قبل أيام إتصل بي أحد الزملاء , وهو رئيس تحرير موقع معروف منذ أكثر من عشرة سنوات , قائلا "مرحى بكل ما نحتت أناملك على لوحة مفاتيحك....."!!
توقفت عند كلماته وقلت: رحم الله القلم!!
فما عادت الكتابة بالقلم وإنما بلوحة المفاتيح أو الكيبورد , وتنبهت إلى أني لم أواكب العصر, لأن الورق والقلم لا يزالان يمنحاني المتعة وخصوصا الكتابة بالحبر.
فلا يمكنني أن أتصور الكتابة بغير قلم!!
ورحت أراجع نفسي وأسأل غيري وأجمع ملاحظاتي , فتبين لي أن الكثير من المدارس في العالم ما عادت تحتاج للقلم , ولا تعلّم الكتابة به , وإنما الأطفال يكتبون على الكيبورد , وأكثرهم لا يعرف كيف يمسك بالقلم!!
سألت أحد الأخوة : هل سيصبح القلم تأريخا؟
قال: من المحتمل ولكن بعد حين!!
غير أن الواقع يشير إلى أن البشرية ستستغني عن القلم في العقود القليلة القادمة , ولن تجد إلا القليل من الذين يعرفون الكتابة بالقلم!!
تلك ملامح بداية رحلة وداع القلم , ولن تجد مَن يعرف الكتابة به , وإنما بالكيبورد وحسب , بل ويُخشى أن يفقد البشر الكلام ويمضي متفاعلا بأنامله!!
تلك أحد وقائع عصرنا , الذي يزدحم بالمتغيرات السريعة , والتفاعلات الوجيعة الساعية إلى تغيير طبيعة الحياة وقوانينها , التي عرفتها الأرض منذ ما لا يُحصى من آلاف السنين.
فهل فقدان مهارة الكتابة بالقلم ستؤثر على مراكز معينة في أدمغتنا , وتحقق ترابطات جديدة ذات معطيات غريبة؟
لا يمكن الإجابة إلا بعد عقود , لكن الملاحظ أن أطفال اليوم عندما تخاطبهم , تجد أن أصابعهم تتحرك قبل ألسنتهم , بل أن بعضهم لا يحسن التعبير بالكلام , ولا يمكنه أن يكتب بالقلم , لكنه أسرع من البرق على الكيبورد.
ترى عندما يفقد القلم قيمته , هل سيفقد الكتاب دوره وأهميته في الحياة الإنسانية , ويتنازل العقل عن دوره؟!!
د-صادق السامرائي |