• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : من هم المنتظرون للمهدي وإذا خرج سينقذ من؟ المنقذ المنتظر. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

من هم المنتظرون للمهدي وإذا خرج سينقذ من؟ المنقذ المنتظر.

جعل الله الإنسان مختارا ومنحهُ عقلا مبدعا رفعه به على سائر مخلوقاته . فكانت هذه الخيارات هي السبب في هلاك الانسان لأنه لم يُحسن استغلالها مع أن الله بعث من يُساعده على ذلك. فلو استجاب الناس لله وأنبياءه عند أول خطأ تسبب في طردهم من عالمهم المثالي كوكبهم الفردوسي لما بعث الله هذه الكم الهائل من الأنبياء والمصلحين. فلم تكن فترة الاختبار سوى مرحلة قصيرة يعود بعدها الإنسان إلى عالمه الذي ينتمي إليه لو أحسن استغلال هذه الفرصة الممنوحة له.

الجنة سابقة للنار في خلقها وذلك لأن رحمة الله سبقت غضبه، ورحمته واسعة وسعت السماوات والأرض وجنته وسعها السماوات والأرض. (1).فانظر إلى سعة الجنة وضيق مكان النار فهي في حيزٍ صغيرٍ من السماء تُرمى فيها النفايات.

طُرد هذا المخلوق من عالمه المثالي على أمل أن يعود إليه مرة أخرى إن هو احسن صنعا ولكن عليه ان يجتاز مرحلة الاختبار ويستغل الفرصة التي منحها الله له على ظهر هذا الكوكب الذي مهده الله لسكناه المؤقت. ورأفة من الله بهذا المخلوق الضعيف أرسل لهُ نماذج مثالية من بني جنسه (2) ليُعينوه على الرجوع إلى عالمه الذي لا موت ولا شقاء فيه. ولو التزم الإنسان منذ البدء لكنّا الآن نتنعم بالكوكب الفردوسي موطننا الأصلي.
وهكذا توالت عملية الاختبار عبر مسيرة البشرية ، الله يرسل الأنبياء لمساعدة البشرية على الرجوع لعالمهم والبشر يقتلون هؤلاء الأنبياء ويُكذبونهم ، ويوما بعد يوم تستحكم نوازع الشر وتحل بدلا من الملكات الفاضلة السامية التي يتمتع بها الانسان.

الله وضع عمرا محددا لوجود الانسان على هذه الأرض وجعل فترة الاختبار تنتهي بانتهاء عمر الانسان فإن هو احسن استغلال هذه الفرصة في هذا العمر القصير نجح وفاز ، ولكن سرعان ما تدهورت الاخلاق وانحدرت نحو مستويات خطيرة كلما اقتربنا من خط النهاية ، فبعث الله للبشرية آخر نبي يُحذرهم ويُنذرهم ويقول لهم : (بأنه بُعث والساعة كهاتين) . وقال لهم الله : (اقتربت الساعة وانشق القمر) . ولكن هذا الانسان لم يقنع مع علمه باقتراب الساعة : (يسألونك عن الساعة) . ثم اخبرهم النبي بكل الطرق التي سوف ينجون لو تعلقوا بها ، ولكن (فأبى أكثر الناس إلا كفورا). (3)
تحرك هذا المنقذ بكل ما اوتي من قوة لإنذار الناس وتخويفهم ، ثم قال لهم وبكل وضوح وهو يضع رأسه على وسادة الموت (أيها الناس؛ قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي).(4) ولكن أيضا اهملوا القرآن وخذلوا العترة لا بل قتلوهم . إلا فئة قليلة تمسكت بما قاله النبي (ص) ونفذت وصيته فكانوا اقلية مضطهدة عبر التاريخ واول من بدأ ذلك اربعة كان عالمهم الفردوسي يحنّ لهم الجنة تشتاق لهم ويحبهم الله ورسوله : وهم (علي بن أبي طالب ، عمار بن ياسر ، المقداد بن الاسود ، سلمان الفارسي).(5)
وهؤلاء تخرجوا من المدرسة الأولى التي زرعها رسول الله وسقاها علي بن أبي طالب فأثمرت ولاءا منقطع النظير اسس لمدرسة التشيع الأولى فكانت هذه النواة الأولى التي بُنيت عليها نظرية الولاء والانتظار ، فكانت هذه الفئة القليلة المستضعفة تسير مع الانبياء في مراحلهم فكان الخط المنحرف لهم بالمرصاد فأمعن فيهم قتلا وتعذيبا واقصاءا ، ولكن الفئة المؤمنة بقيت صابرة تتحمل كل الصعاب من اجل ديمومة عقيدة الولاء والانتظار. وهكذا جاء كل نبي ومعه إثنا عشر مصلحا اماما هاديا يستمرون من بعده في محاولة انقاذ الناس والرجوع بهم إلى عالمهم المنشود.

