• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رواية ( بيجمان ) تؤرخ مذبحة سربرنيتسا .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

رواية ( بيجمان ) تؤرخ مذبحة سربرنيتسا

رواية ( بيجمان - الذي رأى نصف وجهها - ) للاديبة بلقيس الملحم . من اصدارات الدار العربية للعلوم ناشرون . 215 صفحة . يرتكز جهدها الروائي في  حثيثات وقائع الاحداث , وبين المتخيل في العمل الادبي الفني , المرتبط مباشرة بالاحداث المأساوية , التي روعت ضمير الرأي العام  العالمي , لبشاعة آلة  القتل والذبح الجماعية في مهرجانات الموت السادية ( الهولوكيست ) في الابادة الجماعية والتصفية العرقية , في المذابح الدموية , كما حدثت في مذبحة ( سربرنيتسا ) في ( البوسنة والهرسك ) ,  التي قامت بها القوات الصربية ومليشياتها المسلحة , ضد مسلمي البوسنة , وتعمقت الرواية بأسهاب في ذكر تفاصيل الجرائم الدموية المروعة وكشف حقيقتها  , هذا التوغل الروائي يجعل القارئ يشعر بالصدمة النفسية من ألاهوال في اقتراف الجرائم الوحشية ضد الابرياء المسالمين من مسلمي البوسنة في ( سراييفو ) , بالاعتماد على الوثائق والوقائع من المصادر الاعلامية والصحفية , التي كشفت هول الفظائع الدموية بالحقد الاعمى في سفك الدماء , واحاطت من كل جوانب الوحشية للمجازر الدموية  , التي تعيد الى الاذهان مجازر ومحارق النازية الفاشية , بآلة القتل البشعة من الاعدامات الجماعية , التي حدثت بعد حصار ( سراييفو ) . هذه المذابح تدعو الى السخط والشعور بالالم الى حد البكاء وعصرنياط  القلب بالاسى الشقي المفجع   . ان الممارسات الاجرامية التي ارتكبتها القوات الصربية ومليشياتها المسلحة , بحق مسلمي البوسنة , تعتبر نقطة سوداء في ضمير المجتمع الدولي ومنظماته العالمية ,بالوقوف بموقف  المتفرج على آلة القتل الوحشية , في ابشع عمليات الابادة الجماعية والتصفية العرقية , في فظاعة شرور  الحقد الاعمى المسكون في هوس الذبح وسفك الدماء . ان العمل الروائي وثق كل جوانب المجازر الدموية , وعرضها في اسلوب سردي  رصين ورشيق ومرموق في حبكته الفنية , في اسلوب ميلودراما عاصفة  , وربط هذه الوقائع المدمرة بقصة حب عشقية عاصفة من الهيام والهوى والوجد  بين ( بينجمان - الشاب الايراني . وسابينا الفتاة المسلمة البوسنية ) التي ارتبطت بوشائج عشق ملتهبة بصدق عواطف الوجدان  . لقد تنوعت اساليب وادوات تقنيات العمل الروائي , في توظيف كل اساليب الرواية الحديثة بمهارة عالية من التوظيف والاستخدام الماهر بفنية  تقنيات اساليب التذكر ( فلاش باك ) واسترجاع هذه التداعيات  في استنطاق العقل والوعي  الباطني , ليرسم لوحات الرواية  , وكذلك في ادوات اللغة في الوصف والتصوير . كأننا اما شريط سينمائي تسجيلي , يؤرخ ويوثق بشكل رصين دون اسفاف , تراجيدية الاحداث التي جرت فعلاً على الواقع الملموس    , في فترة زمنية محددة من صراعها الدموي العنيف , وخاصة في مذبحة ( سربرنيتسا ) بوحشيتها الضارية , التي تستفز عقل الانسان السليم . لاشك ان العمل الروائي , اعتمد على الجهد الكثيف في البحث والتقصي الوثائق والمصادر الصحفية والاعلامية , التي تحدثت بأسهاب عن المجازر , وآلة القتل الهمجية , وعن المقابر الجماعية وسراديب الموت , التي اقترفتها المليشيات الصربية المسلحة , من ارتكاب مذابح دموية , في ابشع اشكل التصفية العرقية . ليكون هذا العمل الروائي المرموق , احد شواهد العصر على المجازر الدموية , في مدى حصار ( سراييفو ) لمدة اربع سنوات من عمر المذابح الدموية . التي كانت عبارة عن عمليات التدمير والحرق للمدن والقرى البوسنية المسلمة , وكذلك جرائم الاغتصاب السادية , تبقى بحق ( الهولوكيست ) اوربا الحديثة بعد جرائم النازية الفاشية , وباطلاق العنان الى المليشيات الصربية ان تقترف بشائع الموت والاغتصاب والانتهاك المدمر للانسان  , وكذلك بشاعة اساليب التعذيب الجسدي والنفسي السادية  لمدة اربع سنوات  , يكفي ان نذكر على مدى الوحشية  الهمجية بما توصل اليه العقل المعتوه , تم اغتصاب بفظاعة اكثر من عشرين الف فتاة بوسنية مسلمة في عام 1993 وحده , ولم يسلم من آلة القتل الاطفال والشيوخ والحوامل , وان ابطال النازية الجديدة , في اقتراف هذه الجرائم الرهيبة هم : 

