• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : من أين جاءت عقوبة الرجم ومن حاول ادخالها في القرآن؟. الجزء الأول. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

من أين جاءت عقوبة الرجم ومن حاول ادخالها في القرآن؟. الجزء الأول.

 مقدمة لابد منها. 
بعد أن رأت الأمم ومنذ القدم كيف أن الرجوم (الرصاصات الكونية) او ما يُطلق عليه الشهب والحجارة الصغيرة التي تتساقط من السماء بعد ان تخترق الغلاف الجوي للأرض فتصل باحجام مختلفة ، رأى الناس كيف ان هذه الحجارة تتسبب في إثارة الرعب والخوف والقتل للناس ، فاستخدموا الرشق بالحجارة (الرجم) كوسيلة انتقام وعقاب إليم . ونظرا لأن هذه الحجارة تنزل من السماء فقط ربطها الناس بالله تعالى ثم نسبتها اقدم الكتب السماوية إلى الله على أنها عقاب إلهي للعاصين من الناس، فتفننوا في طرق استخدامها بما لم يُنزل الله بها من سلطان ، والذي يقول بغير ذلك عليه أن يأتي بنص عن طريق الوحي.فأقدم النصوص التوراتية المكتوبة تقول بأن المصريين كانوا يستخدمون عقوبة الرجم لمعاقبة من يُخالفهم خصوصا في موارد الدين وأن بني إسرائيل على زمن موسى أخذوها عنهم. وسيأتي بيان ذلك ومن التوارة نفسها. 
تبين للناس فيما بعد أن هذه (الرّجم) تصيب أيضا الحيوانات والنباتات والاطفال والنساء والأرض وكل مكان تسقط فيه. فقاموا ايضا برجم الحيوانات والنساء والاطفال وكل من يُخالفهم الرأي وأول من فعل ذلك اليهود اعتقادا منهم أن هذه الرُجم لا تُصيب إلا الملعون المشؤوم. فصاغوا احكامات على مقاساتهم وحسب رغباتهم ، يُخفون خلفها نوايا شريرة غايتها الانتقام ممن يُخالفهم الرأي ، وهذا ما نراه واضحا في أقدم الكتب السماوية مع اعتقادنا أن هذه النصوص مزيفة أو أن بعضها تم التلاعب به ليخدم اغراضا معينة .
بعض الكتب الدينية تقول بأن الله تعالى لمّا رأى الناس تخشى رض ورضخ الحجارة كما تخشى أيضا الحرق بالنار والغرق في الماء استخدم هذه الوسائل وسيلة ردع للعاصين الذين يتسببون بالأذى للناس. فعندما تصبح الجرائم والانحرافات وباء لابد من استئصاله او القضاء عليه لانقاذ بقية الابرياء الصالحين يستخدم الله تعالى الوسائل الطبيعية لإحداث التغيير لكي يفسح المجال لبيئة صالحة أخرى ان تظهر وتؤدي دورها في الحياة لاعمار هذا الكوكب.
وتُظهر لنا بعض آثار الإنسان على جدران الكهوف بأن البشرية وفي مراحل عدة انحدرت نتيجة لسوء تصرفها فخرّبت حضارتها ورجعت إلى حرب الحجارة والفؤوس وهذا ما سوف نراه أيضا في المرحلة الحالية للبشر حيث يلوح من كلام (انشتاين) بأن مصير البشرية سيكون كمصير الأمم التي سبقتها . فعندما رأى الخراب الذي حصل في الحرب العالمية ثم الآثار المروّعة للقنبلة النووية قال : (أنا اعرف نوع الاسلحة التي سوف يتقاتل بها الناس في الحرب القادمة ، ولكن الحرب التي بعدها سيتقاتل الناس بالفؤوس).