وبقي عدد هذه الفئة القليلة الناجية المستضعفة يتنامى في عملية تحد ضربوا فيها اروع الامثلة على الولاء والحب والصبر.فكانوا وبحق مصداق القول : أن القتل يزرعهم.

من كل ذلك يتبين لنا أن عقيدة الانتظار هي ذروة التخطيط الإلهي للوصول بالبشرية إلى قائدها المنشود الذي انتظرته الامم قبلهم فماتوا وهم في حسرة لأن يكونوا معه مناصرين. لم يبق من عمر الدنيا إلا القليل وهذا ما اخبرتنا به الروايات الصادقة ودلتنا عليه العلامات التي بدأت بالظهور يوما بعد يوم حتى يخال لك أن الأرض ومن عليها في مخاض عسير والناس يترقبون لحظة الولادة التي يُحاول الكثيرون اجهاضها قبل أن تولد لتضرر مصالحهم.
مات الكثيرون وبقي القليل وهم ينتظرون ويواضبون على الانتظار متحملين من اجل ذلك شتى ضروب المحن والالم . مع علم الانسان بأن عمره قصير وان الاختبار سينتهي بنهاية هذا العمر إلا انه يصر على العناد والمكابرة ، ولكن عندما يحل الأجل ويرى الانسان بعين غير العين التي كان يرى بها عندها يعرف مقدار الخسارة التي لحقته جراء عصيانه وادخلته عالما لا رجوع فيه ولا توبة ، حيث سيرى الأنبياء وخلفائهم الذي بذلوا الجهود الجبارة من أجل انقاذه من مصيره الاسود ، سوف يراهم على الأعراف (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم). (6) وسيكون الميزان علي بن أبي طالب عليه السلام الذي سوف يسوق الناس إلى مصيرهم إما إلى جنة أو إلى نار خالدة، وهذا ما اجمع عليه المسلمون كافة من أن عليا (قسيم النار والجنة). (7)

الاحداث تتصاعد لصالح الفئة المؤمنة المستضعفة وفي كل يوم يزداد عددهم وتقوى شوكتهم وكأن التاريخ يُغربلهم وهم في شوق كبير للقاء قائدهم ومنقذهم الذي سيحل قريبا انشاء الله بين ظهرانينا ليملأها قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا. ومن هنا فإن احد اسماء المهدي أنه المنقذ المنتظر.

الانتظار لا يعني اننا نجلس ونضع ايدينا على الخدود . الانتظار هو ما يُجسده اليوم الحشد الشعبي بكافة فصائله في أروع عملية استعداد ممهدة للظهور الميمون.

فمن هم المنتظرون له ؟ وإذا خرج فسوف ينقذ من ؟ ؟

المصادر:
1- (سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ). سورة الاسراء آية : 93.

2- وهو قوله تعالى في سورة آل عمران 133 : (وجنة عرضها السماوات والأرض).
3- سورة الفرقان آية : 50 .

4- أخرجه جمعُ كثير من أئمة الحديث وهو من الاحاديث المتفقة بين الشيعة والسنة.

5- أخرجه أبو يعلى في المسند ( 5 / 164 / 2779 ) و ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 43 / 385) والحاكم في المستدرك 3 / 137.قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد.
6- سورة الأعراف آية : 46.

7- ما جاء في تاريخ دمشق 301/42 :من طريق أبي حامد الحضرمي قال سمعت أحمد بن حنبل وقد سأله رجل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم علي قسيم النار فقال نعم لقول النبي صلى الله عليه وسلم يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وقال الله عز وجل: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فمن أبغض عليا رضي الله عنه فهو في الدرك الأسفل من النار، ورواه أيضا ابن أبي يعلى في الطبقات 358/2 .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65005
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16