• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وحدة المعنى الإنساني!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

وحدة المعنى الإنساني!!

المعنى الإنساني المُعبّر عنه بالكلام والسلوك , وحتى الوقفة وطبيعة النظرة والإحساس والشعور , وأساليب التفاعل الخفية والظاهرة , ترى كيف يتآلف , وهل أنه حالة منعزلة أم متفاعلة مع مفردات وعناصر المحيط الكوني المتواشج مع المخلوق؟

لو أخرجنا الإنسان من كيانه البدني , ورأيناه ضمن الصورة الكونية الكبرى , لتبين بأنه تكثيف متناسق لنبضات الوجود الحي المتكامل المتفاعل الدوّار.

إنه محتوى مختصر لصيرورة أزلية أبدية , نابضة بالمستجدات الخصبة الواعدة بمطلق الولادات.
هذا المحتوى الكثيف يمثل حركة تفاعلية , ذات غايات ومنطلقات كامنة وخفية ,  قد يدركها أو يتصورها أو يتحسسها أو يجهلها أو يحسب أنه لعبة في يديها.

وحقيقة ما يبدو من الإنسان  , كالذي يبدو من جبل الثلج في مياه المحيطات , نرى شيئا منه ولا نراه , فنغنم بما يمكننا منه ولا نغنمه.

ووفقا لإمكانيات التواصل مع ذلك الجزء المرئي , بقدراتنا المعرفية ومناظيرنا الإدراكية , تكون الصورة ويتحقق التواصل , الذي يؤدي إلى نظريات وإستنتاجات تبدو وكأنها صحيحة وصائبة.

وكلما تمكن أحدنا من الغوص أكثر وتلمس حجم الموجود الفاعل , إزدادت قدرته على إستحضار رؤية أخرى , وإتسعت آفاق معرفته وتزعزعت أمامه ركائز نظريات طافية على وجه مياه المجهول.
ولهذا فأن النظريات لا تعرف الثبات , والصياغات تتجدد لسبر أعماق الذات والعقل والسلوك الإنساني.

وعندما يضاف إلى عناصر كينونته الطاقات الروحية , ومعارج المدارك العلوية , وسرعة الدوران البرهاني , والتجلي اليقيني , تصبح الصورة أبعد من قدرات الإنسان على وعي الإنسان.

وهذا يعني أن الإنسان قاصر عن الوصول إلى حقيقة الإنسان , فالذي يدرك الخفايا وطبائع الأعماق هو الذي أوجدها وصانعها , فالمخترع أدرى بما إخترعه , والصانع يعلم أسرار المصنوع , ولا يوجد فرد حي صانع , فكل ما يُصنع نتاج تفاعل عقول وعقول.

ولكي تدرك ما لم تصنع تحتاج إلى جمهرة عقول , ترى من زوايا ذات درجات معرفية معينة ,
ومع هذا التفاعل لا يمكن الخلاص إلى حقيقة المعنى , وإدراك جوهر الكينونة الذاتية والروحية والنفسية والعقلية للإنسان.

وفي هذا المعترك الصاخب , يقف المخلوق البشري متحيرا وساعيا إلى علياء الرؤى , وأنوار الإشراقات المتلألئة في مشكاة علم اليقين.

ولذلك فأن معارفنا قاصرة , ونظرياتنا نسبية , ومتفقة مع ما في أوعية مداركنا من معارف وعلوم. ومهما توهمنا المعرفة , فأن فوق كل ذي علم عليم , وأن البحر مداد الحروف المطلقة , التي لا يكفيها عطاءات السماوات أجمعين مهما تعاظم مدرارها الغزير.

فقل ربي زدني علما , وما أوتيتم من العلم إلا قليلا!!
وأن الإنسان لمعجزة كبرى , والعقل لكون مطلق فسيح!!
 فاسْألِ الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض , ويتساءلون عن كنه السر الأعظم , ويبحثون في جوهر المعنى الأكبر!!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70848
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29