• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : انكسار الدهشة .
                          • الكاتب : خديجة راشدي .

انكسار الدهشة

....يَوْمَها أصيب بحالة من الذهول، انكمش تحت مظلة الكمد معتنقا الصمت، دخل في فوضى من التغيير، بُغية تكسير نمطيته المعتادة، غيَّر الأمكنة وامتطى الأزمنة حتى نكهة قهوته ...أقلامه... دفاتره...يستجديها بكل السبل وهي في دلال وعناد حارق، توقف هطول نُدفها فجأة، لم تعد تصافحه، باردة مدفأة فكره، يهدهد جذوة الروح لكي ينفجر زخمها المُتدار تحت معطف الغياب...
تتمايل أطيافا أمام وجْدِه، لم يستطع الإمساك بها فجلس قرب أصُصَه التي تُراقص الجلنارعلى ترانيم الفراشات، حزينا يردد بصوت خافت أبيات أبو الوليد الأندلسي وهو يتغنى بروعة الجلنار
*وجلنــــــــــــــــــــار تبدى يختال في جل نارِ
أحلى حلى من جميع ال أنوار والأزهــــــــارِ
حكى خــــــدود العـذارى قد شربت باحمرارِ
وخمشت بأكــــــــــف ال ألحاظ والأبصــــــارِ

ترتعش أنامله في ضيافة الإصرار، فتطل بَنات فكره طيفا تشْتمُّ عبق البياض من رحم المرافئ المكتظة، بدون خدوش تغفو على خصر الحكاية الحافية، تنهشه الفرحة، فتغوص تنْهيدَته
مُتَلعْثِمة، تطفئ عطشها من غدير التجلي، تتطلع إليه تحْدجه بنظرة
تنْشب مخالبها في عَقيرته فينساب الرُّضاب من اليراع، متفاديا عثرة بعد عثرة إلى أن توقف عند محرابها...

عندها انتفظ مبتهجا، لملم الحطب وأمسك قبضة دخان و باقة ضباب، وانطلق بشغف يعدو ... يعدو ... نحو الغيمة البيضاء، حيث سطع بريق الزهر
على كفه... ابتسمَ مُتْعبا، مُرْهَقا، لكن خفيفا كالريشة .

و قف على الجسر يتأمل البساط الرقراق المُستلقي على وجه النهر
و في مَهبِّ النشوة و بريق وليدتِه الجديدة بين يديه ..
انفجرت ريح قوية من بطن الهواء، و رمت بالقصيدة نحو النهر، صرخ مُفتَرِشا أجنحته
و شرْشف فؤاده على أكتاف خيْبته ... بكى ... نعم بكى ...بحرقة ٍ...فلم يَبْق بين يديه
سوى عبير عطر من بُكاء بحيرة ... !


* من قصيدة أبو الوليد الحميري الأندلسي//جُلَّنار الندى – المجثث –




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50869
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28