• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأقصدة والمَعصدة!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الأقصدة والمَعصدة!!


الأقصدة جوهر السلوك المتحقق في طبقات الأكوان , ولولاها لما تمكنت عجلة الدوران من التسرمد والدوام المطلق , وهي من الإقتصاد وتعني تدبّر الأمور بربحية ذات قيمة تنموية وتطورية أو إتساعية , فالكون لا يتسع لولا سلوك الأقصدة الحكيم المُتحكم ببقائه وتنامية.
وكل فكرة خالية من المفاهيم الإقتصادية مصيرها الفشل والخسران والسقوط في حفر النسيان , والتي تبقى أو بقيت منها , هي التي أدركت جوهر سلوك الأقصدة , وتدبرت مواطن التنمية والتفاعلات المعطاءة المدرارة المُحفزة المعززة للإنتماء إليها , فلا يمكن لمخلوق أن يلتزم بما يضره ولا يعزز ما فيه من إرادة فعل , وشعور بالقوة والثبات والقيمة والقدرة على التواصل والتأثير.
وبغياب مفاهيم ومعايير الأقصدة من آليات التفكير في المجتمعات المتأخرة , فأنها تستنقع في متاهات الخسران رغم ما عندها من الثروات الطائلة , لأن الثروات بلا أقصدة تتحول إلى هباء منثور , وإلى ضرر ووبال , فالنعمة تتحول إلى نقمة إذا إنسلخت عن مفاهيم الأقصدة.
وفي مجتمعاتنا ينتفي العقل المتأقصد , ولا تجد له دور في الحياة , ولا تأثير في صياغة أمر أو قرار , وإنما تتدحرج الأمور وفقا لهواها , وما تقرره الرياح الهابة من أي حدب وصوب.
فالأحزاب السياسية برمتها فاشلة لأنها لا تفهم بالإقتصاد , وحتى الأحزاب الشيوعية العربية فشلت فشلا ذريعا لجهلها بآليات تفكير الأقصدة , بينما الحزب الشيوعي في جوهر مبادئه ثورة إقتصادية بحتة , فتحول في مجتمعاتنا إلى نزق سياسي , وقدّم نفسه بصياغات مشوهة ومنحرفة.
ولايختلف عنه أي حزب مهما كان وخصوصا الأحزاب الإسلاموية , التي تمكنت من السلطة بلا خبرات ولا مفاهيم أقصدة , وإنما إنغمست في منحسرات ذات مخاطر أهاجت الذين معها عليها , وما أدركت ضرورات تفاعلات الأقصدة السلوكية , اللازمة لتحفيز البشر على التعامل الإيجابي , وتأكيد الإنتاجية العالية المنعشة للآمل والطموحات والتطلعات المعاصرة المتطورة.
وقد إتضح ذلك بالدول التي تسلطت فيها أحزابها الدينية , المجردة من رؤية الأقصدة , مما حولها إلى معصدة دمّرت الموجودات التي فيها وحولها , وحوّلت الواقع الذي تورطت فيه إلى مفسدة ومعضلة , فتكالبت على ربوعها الكواسر والوحوش , وأوردتها الشرور والنوازل التداعيات المريرة الخطيرة , وأفرغت خزائنها من الثروات , وحوّلتها إلى موجودات متسولة تابعة لإرادة الآخرين ومصالحهم , ومرهونة المصير بقراراتهم وتصوراتهم.
ولن يتحقق تقدم وسلام وإستقرار في هذه المجتمعات المنعصدة بالجهل والتجاهل , والغلو والفساد والسفه والحمق والنوازع السيئة , إلا بوعيها لمناهج الأقصدة وإدراكها بأن الأقصدة أولا وأولا , وكل شيئ يكون بعدها , فهل وجدتم معتقدا بلا أقصدة ونظاما سياسيا ناجحا مجرد منها؟!!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72072
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19