• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها؟ .
                          • الكاتب : محمد تقي الذاكري .

الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها؟

القران الكريم يؤكد (ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها اذلة، وكذلك يفعلون) والتفاسير مختلفة في المقطع الاخير من الآية، هل هو من كلام بلقيس او كلام الله سبحانه وتعالى؟

الآية مرتبطة بقضية سليمان وبلقيس وكيفية دخول جنود النبي سليمان عليه السلام الى مدينة سبأ، والكلام لبلقيس عندما القى اليها الهدهد رسالة من سليمان، والدخول قالوا: عنوة وغلبة، وانها لم تكن تعلم ان سليمان ليس بملك، انما هو نبي وعادل و...

الا ان الموضوع وعلى مدار العصور المختلفة، بقي للنقاش والحوار، والثوار عادة يستندون الى هذه الآية لقلب الحكم والنظام، ولافرق عندهم بين الملك ورئيس الجمهور او الامير وهكذا...

وأعتقد ان كلامهم هنا، وفي هذا المورد بالخصوص، صحيح، لأنهم لاينظرون الى العنوان انما ينظرون الى الصفات والافعال، فكل حاكم هو ملك، فلو كان ملكا مستأثر بالحكم، كما هو عادة الحكام في الشرق الاوسط، شملته الآية وان لم يكن ملكا، والعكس ايضا صحيح.

الآية تتحدث عن نقاط ثلاث:

١- طبيعة الحاكم اذا دخل عنوة.

٢- الافساد الناتج عن تغيير غير ديمقراطي وهو بيان لحقيقة خارجية في ان العسكر عندما يدخل فاتحا يستحل النساء ويصادر الممتلكات و... الا ماحصل في الاسلام عند فتح مكة، فان رسول الله ارجع الاعتبارات الاجتماعية الى اصحابها ولم يقتل ولم يصادر ولم يسجن ولم.... وهذا لانه لم يكن بملك، انما هو نبي ورحمة مهداة الى الامم.

٣- تغيير الموازين الاجتماعية، اي انهم يجعلوا أعزة أهلها أذلة و...

فطبيعة الاستبداد يؤدي الى القتل والدمار وسجن المخالفين، او جعلهم في الحصار او تحت المراقبة وهكذا، وهكذا فعل عموم الحكام في دول الشرق الاوسط ومن في فلكها في مثل الباكستان وافريقيا وايران وغيرها، لكنهم لم يفعلوها في مثل الهند والدول الغربية التي تحكمها الديمقراطية وان كانت غير واقعية..

وهكذا يفعلون، سواء كان من كلام بلقيس تنقل تجربتها، او كان من كلام الباري جل اسمه، فاننا رأينا ذلك في جميع الدول العربية و الاسلامية، مع الاسف الشديد، لانفصالهم عن العقل والشرع، رأيناهم في المغرب ومصر والعراق والخليج بمسميات مختلفة، وان كانت النسبة تختلف، ففي مثل الكويت لايقاس بمثل السعودية وهما جارتان، احدهما واسع صدره وخدم شعبه ولم يفرق بين الطوائف ( طبعا الكلام مع حفظ النسبة) والآخر استحمرهم وتسلط عليهم، بل وتجاوز الحدود عندما تعدى على اليمن بحجة الشرعية (الدولة مثلا) التي لاتتعدى عدد افرادها اصابع اليدين، تاركة الملايين من الشعب الفقير الذي لاحول له ولاقوة.

فاذا كان النظام استبدايا، او غير استشاريا، وظهرت منه بوادر الفساد، سواء كان في دعمه لسراق الاموال العامة، او تسابق الزمرة الحاكمة في تمليك الاراضي او حصر الاتفاقيات الاقتصادية وغيرها و غيرها، فعندها تحقق الفساد بالقوة او بالفعل.

فلافرق بين ان نسمي الحاكم ملكا أو أميرا، او رئيسا للجمهورية، او خادما للحرمين او الشعب او... فالتسميات غير مهمة بقدر ما الصفات التي يشملها الرئيس.

مضافا الى ان المباديء التي اقربها الشرع المقدس، في مثل الدول الاسلامية، او أقربها الدستور في مثل الدول الاوروبية، فالمبادئ هي التي تحدد اطار تصرفات الرئيس، والى هذا أشار امير المؤمين عليه السلام في بيانه للأيمان عندما قال: الايمان اما مستقر او مستودع، فالمستودع يتغير وينتقل من مكان الى مكان، بينما المستقر ثابت لايمكن تغييره مهما بلغ الأمر.

فالقانون هو الذي فسح المجال للحاكم الاستئثار في مثل دول الشرق الاوسط، ولم يسمح له في مثل الغرب بشكل عام، ومنعه من الاستئثار والتفرد في الحكم في مثل الشرائع السماوية بشكل عام، وفي الاسلام بشكل خاص. حيث قال: من ملك استآثر، ومن استأثر هلك، و ....

فالحاكم بطبيعة حاله اذا وجد القانون رقيب عليه والاحزاب (مثلا) تترصد خطواته فسيحترم نفسه وحدوده وبالنتيجة يحترم حقوق شعبه، ولكن اذا وجد الناس همج رعاع ينعقون مع كل ناعق، فسيتصرف بشكل آخر، بدءا من تغيير القانون لصالحه ومن ثم استعباد العباد واستحمارهم وهكذا دواليك.

اللهم اهدنا الى صراطك المستقيم

٣/١/٢٠١٦




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72497
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16