• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جيناتنا الحضارية!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

جيناتنا الحضارية!!

قبل يومين كنت في مهاتفة مع أحد أصدقاء الصبا , فسألني : لماذا في رأيك الدول الغربية تفتح أبوابها للمهاجرين وكأنها خططت لذلك؟!!

فتذكرت مقالة كتبتها  قبل أ كثر من عشرة سنوات , وخلاصتها  , أن الدول الغربية ستزداد حضارة وقوة بتوافد المهاجرين من ديارنا إليها!!
وحجتي على ذلك أن أن هذه الدول تكتسب جينات حضارية نادرة كنيزة , ستتفتح فيها , لأنها تمتلك قدرات توفير الظروف الملائمة لإنطلاقها والتعبير عما فيها من جواهر الإبداع الأصيل.

وهذا يؤكده الدور الخلاق للعقول القادمة من ديارنا في بلاد المهجر , حيث تراها في مقدمة الآخرين ومن المتميزين.

إنها ثروة بشرية نادرة المحتوى , فلماذا لا تتسابق عليها الدول؟!!

ومشكلتنا الجوهرية أن مجتمعاتنا بأنظمتها لا توفر الظروف اللازمة لإطلاق طاقاتنا الجينية الحضارية , وإنما تدفعها للإنحراف إلى ما يعيقها ويبددها.

فجميعنا يكنز جينات متعلمة متحضرة متميزة خبيرة , ومنذ آلاف السنين, وهي تنتقل عبر الأجيال والعصور , وكلما تفاعلت مع جينات أخرى , تمكنت من الحصول على حرية التعبير عن طاقاتها.

ولهذا فأن المستقبل سيشهد تفتح جيناتنا في محيطات أخرى , بسبب التفاعل الحر القائم ما بين أبناء الدنيا ,
ومن الأمثلة القريبة عى هذا التفتح الحضاري المنير , أن " ستيف جوبز"مؤسس شركة "أبل" , نصف جيناته من ديارنا , فأبوه سوري الأصل.

وهذا يشير إلى أن الجين الذي كان كامنا في الأجيال التي سبقته , قد وجد الفرصة المؤاتية لكي يترجم ما فيه من الأفكار والطاقات.

وما يجري في بلداننا , إنما تعبير عن سلوك الجينات المخنوقة , الممنوعة من الوصول إلى إظهار دورها وفعلها الحضاري في المحيط الذي هي فيه , ولهذا تراها تميل إلى التفاعلات المدمرة الماحقة لوجودها الذاتي والموضوعي.

أي أننا نحمل جينات ذات نوعية حضارية عالية , تشهد عليها المسيرات التأريخية الطويلة بعطاءاتها المتوالية , فأجدادنا الذين إنطلقوا في مسيرتهم , قد أنشأوا وأوجدوا , جينات  تعاظمت ثقافتها وقدراتها وخبراتها وتواصلت مع الزمن , وبتعاقب الأجيال , إزدادت نضجا وقوة وخبرة , وهي التي تبرمج الفرد الذي يختزنها للقيام بالسلوك المعبّر عنها.

وسلوك الجينات كأي سلوك آخر , عندما لا يجد الظروف التي تؤهله لكي يتحقق , فأنه يكمن أو ينحرف. وبما أن طاقات الجينات التي فينا ذات إرادة عالية وطاقة فائقة , فأن كبتها يكون صعبا , ولهذا فهي تنبعج في إتجاهات متعددة , تؤدي بنا إلى الوقوع في صراعات وتفاعلات سلبية , في حقيقتها عبارة عن إنسكاب عشوائي , وتبديد لطاقات حضارية تريد أن تبني معالم وجودها المتميز , وهذا يفسر الكثير من سلوكياتنا , وما يجري في واقعنا.

فهل  سنعي هذه الحقيقة الحضارية , ونسعى لتوفير الظروف اللازمة للتعبير عن طاقات الجينات الكامنة فينا , لا أن نقتلها ونهجّر أصحابها؟!

د-صادق السامرائي
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68024
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28