• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التضليل الفتاك!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

التضليل الفتاك!!

التضليل سلاح تدمير شامل, يفتك بالبشر ويسحقهم سحقا, ويحولهم إلى قديد من غير وعي أو إدراك لما هم قادمون عليه من مواقف وأفعال. 

والتضليل مثل النار التي تتمكن من الهشيم فلا تبقي ولا تذر, وهو وسيلة مؤثرة لتحقيق أغراض ونوايا وتوجهات ظاهرة وخفية. 

فالحكومات والشعوب يمكن تضليلها , والحياة يمكن تعكيرها وتحويلها إلى جحيم بأساليب التضليل الشامل.

والمُضلِلون هم صنف من الأشرار يريدون الإيقاع بالبشر , وتحويله إلى ضحايا وخطايا ومصائب وويلات. 

إنهم يتلذذون بالأوجاع والدموع والأحزان البشرية , والمآتم والملمات لضياع قدرات الإحساس عندهم.

المُضلِلون شياطين علينا أن نرجمها ونستعيذ منها ونحذرها بشدة ويقظة , لكي لا نسمح لها أن تمرر ما تريده بيننا. 

والمُضللون أفاعي سامة تنفث سمومها في جسد البراءة والصفاء والحب والنقاء , فتقتل الحياة مثلما تقتل الثعبان فريستها.

المُضللون عقارب عمياء, غايتها إشاعة الموت والحزن والألم , لكي تنعم بعمائها وبؤسها وشرورها. 

وبين المُضللين والتضليل مسافة كبيرة  يشغلها البشر المغلوب على أمرهم. 

البشر الساعي إلى إدامة لقمة عيشه والحفاظ على سلامة عائلته , وتحقيق بعض الراحة والسعادة في الحياة. 

البشر المكبل بحاجات يومه ونداءات أطفاله ومعاناة عائلته , والذي تمادى في بساطته وطيبته وعطفه وخوفه  وحبه وغضبه , وأمواج إنفعالاته التي تحركها حاجات الريح الهابة في أعماقه , والتي تقودها بوصلة الألم المرير والحاجة الملحة. 

هذا البشر يكون فرائسَ للمضللين وضحايا سهلة للتضليل والتدمير.

والمُضلل قد يكون شخصا بارزا, أو سياسيا معروفا له تأثير في أوساط البشر المغلوب على أمره , والذي يتأمل من ورائه شيئا يساعده على تحقيق بعض معالم الحياة. 

وما أن يجد المُضلل حاجة الآخرين إليه حتى يبدأ بممارسة أفاعيله التضليلية , وبأسلوبه الذي يجده مناسبا ومؤثرا في توريط الناس في إتجاهات تحقق ما يريده , ولا تحقق أي شيء للبشر المسكين بل تزيد آلامه و إستثمارا عاليا لفقره.

ومن المعروف أن التضليل مهارة سياسية يتم إستخدامها لتحقيق مآرب مختلفة. 

وقد سقطت الكثير من الشعوب ضحايا للأضاليل وأدوات التضليل وأساليبه المتطورة , والمبنية على تقنيات نفسية وسلوكية عالية , تدفع بالملايين إلى محطات الهلاك من غير دراية أو وعي منها, بل يجعلها تتصور الهلاك حياة.

لقد تسبب المضللون بالعديد من الكوارث , وساهموا في تنامي الأوجاع البشرية , وحققوا لأنفسهم إرضاءا لحاجاتهم النفسية المريضة على حساب الملايين المعدمة من عامة الناس , التي تسعى إلى أن توفر أبسط متطلبات عيشها. 

وما أكثر التحذيرات من التضليل على مر العصور, لكن البشر ينسى ويسقط في شباك التضليل ويكون صيدا سهلا للمفترسين. 

وقد أوصلت أساليب التضليل الشامل شعبا عريقا واحدا منذ آلاف السنين , إلى أن ينسى وطنه ويتفاعل بلغة  ميتة عفا عليها الزمن , وهو في بداية القرن الحادي والعشرين. 

هذه الأساليب قد ألغت تأريخا إنسانيا منيرا كاملا وألقت بالملايين المُضَللة في أتون الصراعات العجائبية , ذات الطاقات الانفعالية المتأججة المنفلتة إلى ما بعد حدود التوحش والجنون الإفتراسي المقيت.

إن الوقاية من التضليل تكون بمصارحة البشر في أية بقعة أرضية بالحقائق, وإشاعة حرية الرأي وإفساح المجال للناس للتعبير عن رأيها ومواقفها والتفاعل الحر فيما بينها. 

فصوت الحقيقة والصدق هو الذي يُحجّم التضليل , ويقضي على المضللين والطامعين إلى إرضاء حاجاتهم القبيحة ونفوسهم العليلة. 

إن وضع الحواجز النفسية الكونكريتية بين المجاميع البشرية يعني دفعها إلى حلبات الصراع الثيراني الأهوج. 

بينما الإنفتاح على بعضها والتشابك فيما بينها يضفي إلى سعادتها وأمنها وإستقرارها. 

وهكذا كانت التنوعات البشرية  منذ أن وُجدت الأوطان , نقطة إنطلاق حضارية على وجه البسيطة  عندما يتحقق التمازج الإنساني السامي الخلاق.

إن حرية الرأي المصانة هي الدريئة الواقية من التضليل والمُضللين. 

ولكي نكون ونرتقي , لا بد من إطلاق الآراء والمواقف من معاقلها لتتفاعل وتتنور ببعضها, وعند ذاك يرتعش كل مُضلل ويختفي الضَلال والتضليل, فترى الناس وجه الشمس ناصعا واضحا بلا غبار أو غيوم أو سراب أو تشويه.

وبهذا تتحقق الحياة, وينهزم التضليل.

ويحترق الضلال في نيران الصدق المبين. 

وهكذا يهدم الصدق ما شيده الكذب. 

ويهدم النور ما شيده الظلام. 

ولنتأمل معا ما يفعله التضليل في حياة الناس!!!

منشورة بتأريخ 15\12\2006




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49958
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19