ففي البداية وقبل أن يُخلق الإنسان كانت هذه (الرُجم) زينة في السماء حيث تتخاطف مكوّنة أنوار زاهية تجوب السماء على شكل اسهم نارية مثلما نراه في (الألعاب النارية في السماء أيام الاحتفالات). ولكنها تختلف حيث أن هذه السهام النارية التي تكونها الحجارة المشتعلة خطرة للغاية وتُسبب اضرار هائلة لو اصابت مكانا فإذا اصابت كوكبا أحدثت فيه ثقوب غائرة وحفر عميقة ، وإذا اصابت مخلوقا قتلتهُ في الحال ومن هنا ونظرا لسرعتها الهائلة وقوة تدميرها فقد اطلق عليها العلماء حديثا اسم (الرصاصات الكونية) ولربما يكون حجمها بحجم حبة رمل أو حبة الخردل ولكن تخريبها مروّع. (1)
هذه (الرّجم) في بدايتها لم تُخلق كوسيلة عقاب للبشر بل وسيلة حراسة أيضا لبعض الاماكن في السماء لتمنع اختراق فئة معينة من المخلوقات (الشياطين) وهم فئة خلقها الله تعالى على شكل قبائل لإنجاز المهمات الشاقة الكبيرة وكان على رأسهم زعيمهم (بعلزبول عزازيل) (2) ولكنها لم تُحسن استخدام قابلياتها التي منحها الله لها فتمردت ظنا منها أنها على شيء مما أدى أن يتم عزلها ضمن حيّز خاص بها (بُعد) تعيش فيه رسم الخالق لها حدودها التي إن تجاوزتها وجدت في انتظارها (حرسا شديدا وشُهبا). واذا استطاع أحدٌ منهم ان ينفذ بطريقة ما (يجد له شهابا رصدا) ومن هنا قيل للشيطان بأنه (رجيم).
في التوراة ــ حيث بدأ البلاء من هنا ـــ نشاهد تعدد استخدامات الحجارة في الرجم فهي لقتل حتى الاقرباء الأدنين مثل قوله في سفر التثنية 13: 10 (وإذا أغواك أخوك ابن أمك، أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك، أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلا: نذهب ونعبد آلهة أخرى فلا ترض منه ولا ترق له ولا تستره، بل قتلا تقتله. ترجمه بالحجارة حتى يموت).
وكذلك تستخدم التوراة وسيلة لرجم الحيوانات إذا تمردت كما نقرأ في سفر الخروج 21: 28 (وإذا نطح ثور رجلا أو امرأة فمات، يرجم الثور ولا يؤكل لحمه).
وتعاملت التوراة بالرجم حتى مع من يُعانون من امراض نفسية كوسيلة من سائل العلاج المتقدمة عندهم ، بدلا من رعايتهم وعلاجهم والعطف عليهم كما نقرأ في سفر اللاويين 20: 27 (وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة فإنه يقتل. بالحجارة يرجمونه).
واستخدم اليهود الرجم عقوبة لمن (يكفر) يسب الله او يُجدّف عليه كما نقرأ في سفر اللاويين 24: 16(ومن جدف على اسم الرب فإنه يقتل. يرجمه كل الجماعة رجما).
وفي سفر حزقيال سفر حزقيال 23: 47 يخبرنا بأن الرجم بالحجارة وسيلة عقاب وتأديب للمرأة الزانية واتلاف كل ما يتعلق بها من أبناء ومتاع كما نقرا: (وترجمهما بالحجارة، ويقطعونهما بسيوفهم، ويذبحون أبناءهما وبناتهما، ويحرقون بيوتهما بالنار. فتتأدب جميع النساء).
وفي سفر التثنية 22: 21 (يخرجون الفتاة إلى باب بيت أبيها، ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت، لأنها زنت في بيت أبيها).
أنا أرى أن هذه العقوبة البشعة ــ الرجم ــ والغير إنسانية أخذها اليهود من المصريين ثم توسعوا في تطبيقها ونسبوها إلى الله .وهذا ما نراه يلوح في بعض آيات التوراة حيث ورد في سفر الخروج 8: 26 (فدعا فرعون موسى وهارون وقال: اذهبوا اذبحوا لإلهكم في هذه الأرض. فقال موسى: لا يصلح أن نفعل هكذا، لأننا إنما نذبح رجس المصريين للرب إلهنا. إن ذبحنا رجس المصريين أمام عيونهم أفلا يرجموننا؟). فلو كان الرجم عقوبة إلهية لذكر موسى ذلك ولم ينسبها إلى المصريين. 
