أمتنا ومنذ أن بدأت مسيرتها الحضارية الإنسانية وحتى اليوم , لا يمكنها - بأي حال من الأحوال – أن تعمل بإنسجام وتلاحم وتفاعل إيجابي , من غير القائد المستوعب لقدراتها وطاقاتها والمعبّر عن ضميرها ومنهجها الرسالي المطلق.
فهي قد تعودت وعلى مرّ العصور , أن يكون ربانها قائد قوي متميز له خواصه التأريخية والعسكرية والروحية والثقافية , ويخاطبها بالمفردات التي لها وقع وصدى في أعماق أبنائها من كل جيل.
وهذه حقيقة قد نغفلها , أو نتغافلها , أو ندّعي بنكرانها وبطلانها , ونحن نتوهم بالمناهج والأنظمة الديمقراطية , التي أحرقت أخضر الأمة ويابسها , وأحالتها إلى ميادين إضطرابات ومعسكرات للمليشيات والحركات والمتطرفة الممعنة بالجهل , والمعبر عن شدة العشوائية والتيهان الذي أعاق الأمة وفقا لمساعيها الديمقراطية , التي جردت دولها من القوة العسكرية والأخلاقية والقانونية , وأوهنت كيانها , وضللتها بأن الديمقراطية لكي تكون , عليها أن تدمر جيشها ونظام دولتها , وتبدأ من جديد , وكأنها تولد من رحم الفراغ المجهول.
ولا يعني هذا أن الديمقراطية لا تصلح للأمة , ولكن آليات تطبيقها والتعبير عنها لا تصلح لهذه الأمة.
ذلك أن تدمير الدولة والجيش , يعني حصول فراغ عظيم في الحياة على جميع المستويات , وهذا الفراغ سيتسبب في إصابة الأمة بأمراض خطيرة يصعب الشفاء منها , وقد تصبح متوطنة ومزمنة , وذات ضحايا كثيرة جدا.
وما يميز مجتمعات الأمة التي ثارت من أجل الديمقراطية , أنها لم تصنع القائد القوي المستوعب لأهدافها والمعبر عن إرادتها وتطلعاتها , ولهذا دخلت جميعها في متوالية من التفاعلات السلبية والثورات المتعاقبة , والتفاعلات الصراعية الدامية , المدججة بالمجاميع الفتاكة الهجمات على كل موضع في البلاد.
ومن البلاهة أن تمضي هذه التداعيات , ولا ننتبه إلى جوهرها , ولا ندرك بأن هذه الأمة لا يمكنها أن تعيش بسلام مع نفسها إلا بقائد وطني قوي مؤثر في الحياة , ولديه القدرة على إرضاء الحاجات النفسية الكامنة في صدور الناس , التي أصابها العجز والهوان والشعور الأليم بالإنكسار , لغياب القائد الديمقراطي الإنساني السامي التطلعات والنبيل الرؤى والتصورات.
وستكون جميع دول الديمقراطيات مرتعا خصبا للحركات المتطرفة , التي تسعى للتحرك في الفراغ الذي على الأمة أن تلد قادتها القادرين على ملئه بطاقات وقدرات إيجابية بناءة شمخاء!!
فهل من إدراكٍ لهذه المعضلة الديمقراطية التي أصابت الأمة بمقتل؟!!