• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المُقسّم يتقسّم!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

المُقسّم يتقسّم!!

كل موجودٍ يقبل القسمة على إثنين يمكن تقسيمه على أي رقم أكبر من إثنين , فالموجودات القوية الباقية لا تقبل القسمة إلا على واحد , ولا يمكنها أن تسمح لنفسها بالقسمة على غيره.

وقد أدركت القوى التي تريد أن تفترس غيرها بأن أسهل طرق الإفتراس تكون بجعل الموجود يقبل القسمة على أكبر من الرقم واحد.

وهذا يتجسد في قوانين الغاب , فلكي يتحقق الإفتراس من قبل الضواري , عليها أن تجعل القطيع يتقسم , فتهاجمه بأعداد كبيرة تهدف إلى زعزعته وتقسيمه والإنفراد بأحد أعضائه لتحقيق الإفتراس الإنفرادي المُجتَمِع , بمعنى أنها حالما تبعثر القطيع يسهل عليها الإنفراد بالفريسة المناسبة فتجتمع عليها لتأكلها , وتمضي في أسلوب تقسيمها للقطيع والإنفراد بما تناله من نتائج هذا التقسيم.

وقد حصل ذات الأسلوب في الدول العربية التي قبلت القسمة على عددها الكلي , وما تعلمت كيفيات عدم القبول بالقسمة إلا على واحد , فبعد تحقيق أقصى درجات التقسيم العربي , تم الإنفراد بأقواها وإفتراسه بمعاونة كل مقسّم متوهم بأنه سينجو من آلية الإفتراس , فدارت الدائرة على الباغين عليه.

والتقسيم طاقة مثلما التوحيد طاقة , وأية طاقة عندما تنطلق تحقق إرادتها وتتفاعل مع محيطها بآليات ما فيها وقدرات ذاتها وجوهرها , فالوحدانية الإسلامية طاقة مطلقة إنبثقت وتجسدت في ربوع الأمة على مدى قرون متعاقبة , وطاقة التمزق والتشظي إنفلتت في ربوع الأمة منذ القرن التاسع عشر , وتواصلت لتأتي بأكلها في عصرنا المعفر بالخسران.

وأية طاقة منطلقة تدخل في متوالية هندسية من التفاعلات المترجمة لمحتواها ومنهجها , وعندما تتوفر لها المعززات والعوامل المساعدة , فأن إنتاجيتها ستكون أكبر وآليات تفاعلاتها أسرع وأشد قدرة على توليد النتائج والعناصر القادرة على إعادة التفاعل في أوعية وأوساط أخرى.

ومن الصعب لجم جماح أية طاقة منفلتة في ربوع النفس البشرية , وتحديد مساراتها وتهذيبها , لأنها ذات قدرات تراكمية وإنفجارية هائلة ومدمرة للوسط الذي تتفاعل فيه.

ولهذا فأن الطاقة التقسيمية تكتسب تعجيلا ذاتيا وقدرات متجددة , ذات مسارات متفقة مع مبتدئها , ومتوافقة مع إيقاع إرادة إنطلاقها.

فما أن يبدأ التقسيم حتى يتمادى في صيرورات إنقسامية لا تهدأ , ولا تتواني في الإستعداد لمزيد من التقسيم والتقسيم , وهكذا فأن كل مُقسم يمتلك قدرات وطاقات النزوع إلى التقسيم تلو التقسم , وعليه فأن كل مُقسم في بلاد العرب أوطاني , سيتعدد ويتشطر إلى أقصى ما يمكن للإنقسام أن يكون , ما دامت طاقاته متراكمة ومنحبسة ومؤهلة لإنفجارات متوالية ومتنامية.

فالنفس منقسمة والروح والعقل والأرض والمعتقد , وكل ما يمت بصلة إلى الهوية الوحدوية لأمة فيها جواهر مؤهلات الإقتدار , التي تسخرها لتحقيق أقصى حالات الإنهيار والإندثار , فدام التقسيم بخير!!
 



 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70713
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20