• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جيل الصحابة الأول وثقافة الكراهية. الجزء الرابع والاخير .مآسي الإسلام الكبرى وظهور الحركات التكفيرية .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

جيل الصحابة الأول وثقافة الكراهية. الجزء الرابع والاخير .مآسي الإسلام الكبرى وظهور الحركات التكفيرية

ولم يكد ينتهي العصر العباسي حتى أرتكب السلاجقة مذبحة كبيرة بحق الشيعة في بغداد وأحرقوا دورهم ومكتباتهم وفيها فهرب الشيعة وبينهم الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف ولم يكتفول بذلك بل قاموا بقتل شيخ الشيعة أبو عبدالله وخيرة العلماء آنذاك واحرقوا مكتباتهم ودورهم ومحلاتهم التجارية.
ثم وظفت الدولة الفتوى كسلاح مؤثر وفاعل في عملية أدارة المعركة ضد الشيعة والتشيع وكان على رأسهم أبن تيمية الذي اجمع العلماء على كفره واحراق كتبه وهو من أوائل المنظرين الذين أفتوا بكفر الشيعة وجواز محاربتهم وقتلهم . 
ولقد كانت هذه الفتاوي تفتح الطريق للحكام وقادة الجند لشن حملات الأبادة والقتل ضد الشيعة وتمنحهم الجواز بذلك وتفتح باب الأجتهاد للسلاطين باستخدام الوعاض من شيوخ الفتنة من ضعاف النفوس ليجوزوا لهم قتل الناس وأستباحة دمائهم كما فعل وعلى اثر ذلك تأسست الحركة الوهابية التكفيرية التي افرخت مجموعة من اقذر التنظيمات الارهابية امثال : (تنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام وجيوش داعش والنصرة ومجاهدوا خراسان والشباب المجاهدين وأجناد الأرض وأنصار بيت المقدس والتكفير والهجرة والنقشبندية) والله يستر من الآتي. 
ثم جاءت الدولة العثمانية فعمقت من ثقافة الكراهية حتى أن قاضي القضاة فيها الفقيه نوح الحنفي أفتى (بإباحة دماء الشيعة وأموالهم وأعراضهم تابوا أم لم يتوبوا) .ولا ينسى التاريخ ما قام به السلطان العثماني (سليم الأول) في حملته لأبادة الشيعة في بلاد الأناضول من دون سبب يُذكر في مجزرة راح ضحيتها من الشيعة ما بين ( 40- 70 ألفاً ) حيث مهدت له فتوى الشيخ نوح الحنفي مفتي الديار العثمانية العمل بذلك وأجازته له بل حرضته على ذلك كما يذكر أبن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء 12 حيث يقول ( كما أفتى الشيخ نوح الحنفي بكفر الشيعة واستباحة دمائهم سواء تابوا أو لم يتوبوا فأغاروا على حلب وقتلوا ما يزيد على خمسين ألفاً وتحول القسم الأخر إلى المذاهب السنية الأخرى وفرالباقون إلى القرى المجاورة لمدينة حلب مثل نبل والزهراء والفوعة ولم تقف فتواه بهذا الحد بل أستمرت بتحريض السلطان سليم الاول ليقترف جريمة أخرى تضاف إلى سجل جرائمه بأن قتل أكثر من ( 44 ألفاً) في كسروان كلهم من الشيعة الذين هربوا من بطشه الى جبال بلاد الشام ليحتموا بها من غدره وقتله لهم 
ولكن الشيعة نسوا كل تلك الإساءات وهبوا لنصرة الدولة العثمانية في صد المحتل الفرنسي والانكليزي في جنوب لبنان والعراق ، في حين دخل الانكليز إلى المناطق التي تتمتع بغالبية سنية بكل سهولة .وعلى أثر ذلك قال السلطان عبد الحميد أخر سلاطين آل عثمان : (كنا نتوقع أن يخذلنا الشيعة ويتعاونوا مع الانكليز لما عانوه على أيدينا من اضطهاد ولكن تبين لنا العكس) .
