• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عجائب الرؤى؟!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

عجائب الرؤى؟!!

عندما تعيش حالة وتقترب من حالة كنت تعيشها , تشعر بأنك كالذي كان غاطسا في الماء وأصبح الآن فوقه , أو كالذي أمضى أيامه في دهاليز الكهوف الظلماء وقد أبصر النور وأدرك ما أدرك من هذا العالم الساطع.

 

ينتابني شعور أليم حزين مرير عندما أتابع أحاديثنا وخطابات مَن يسمون أنفسهم قادة أو ساسة , وما تكتبه العديد من الأقلام في الصحف والمواقع.

 

ذلك أن ما يدور في أروقة وجودنا العربي مفردات وتصورات ومعتقدات , خارجة عن نهر العصر الجاري بإندفاق وثاب  نحو أهداف ومنطلقات لا محدودة.

 

أشعر بالإختناق والأسى واليأس , وأكاد أن أصرخ مستنجدا بطاقات الوجود ,  أن تنتشل مجتمعاتنا من سيادة الضلالات والبهتان ,  وأن تعيد العقل والروح للوجود العربي في كل مكان.

 

قد يستغرب البعض أو الكل من هذا الكلام , لكن ما يدور في عالمنا العربي , كالذي كان يدور في عصور ما قبل التأريخ بآلياته وسلوكياته وتفاعلاته , مع إختلاف الأدوات والقدرات في التنفيذ والتعبير.

 

العالم العربي بأسره يكاد يكتب شهادة إنقراضه وضياعه بيده وبإختياره , بسبب الوعي المنفي والجهل الطاغي والأمية السائدة.

 

فأمة إقرأ ما عادت تقرأ , ليس بالمعنى الحرفي للكلمة وحسب , وإنما بالمعنى الإدراكي , فالقراءة تفكير وتأمل وإعمال للعقل والحواس وإنبثاق للحكمة , وآليات تحقيق السلوك الصائب المساهم في التقدم والرقاء.

 

فمجتمعاتنا وبمستويات متفاوتة تعيش حالة إستنقاعية تأسنية قاسية , وكأنها المياه الراكدة التي تتكاثر فيها الآفات الضارة , ويتصاعد منها ريح العفونة , ويقل فيها أوكسجين الحياة , وتأكل موجوداتها بعضها البعض لكي تتوهم بالبقاء , وهي تحت رحمة قِوى قادرة على ردمها والخلاص منها أنى تشاء.

 

فما يجري في مجتمعاتنا , متوالية هندسية إنقراضية محسوبة ومدروسة بدقة وإحكام.

حتى أصبحنا عاجزين على إقامة دولة وإطعام أنفسنا وحمايتها , وفشلنا في صناعة سلاحنا , ونتوهم بالقوة والسيادة.

 

مجتمعاتنا فاقدة للأمن المائي والغذائي والصناعي والعمراني , ومتأخرة جدا في بناها التحتية   , وتحرق نفسها بالنفط الذي حولته إلى نقمة ووسيلة للحروب والصراعات.

 

وعقولها مشغولة بحل مشاكل الذين ماتوا قبل مئات السنين!!

وبإسم الديمقراطية تحقق مجتمعاتنا إحتفاليات الإنتحار الجماعي الباسلة المتوجة بالدين.

وكلها تردد إياك نعبد وإياك نستعين , عدة مرات يوميا , وهي تمضي في الصراط اللامستقيم!!

 

فهل نحن مجتمعات موجودة وحية أم مغيبة وموؤدة في غياهب الضلال؟!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55124
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 12 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29