• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدجال في الديانات الثلاث. الجزء الأول .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

الدجال في الديانات الثلاث. الجزء الأول

 

أجمعت التفاسير اليهودية على أن (المسيا) او الماشيح الذي ينتظرونه سوف يكون خاصا بالامة اليهودية حيث سيجمع شملها بعد طول شتات ويؤسس لها دولتها ويحقق لها احلامها في حكم العالم واتخاذ البشرية التي ظلمتهم خدام لهم حراثين اراضيهم وجامعين لكرومهم . كما سيأتي بيانه في حقل اليهودية والدجال .
واجمعت التفاسير المسيحية المفسرة لنص سفر دانيال (11) على ان المجيء الثاني للسيد المسيح سيكون من اجل القضاء على (الدجال) الذي رمزت له بإسم (الوحش) ووضعت له رمزا رقميا آخر هو (666) وقالت التوراة بأن الدجال إنسان وليس حضارة او دولة ، والذي سوف يستعصي امره على البشرية جمعاء حيث سيتسبب في انحراف مريع في المفاهيم الدينية ويُجيّش الجيوش من اجل ان يفرض حكومة (الُمضطِهد المقاوم إبليس) الذي ينتظر من الدجال انجاز مهمته ، في تلك الساعة ينزل السيد المسيح حيث انبأ الكتاب المقدس بذلك : ((إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء. هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين)).(1)
ولكن الانجيل كان اكثر وضوحا من التوراة حيث قال بأن يسوع لا يأتي وحده بل سوف يأت مع قائد آخر اسمهُ (القائم) وهو ما نراه واضحا في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15: 12 يقول إشعياء: ((سيكون أصل يسى والقائم ليسود على الأمم، عليه سيكون رجاء الأمم)).
السؤال هو : لماذا سوف يأتي السيد المسيح ، وما الغاية من رجوعه ؟ لابد ان هناك مهمة سوف يقوم بها السيد المسيح وهذه المهمة على درجة عالية من الخطورة لكونه في حضوره الأول لم يستطع اكمال مهمته لوقوف اليهود والوثنيين والدولة الرومانية ضده لا بل ان اقرب المقربين إليه باعه بعشرين قطعة من الفضة وتسبب في تلك المأساة المروّعة التي تسببت في رحيل السيد المسسيح فحرمت البشرية من قيام المسيح بقتل الدجال وانقاذ البشرية من شرّه والتمهيد للحكومة العالمية العادلة التي سوف يتطلب التهيأة لها خمسمائة عام أخرى تقريبا في حال لم تتحقق على يد السيد المسيح في مجيئه الأول لكي تبدأ مرحلتها الأخيرة على يد نبي ستكون نهاية عالم الاشياء على يديه بعد ان تُحقق رسالته العدل والسلام المنشودين في التخطيط الإلهي.وبهذا سوف تكون عودة السيد المسيح الثانية لها اسباب كثيرة لعل اهمها هي قتله (الدجال) الذي لم يستطيع ان يُحققه في مجيئه الأول.
واما في الاسلام فقط جاءت الامور بيّنة واضحة حيث اعتبر الاسلام ان قضية الامام المهدي (القائم) هي قضية عالمية سوف ينال فائدتها كل شيء موجود على هذه الأرض ، واعلن القرآن وبكل وضوح انه لا تمييز عنده بل ستكون عملية الانقاذ للجميع . لكل مستضعف هيمنت عليه قوى الشر والظلام فقال تعالى في سورة القصص : 5 ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)).(2)
لقد كان هدف جميع الأنبياء واحد انقاذ الانسان من حبائل الشيطان وارجاعه إلى عالمه الذي اخرجته منه ميوله وغرائزه التي احسن الشيطان استغلالها فأوقع بهذا المخلوق الذي لم يُحسن استغلال القابليات الهائلة التي منحها له الله ولم يُحسن استغلال ملكات العقل الجبارة ولعل اهم نقطة ضعف عند الانسان هي (النسيان) حيث يعتمد الشيطان على هذه الملكة التي كانت نعمة للإنسان ، فاستغلها الشيطان احسن استغلال وحولها إلى نقمة للايقاع به وجذبه معه إلى قاع الهاوية واخلاده في العذاب المهين. (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ).