وهكذا تسببت المذاهب السنية في ضياع كل الإمبراطوريات الإسلامية ومنها أخيرا الدولة الإسلامية العثمانية أيضا وتم تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات يحكمها حكام عملاء للإنكليز صبوا جام غضبهم على الشيعة لكونهم ( الروافض) الحقيقيون لحكم العملاء والمأجورين ، فكانت سياسة الكراهية من أهم ركائز هذه الدويلات فعاد القتل في الشيعة في كل بلاد العالم الإسلامي فأنظر لحالهم في السعودية التي حرم مفتيها ابن باز ذبائح الشيعة وحلل دمهم والبحرين حيث يعتبر الشيعة فيها مواطنون من الدرجة الثانية والعراق حيث قتل منهم صدام الملايين. ومصر حيث تتهم الدولة بتشكيل بؤر شيعية وباكستان حيث تفجر مساجدهم ويتم تصفية علماءهم وغيرها وغيرها من البلاد . وعندما أعلنت إيران قيام دولتها الإسلامية وأعادت الأمل إلى قلوب المسلمين قامت قيامة هذه الدويلات السنية وعمقت من روح الكراهية ضدها وأصدرت الكثير من الكتب والنشرات والصحف وقام الكثير من الخطباء وغيرهم بكيل التهم إلى الشيعة ووقفوا صفا واحدا خلف صدام ليشن حربه ضد الدولة الإسلامية. 
إن من أهم واخطر إفرازات سياسة الكراهية عبر التاريخ هو حالة ( الإرهاب) التي نراها الآن تشيع في كل أرجاء العالم ،لقد كانت وبحق تتويجا لسياسة الكراهية الملعونة التي أسسها (( السلف الصالح )) ! واستغلها أعداء الاسلام ، لأن الذين يقومون بها يعلنون صراحة أنهم يقلدون السلف الصالح فكانت في بداياتها دعوة سلفية تمخضت عنها الحركة الإرهابية التي أمعنت في التطرف إلى أقصى المديات . 
وأخيرها وليس آخرها رمي الشيعة بتهمة التعاون مع الأمريكان في العراق وكأنهم نسوا أن الذي جلب الأمريكان هو صدام السني الحنفي المذهب الذي هجم على الكويت ذات الغالبية السنية أيضا ، وادخل العالم الإسلامي وغير الإسلامي في دوامة هائلة جلبت الأمريكان وغيرهم ، وهذا ما يعرفه الخاص والعام علما أن كل دول الطوق التي تحيط بالعراق سنية ، تحولت إلى قواعد أمريكية تقدم كل العون لهم وهي ليست شيعية ما عدا إيران فبينما تطالب إيران بتشكيل جيش إسلامي لحل مشاكل العالم الإسلامي تستدعي الدول السنية الجيوش الصليبية لحل مشكلات العالم الإسلامي وبينما أضاع السنة فلسطين يقوم شيعة لبنان بنصرتهم وتعريض أنفسهم للخطر من أجلهم بينما تعمق القيادات الفلسطينية روح الكراهية ضد حزب الله الشيعي ، وهكذا تلعب روح الكراهية في العراق اليوم دورا كبيرا في إزهاق أرواح ألوف الشيعة قتلا وتهجيرا نساء وأطفال رجال شيوخ وعجائز لا تفرق بين احد منهم على يد العصابات التكفيرية وغيرهم .
أن أعظم محنة واجهها الأسلام أنه تحول وبعد وقت قصير من رحيل نبي الله محمد (ص ) من دين وعقيدة إلى دولة وزعامات وكراسي خلافة وملك عضوض حولت الناس أمماً وشعوباً وقوميات وأعادة العرب إلى الجاهلية الأولى حيث قسمت الناس طبقات ومنازل القريشي فالعربي فالاعجمي والأحرار فالموالي فالعبيد ومن ثم دخلت في عمق الدين فحولته إلى مالكي وحنبلي وشافعي وحنفي وجعفري وفيها بدأ الاستعداء والمفاضلة حتى أنتقل إلى الأقصاء والتكفير ليصل الأمر إلى ما نراه اليوم من انحراف مريع في المفاهيم والقيم وظهور تشكيلات ارهابية خطيرة اساءت للاسلام والمسلمين وكلها من رحم تلك المدرسة الأولى التي اسسها جيل الصحابة الأول.
إن الشيعة ومنذ مئات السنين كتبوا آلاف الكتب التي تدعوا للمحبة والتسامح والوحدة وعقدوا الكثير من المؤتمرات والندوات ، وبالمقابل كتب السنة مئات الكتب تبيح دم الشيعة وتكفرهم وتعمق من سياسة الكراهية . ويتبلور موقف الشيعة بصورة عامة ضد سياسة الكراهية في قول الإمام الخميني عندما قال في توصياته لمؤتمر الوحدة الإسلامية المنعقد في طهران : (إن الذين يفرقون بين السنة والشيعة هؤلاء ليسو من الشيعة ولا السنة) . 
فمن الذي يعمق سياسة الكراهية ويشيع الإرهاب ؟
(بل جاءهم الحق وأكثرهم للحق كارهون) .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55823
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18