1 - سلوبودران ميلوفيتش : الذي كان رئيس جمهورية يوغسلافيا والصرب , في فترة المذابح الدموية , باطلاق العنان الى المليشيات الصربية المسلحة ان تمارس جرائم التصفية العرقية 

2 - راتكوملاديتش : رئيس اركان القوات الصربية 

3 - رادوفان كاراديتش : الجزار الدموي لمذبحة ( سربرنيتسا ) .  .....      وهذه بعض المقتطفات الاعمال الوحشية لهؤلاء وحوش العصر الحديث . 

× ضحايا العنف الدموي بحق مسلمي البوسنة كانوا ( اجساداً بلا رؤوس , وملابس بلا عظام , وعظاماً بلا جلد , وجلد بلا شعر اشقر ) ص58 

× كانت المليشيات الصربية تنتهك بجنون معتوه حق الانسان في الحياة , فكانو يبدأون ( بالتقسيم الى قسمين , اليمين للنساء , والشمال للرجال , وبعدها لا يبالون لو قتلوا الفي رجل امام النساء , او اغتصبوا اجمل النساء امام الرجال , ثم يذبحونهم  بطريقة العشوائية البشعة )ص54 

× قطع المليشيات الصربية الطريق المطار ( طريق الموت ) بمئات القناصة الصرب . يرابطون على جانبي الطريق الموصل الى المطار . طريق الموت ) ص69 . 

× كانت المليشيات الصربية تصرخ بجنون وحقد الاعمى عنصري معتوه  ( هذا مصيركم ايها الجرذان , اذا لم تخرجوا من ارضنا , عليكم ان تغادروا هذا المكان ............. واياكم ان تفكروا انتم , وهم العودة ثانية لتدنيس ارضنا ) ص88 . 

× بشاعة الموت ( لاشخاص مكتوفي الايدي ومعصوبين , يطلقون عليهم الرصاص , فتسقط في الخندق , ما يسقط يهيلون التراب عبر جرافات كبيرة ) ص95 . 

هكذا عاشت ( سربرنيتسا ) رعب الموت والقتل في ظل الحصار المطوق عليها . 

حثيثات الرواية : 

