• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نُطالبهم ولا نُطالبُ أنفسنا!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

نُطالبهم ولا نُطالبُ أنفسنا!!



السلوك الإسقاطي تطور في عالمنا العربي لدرجة غريبة  , حتى أصبحنا نطالب الآخرين بحل مشاكلنا , ونحمّلهم مسؤولية فشلنا وعجزنا على مواجهتها , والبحث في أسبابها وإيجاد الحلول لها.

هذا المنطق يتسيّد في معظم أنظمتنا السياسية , إلا فيما ندر , ومع ذلك ندّعي بأننا دول ذات سيادة وعزة وكرامة , وأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى , ونحن نطلب الحماية والمساعدات العسكرية والقيادية والإدارية من الآخرين , وفي ذات الوقت نصرّح بعدم التدخل في شؤوننا الداخلية!!

فهل رأيتم سلوكا مشابها لهذا السلوك في دول ومجتمعات أخرى؟

وهل وجدتم دولة تحل مشاكل دولة أخرى بالمجّان؟!

وهل هذا سلوك ينم عن حرية وسيادة وقدرة على التحدي والصمود والتطور؟!

إنه سلوك إنقراضي متواصل , حتى أصبحنا نتظاهر أمام سفارات الدول وفي ميادينها مطلبينها بالتدخل لمواجهة هذه المشكلة أو تلك من مشاكلنا , التي لا نعرف غير تعقيدها وتطويرها إلى مشاكل أكبر وأكبر, كما هو الحال في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان والعراق وغيرها.
كما يعبّر عن تصرّف إعتمادي نكوصي إنكاري متعسف , ومحشو بآليات التبرير المُضَلل الخدّاع , وتجرد كامل من المسؤولية , وإعتراف بعدم القدرة على الحياة الحرة الكريمة.

وفي ذات الوقت نتظلم ونتشكى ونقترف المآثم , بحق أنفسنا ومجتمعنا وأوطاننا ومعتقداتنا وتأريخنا وقيمنا , ونسعى لمحق ما يدل علينا ويشير إلى هويتنا , ونتحدّث وكأننا المنزهين العارفين الأولياء الصالحين , ونتحدى الذي يقول على عين الواحد منا حاجب!!

فكيف نسمي ما نقوم به إذا حق الحق؟!

أ هو سَفه أم حَمق أم ماذا؟!

إقرؤا ما تكتبه الأقلام , وستجدون النسبة الأكبر منها تدور في هذا الفلك الإسقاطي , وتمضي تدور ولا تعرف مخرجا من دائرته المُفرغة المُفزعة.

تُرى , لماذا لا نطالب أنفسنا قبل مُطالبة غيرنا؟

ولماذا لا نحل مشاكلنا بأنفسنا؟

فهل الواحد منا إذا وجد مشكلة في بيته يذهب إلى جيرانه يطالبهم بحلها؟!!

إذا كان الجواب بلا , فلماذا تسعى الحكومات والأنظمة في بلداننا نحو الآخرين لحل مشاكلنا؟!!

فهل هذا ربما  يعني أننا مجتمعات مُستَعمَرة , مُستَعبَدة , لا تحكم أنفسها , وإنما مَحكومة ومأسورة بإرادات الآخرين , ولهذا تجد من واجبها مطالبتهم بحل مشاكلها , وتحمّلهم مسؤوليتها , وكأنها مشاكلهم وليست مشاكلها , ومن مصلحتهم لا من مصلحتها أن تجد لها حلا , فمعظم أنظمة حكمنا هدفها الإستثمار في المشاكل وتطويرها لكي تبقى أطول في السلطة!!

فإلى أين تمضي سفينة وجودنا يا عرب؟!!

 



 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50618
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29