ومن هنا كان لابد للسماء ان تتدخل لانقاذ البشرية من مخالب هذا المُضطهِد المقاوم كلما عتى واستكبر وافسد في الإرض، فكان انقاذ البشرية الأول على عهد (نوح) ولكن هذا المضطهد المقاوم الدجال المخادع استطاع النجاة ، وهكذا تتالت اعمال انقاذ الانسان في مواطن كثيرة حيث تتدخل السماء في اللحظات الحرجة التي تُشلّ فيها قدرات الانسان وتعجز عن دفع الشر الذي يقصده .
فانقذهم من يد فرعون بأن فلق لهم البحر واطعمهم في البرية سنين طويلة. وكذلك وانقذهم في (بدر) . (3) واماكن أخرى حيث انزل عليهم ملائكة الحرب يقودهم رئيس اركان السماء الحربي (ميكائيل) يقود قوات السماء لدحر قوات (المقاوم الشرير) وجيوشه الغير منظورة : (قال اني ارى ما لا ترون) .
ميكائيل هذا سوف يعود مرة أخرى إلى الأرض ينزل مع السيد المسيح ليكون تحت امرة (القائم) الذي جاء ذكره في كل الديانات وانه امل الشعوب ومخلّصها من الوحش. 
الدجال في اليهودية .
اليهودية حصرت مسألة اليوم الأخير وظهور المنقذ (مسياهم العسكري) حصرتها فقط باليهود، فهو منقذهم وباني هيكلهم على اشلاء العالم الذي سوف يُحطمه لهم ليُقيم لهم مملكة لن تنقرض يكونوا فيها اسياد العالم ، وبقية البشر خدام يوفرون لهم الرفاه بكل انواعه .
فاليهودي في مملكته المرتقبة الموعودة سوف يسمح لفئة قليلة من البشر بالعيش (حمير خدمة) ولكنهم غير قادرين على رفع السلاح بوجه اسيادهم اليهود. فقط يعملون ليُقدموا نتاج عملهم لليهود(4)، وقد جاء على لسان كبير حاخاماتهم ما مفاده : (إذا سمحنا لهم بالحياة فنحن نمن عليهم وكذلك نعطيهم اجرا جيدا). 
الطوائف اليهودية لم تتفق على شخصية دجالهم (المسيّا المخلّص) ويوجد خلاف حاد بينهم حول طبيعة هذا المنقذ لليهود والباني لمجدهم الضائع الذي يجمعهم من شتات الأرض ، ولذلك نرى ان بعض اليهود يُعارضون قيام دولة إسرائيل لانها من مختصات (المسيا) فالاختلاف حول العصر المسيّاني او طبيعة المسيّا لم يتم حسمها بينهم فالبعض يرى أن (المسيّا) شخص ، أشارت له التوراة ، والبعض الآخر يراه (عصرا) مسيانيا كاملا تتحد فيه كلمة اليهود لاستئصال الشر عبر وسائل الدمار التي سوف يحصلون عليها ويستخدمون فيها المسيحية وبعض عملائهم في القضاء على خصومهم. لأن اليهود بحاجة إلى العمق البشري لكونهم اقلية في هذا العالم.
لقد حصر اليهود الدولة العالمية فيهم ولم يُشركوا الامم معهم بل ان جميع النصوص التي وردت في التوراة تؤكد على احياء مجد اليهود وقيام حلم إسرائيل الكبرى من البحر إلى البحر ، ولو استعرضنا النصوص التي تتحدث عن ذلك لاشارت اشارة واضحة إلى انانية مفرطة وفكر خطير لا علاقة له بما انزله الله تعالى في كتبه.
وهذه بعض النصوص التي وردت في التوراة والتي تُجسد أنانيتهم وخبثهم ومكرهم للشعوب.
1- تأسيس مجلس قيادة العالم فقط من اليهود : سيعاد تأسيس سنهدرين (مجلس حكماء اليهود). إشعياء:1/26.
2- حصر القيادة بالهيود : ((عندما سيملك المسيا، سيتطلع إليه قادة جميع الأمم ليكون قائدهم)) انظر سفر إشعياء:2/4.