تصدمنا بالصدمة في بداية الرواية , بهذا الفعل الصادم ( هذه المرة انقذتني الصدمة من الموت , حدث هذا رغم ابتلاعي موس حلاقة صدئ وثلاثين حبة مهدئة , إلا اني رجوت ان تكون هذه محاولتي الاخيرة للانتحار , واذا ما عدت للحياة ثانية , فسأكتبها كما هي مرسومة امام عيني : ذاكرة لوجدان الزمن ) ص17 . فعاد الى الحياة وسجل هذه المأساة الانسانية في رعبها التراجيدي , بتسجيل قضية ( سابينا ) الفتاة البوسنية المسلمة , التي احبت بكل عنفوان بعواطفها الوجدانية  , وجوانحها الغارقة في بحر  العشق , ولكن رياح الموت والشؤوم عصفت بها , وقادتها الى المصير تحت انقاض المقابر الجماعية المبعثرة هنا وهناك , بعد حصار ( سراييفو) التي عبثت بها  آلة القتل والذبح في حياة الاهالي المسلمين , والرواية تتعقب قصة حب عشقية , في مداها المأساوي التراجيدي , من الهيام العنيف من طرفين ( بينجمان . الشاب الايراني , والفتاة المسلمة البوسنية سابينا ) . وكما قالت العرافة الى العاشق ( بينجمان ) حين كشفت عن مستقبله المظلم الشقي ( انت تبحر في بحر الظلمات . ملعونة رغباتك ايها الغريب ) الحب الذي جلب الدمار الجسدي والنفسي , باقصى حالات العذاب والشقاء . فقد قلب حياة ( بينجمان ) على عقب , وجعله يغرق في ثنايا المأساة المروعة  , بعد الحصار والحرب الاهلية وضياع ( سابينا ) في ظروف غامضة عنوة , بعدما رقدت في اعماق وجدانه وعقله , وكان يرسم الحياة من خلال  معشوقته ( سابينا ) , فقد اختل عقله ووجدانه من خلال ضياع محبوبته اثناء حصار ( سراييفو ) وهاجت الحياة وماجت بالبلبلة والفوضى والارتباك , حين تفجر العنف الدموي , التي شنتها المليشيات الصربية لتمارس القتل والرعب المجنون , بالاضطراب الشديد الذي حول الحياة الى جحيم يقتنص المواطن بالموت المجاني والعشوائي , وعصفت رياح الشؤوم والخراب , ليجد ( بينجمان )  نفسة هارباً الى ( مقدونيا ) , بعدما اضناه البحث عن محبوبته , التي قذفتها الامواج الى مرافئ مجهولة , وتركت العاشق ( بينجمان ) يتجرع علقم المر , فكان يصرخ كالمجنون في وجه الناس ويمد يده ( سابينا يا محسنين . أوه سابينا . انتِ من كنتِ تهزين كياني في كل شيء ) ص24 , فكان يلوك غصة الالم واللوعة بجراح الفراق , كأنه يسير الى حتفه بالموت البطيء , بهذا الفراق الظالم ( سأشيخ سابينا . وانا لم اخذكِ ) فكان سليل النوح والبكاء المر , حتى لعن الحياة بدون ( سابينا ) , وعاشر الانين والعذاب , ولا شيء يزهو امام عينيه سوى ( سابينا ) , لقد تجرع علقم الفراق , الذي نزف بجرحه دما  وقيحاً , وتولت عليه النكبات المؤلمة , في حظه العاثر والاسود , حين صدمته المفاجأة غير المتوقعة , لتزيد جراحه اكثر عمقاً  بالدمار النفسي , حين وجد نفسه في سراديب السجن المظلم لمدة خمس سنوات بسبب غلطة لم تكن في الحسبان ولا  على البال ( غلطة بسيطة ارتكبها صحفي مثلي , عزلوني مع السجناء المعارضين لولاية الفقيه , واجبرونا على ممارسة طقوسهم التاريخية لا الدينية , مثل احجار الشطرنج ,  كانوا يعاملونا ويحرمونا من الطعام والشراب والسجائر , كي نؤمن بما يعتعقدونه من خرفات واساطير ومواعظ باهتة ) ص135 , هكذا  زج  في سراديب السجن  والتعذيب النفسي والجسدي , حتى اطلق سراحه من السجن , وتوجه بالسرعة من طهران الى سراييفو , الى بيت ( سابينا ) , لكنه لم يجد اي اثر لها , واعتبرت من المفقودين تحت سراديب المقابر الجماعية , مما زاد عذابه اكثر من السابق , واصبح كالمجنون يبحث عن محبوبته , فكان مع اختها ( امينة ) يتجول بالبحث ويتنقل بين القرى ويفتش في المقابر الجماعيةء, ويصاحب على الدوام طواقم  الفرق الطبية , ويتابع بصبر نافذ فحوصات الحمض النووي , لعل يجد بعض اشلاء التي تدل  على هوية   ( سابينا ) , لكن دون جدوى , رغم التعب والارهاق المضني , حتى اصبح اشبه بشبح انسان يجزع من حياته ويود ليتوسد اشلاء محبوبته وينام   , يذوب يوماً بعد اخر  دون يجد اثراً او  ريحاً يسد جوع روحه  المظلومة , ورغم التفتيش في اشلاء المقابر الجماعية المتفرقة هنا وهناك , لكن محبوبته ( سابينا ) ليس لها اثر , ولم يجد سوى  عذاب والالم , كأنه كالشاة المذبوحة تصارع جرعاتها الاخيرة . 

الرواية كانت بحق كانت  جهد كبير ,  في توثيق المجزرة لتكون شاهد على التاريخ 

احداث خارج الرواية : 

1 - سلوبودان ميلوسفيتش : رئيس جمهورية يوغسلافيا الصربية , قدم الى محكمة العدل الدولية في لاهاي , كالمسؤول الاول عن المذابح , لم يتحمل عذاب الضمير من الاف الضحايا الذين اصبحوا سكنة المقابر الجماعية , وجد في احد صباحات الايام منتحراً . 

2 - رادوفان كاراديتش : الزعيم الصربي سفاح مذبحة ( سربرنيتسا ) حكمت عليه محكمة العدل الدولية في لاهاي اربعين سنة سجن , وحملته مسؤولية المذابح التي ارتكبت ضد مسلمي البوسنة 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=76330
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 03 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29