اتصف وعرف به الحسن بن الصباح من شدة وتطبيق صارم لأوامر الدين والشريعة تلك الشدة التي جعلته يقوم بقتل ولديه لما ارتكبا من جرائم والتي حدت به لمنع شرب الخمر نهائياً داخل قلعة ألموت   ،وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن القصص الأوروبية التي حاولت أن تبرز الفدائيين الإسماعيليين يقومون بعمليات الاغتيال تحت تأثير الحشيش ورغبة في دخول الجنة لما فيها من الحدائق والبساتين والخمر والحور العين – هي قصص تقدم صورة للجنة مخالفة ومنافية لصورة الجنة التي توجد في عقلية الفرد النزاري الإسماعيلي لان الجنة عند الإسماعيلية تختلف بشكل كبير عن الجنة الوارد ذكرها ووصفها في ظاهر القران والحديث النبوي   .
 
وعلى تلك الأسباب السابقة، فإننا نرى أن قصة تعاطي الفدائيين الإسماعيليين للحشيش هي –في أغلب الظن -قصة مختلقة وخرافية وتم وضعها بواسطة العقلية الصليبية الغربية وتم انتشارها بواسطة الأوروبيين بالإضافة لأعداء الإسماعيلية النزارية من الجانب السني لتشويه صورة الحسن بن الصباح وحركته .
وبغض النظر عن سبب تسمية إسماعيلية إيران بالحشاشين، فإن تلك التسمية أصبحت أكثر الأسماء التصاقاً بهم وتم دخولها في اللغات الأوروبية بأكثر من صيغة، مثلAssassini   وAssassinوHeyssessini ولم يحل القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي، حتى أصبحت كلمة حشاشassassin قد أصبحت تعنى "القاتل المحترف"، وأصبحت تلك اللفظة تستخدم في الأداب والكتابات الغربية.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77082
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28