3- الدين فقط اليهودي وعبادة إله إسرائيل (العجل أو عزرا ــ العزيز ــ) سيقوم كل العالم بعبادة الله الواحد إله إسرائيل. إشعياء:2/ 17.
4- القائد الأعلى للكرة الأرضية سيكون فقط من اليهود : سيكون المسيا من نسل الملك داود ومن نسل الملك سليمان. إشعياء:11/1.
5- سيكون المسيا إنسان من هذا العالم، وسيكون (يهوديا فطنا) خائفا لله. إشعياء:11/2.
6- الشر والطغيان لن يكونا قادران على الوقف في وجه قيادته. إشعياء:11/ 4.
7- إله اليهود سيكون هو الحاكم للعالم : معرفة الله سوف تملئ العالم . إشعياء:11/9.
8- ستكون كل الشعوب تحت امرتهم . سوف يضم ويجذب كل الشعوب من مختلف الثقافات والأمم. إشعياء:11/10.
9- سوف يعود بفضله جميع اليهود إلى أرض وطنهم. إشعياء:11/12.
10- سيكون المسيّا هو الله : سوف يبتلع الموت للأبد لن يكون هناك بعد جوع أو مرض والموت سوف ينتهي. إشعياء:25/8.
11- المسيّا (الدجال) يُحيي الموتى . سوف يقوم جميع الموتى. إشعياء:26/19.
12- ستكون احلى إيام اليهود وعرسهم الأبدي . سوف يعيش اليهود متعة وفرح أبدي. إشعياء:51/11.
13- سيكون دجالهم رسول سلام : سوف يكون رسول سلام. إشعياء:52/7 .
14- ستكون كنائس الدجال المكان الوحيد للصلاة : بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم إشعياء:56/3-7.
15- من دون تعليق : سوف يكون اليهود مرجع كل العالم في القيادة الروحية زكريا:8/23.
16- مدن إسرائيل المهدمة سوف تعاد : حزقيال: 16/55.
17- السلاح سيكون بيد اليهود فقط : سوف تدمر أسلحة الحرب حزقيال:39 /9.
18- سوف يعاد بناء المعبد (الهيكل) ويعاد تطبيق الشرائع التي أوقف العمل بها حزقيال:40.
19- سيدرك اليهود التوراة ويفهموها دونما الحاجة إلى دراستها. إرميا:31/33.
20- سيحقق الدجال كل رغباته : سيعطيه الله كل رغبات قلبه. المزامير:37/4.
من كل ما تقدم نفهم أن مسألة الدجال مسألة عالمية قد لا تختص بدين معين او امة معينة ولكن بما أن اليهود اعطوه هذا الحجم الكبير ونسبوه إليهم فهو إذن صنيعتهم ولكن يبقى السر الأكبر لماذا رمزوا له بالرقم (666). هذا ما سنقرأه في الجزء الثاني.
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني .
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــــــ
1- سفر أعمال الرسل 1: 11 و:سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 1: 7.
2- آيات كثيرة كلها تُبشر البشر قاطبة بأن اليوم الاخير من عمر البشرية يعود بالنفع عليهم جميعا كما نرى في سورة الانبياء 105 (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) . وهذا ما نراه واضحا في الزبور حيث جاء في المزمور 37: 18 (إن الله يعلم أيام الصالحين وسيكون ميراثهم أبدياً).وكذلك في 2 المزمور 37 جملة 27 : (لأن المتبركين بالله سيرثون الأرض، وسينقطع أثر من لعنهم.. ). ولكن اليهود يقولون بأن كل ذلك المقصود منه هم امة اليهود.
3- وهو ما ذكره القرآن بقوله : (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون ...إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين).
4- حيث نرى ذلك واضحا في سفر صموئيل الثاني 8: 2 ((وضرب الموآبيين وقاسهم بالحبل. أضجعهم على الأرض، فقاس بحبلين للقتل وبحبل للاستحياء. وصار الموآبيون عبيدا لداود يقدمون هدايا)). فهنا يتم الابقاء على بعض الناس احياء عن طريق الحبل حيث يُقيسون بالحبل القياس الاول يُقتل والثاني يبقى حيا لكي يعمل ويكدح ثم يُقدم ثمار كدحه لليهود ياكلونه وهم جالسون مرفهون.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=54112
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 11 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28