ونتيجة لهذه الاستخدامات البشعة للرجم عمد يسوع المسيح إلى الغائه فلم يرجم المرأة الزانية التي قدمها له اليهود زاعمين انهم وجدوها في حالة زنا. (3)
وكذلك يخلو القرآن من هذا الحكم ، ولكن هناك فئة من المسلمين لا زالت متمسكة بهذا الحكم القاسي تقليدا لليهود او القرود في أحاديث وروايات اخذوها عن اليهود ونسبوها إلى الساحة النبوية المقدسة لا بل حاولوا ادخال نصا في القرآن يزعمون أنه كان من القرآن ثم اختفى كما سوف نقرأ في الجزء الثاني من البحث.
المصادر: 
1- وفي حوادث كثيرة تنقلها لنا كتب التاريخ فإن حالات قتل حصلت بواسطة هذه الحجارة الصغيرة ومنها قصة النظر بن الحارث حيث اجمع المسلمون أنها نزلت فيه بقوله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع ... اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) فدعى على نفسه فاصابته جندلة (حجر صغير بحجم الحمّصة) بمحضر رسول الله (ص) وبعض صحابته حيث تقول الرواية : (فرماه الله بجندلة دخلت من رأسه وخرجت من دبره) فخرّ صريعا من فوق دابته. وتأكيدا على صحة هذه الرواية روى سبط بن الجوزي والثعالبي وغيرهم قولهم : (فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره فمات وأنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع).وقد اقلقت هذه الآية والاحاديث المتعلقة بها الكثير من المؤرخين الامويين نظرا لكونها نزلت في ولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام فلم يستطيعوا حذفها نظرا لشهرتها فعمدوا إلى تشويهها بالروايات المضطربة، ولكن يكفي ان عددا كبير من مفسري ومحدثي اهل السنة اكّدوا على انها نزلت في النظر وانها تتعلق بولاية علي ابن ابي طالب (ع).
2- في التوراة اسم رئيس الشياطين (عزازيل) كما نقرأ في سفر اللاويين 16: 8 (ويلقي هارون على التيسين قرعتين: قرعة للرب وقرعة لعزازيل). التوراة هنا تصوّر هارون اخو موسى يعبد إلهين (الرب الله) و (عزازيل الشيطان). حيث يُقدم التضحية للإثنين معا طلبا لرضاهم. وفي الإنجيل اسمه بعلزبول كما نقرأ في : إنجيل متى 12: 24 (هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين).وفي الإسلام اسمه (الشيطان أو إبليس) وهو الإسم الجامع لمعاني الشروهو قوة السلب العقلية النافية على الدوام المحدود الملتبس بالغلط والوهم والباطل.
3- كما نقرأ في إنجيل يوحنا 8: 4 (وقدم إليه الفريسيون امرأة أمسكت في زنا. ولما أقاموها في الوسط قالوا له: يا معلم، هذه المرأة أمسكت وهي تزني وموسى أوصانا أن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت؟ولما استمروا يسألونه، انتصب وقال لهم: من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر! فلما سمعوا خرجوا واحدا فواحدا، وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدا سوى المرأة، قال لها: يا امرأة، أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟ فقالت: لا أحد، يا سيد!. فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضا). ولكن يوحنا وقع في اشكال وهو : إذا لم يدن احد من اليهود المرأة الزانية بسبب كونهم كلهم مارسوا الزنا، فلماذا قال لها يسوع وأنا ايضا لا أدينك هل كان يسوع زانيا أيضا والعياذ بالله؟ ولكن على الرغم من ابطال السيد المسيح (للرجم) فإن المسيحية استمرت في استخدام هذه العقوبة حيث نراها تقوم برجم (هيباتيا) المفكرة والفيلسوفة المسيحية مع انها لم تكن زانية بل عفيفة طاهرة حيث رجمتها الكنيسة بالحجارة بأمر البابا حتى الموت ثم قاموا بجرّها بالشوارع وتقطيعها بالسيوف واحراق كل انجازاتها العلمية.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77025
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29