• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نشرة أخبار .
                          • الكاتب : د . طلال فائق الكمالي .

نشرة أخبار


تسالم الباحثون على أن عموم المؤشرات – بغض النظر عن اختصاصاتهم في مورد من الموارد - تُعد مقياساً لدراساتهم.
فالمؤشر هو الدليل الذي يقودنا لحقيقة المطلب، والدليل قياسٌ يُبرهن به على انطباق صورة الشيء على نفسه، فكلما تعددت المؤشرات وبان وضوحها كلما تقربنا من الخط البياني للحقيقة واتضح مصداقها وكذا هو العكس، لأن المؤشر هو الكاشف عن مرتسم السياسة التي تتبناها مؤسسة ما، إذ نستطيع من خلال تحليل البيانات والنظر في مجموع المؤشرات ذاتها معرفة مقدار تطور المؤسسة من تخلفها، فتلك الحزمة دليلاً يقاس به حجم النهوض والارتقاء عن خلافه، لذا كان لزاماً على الباحث عن يستعين لرفد دراساته ومباحثه بمعايير فنية وعلمية تبتكر بيانات يقاس بها المجال الكمي والنوعي.
لم تكن مقدمتي مسعىً لبيان مفهوم المؤشر وأثره في تحديد المفردة التي نحن بصددها، ولا بوصفها مقدمة لمعرفة ماهية مفهوم ما، بل ما أتوخاه من مقالي هو التفريق بين المؤسسة الإيجابية والمؤسسة السلبية أو بين الشخصية المنفتحة والشخصية المنغلقة....... لذا أجد نفسي بحكم المؤشر منصاعاً إلى التفريق بين النقيضين دون جهد أو عناء، بين مؤسسة متطورة مستدامة في تنميتها ومؤسسة متخلفة مركبة في تعقيداتها، إذ أجد نفسي بقيد المؤشر ومقياسه أمام حقائق مدركة من دون مقدمات، وأن معانيها قد استقرت في العقل والقلب من دون مسميات.
إن مصداق ما تقدم نتلمس وضوحه ونحن نستمع لبعض نشرات الأخبار ونتأمل في تباينها، إذ يرجع ذلك التباين أثر تباين الفكر، والرؤية، والأهداف من جهة، والنظم، والأدوات، والأداء من جهة أخرى، فهناك فرق شاسع حين نسمع نشرتين إخباريتين تحكي كل واحدة منهما واقع مؤسسة أو حكومة ما، أذ تعكس النشرة حجم الصورة السوداوية لحكومة في ضوء مؤشرات يُقاس بها التخلف والتراجع، إذا كانت عموم مضامين النشرة الإخبارية تتضمن (اكتشاف شبكة ارهابية، انفجار سيارة مفخخة، اغتيال رجل دين أو سياسة، اختطاف، الكشف عن فساد مالي بمقدار...، فساد اداري كبير يكشف عن تزوير وثائق مهمة تخص الحق العام، انتشال عدد من الجثث، اندلاع حريق كبير في سوق تجاري، عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسة البرلمان، تغيب وزراء الكتلة .....عن اجتماع الحكومة، هروب عدد من السجناء، تلاعب قضائي، انخفاض نسبة النجاح لهذا العام، ارتفاع الوفيات بسبب الأمراض، تداعيات كبيرة للأزمة بين المركز والإقليم، اغلاق الحدود الدولية مع .....، دخول مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري، نزوح اعداد كبيرة بسبب النزاع الدائر في...، الحكم بالإعدام على عدد من الإرهابيين من جنسيات مختلفة، إلغاء بطولة كأس ...بسبب الظروف الأمنية، قلق المنظمات الدولية بسبب تفشي وباء ...، الخشية من تصاعد نسبة الأميين، انخفاض دخل الفرد وارتفاع نسبة البطالة، النظر في آفة الفقر والتسول... إلى آخره).
بينما نجد قبال ذلك في نشرة إخبارية لحكومة أخرى واقع عنوانها الانفتاح والنمو والتألق، خصوصا وان ما يرد من أخبارها يُعد مؤشراً يقاس به ذلك الانفتاح ويلتمسه المستمع مستأنساً بأخبار أغلبها ( افتتح رئيس الحكومة مشروع...، توزيع مجمع سكني، انعقاد مؤتمر دولي في العاصمة، قيام مهرجان عالمي، احتفال بذكرى العيد الوطني، بلغ عدد السواح لهذا العام.....، زار وزير الخارجية نظيره....، الحكومة تستعد لاستقبال أكبر تجمع ثقافي على أرضها، بناء أكبر صرح في العالم في مجال...، نجاح عملية جراحية فريدة من نوعها، اكتشاف هو الأول من نوعه في مجال .....،كرمت الحكومة مجموعة من المتفوقين، ُتقيم مجموعة من منظمات المجتمع المدني ندوة بعنوان، وضع حجر أساس لمشروع.....وغير ذلك).لم تكن نشرة الأخبار هي المؤشر الوحيد الذي يُنتزع منه حقيقة التطور أو التخلف فحسب، إنما يُعد مؤشراً واضحاً مرناً يتلقاه المراقب بكل يسر، مؤدّآه الذهن ليستقر فيه ليقاس به عن حقيقة المراد ودليله.
بعد قراءتنا لما تقدم ونظرنا في ما ورد وتدبرنا فيه نُساق إلى حقيقة المؤسسة التي يُسلط الضوء عليها لبيان هويتها وهوية نظمها وعين روادها والقائمين عليها وميولهم الفكرية ومتبنياتهم ومناهجهم والوازع الوجداني وسلوكهم الأدائي الحاكي عن الحقيقة.
فما على المراقب إلا أن يتأمل قليلا وهو يستمع لأي نشرة أخبار ليقرأ المؤشر الذي يدله إلى حقيقة ما أخبر عنه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43787
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29