|
-11-
الأفكار تتلألأ كالأمواج الصاخبة
السكرى بأنوار النجوم
وتحتدم في باحات الخيال
فتنثال كشلالاتٍ تتبارى في وديان السؤال
وتجري مع تيار النهر الذي يداهمه البحر
ويشرب ماءه قبل المَصب
هذا نهرٌ يعشقه البحر ويسعى للذوبان فيه
لأنه جميلٌ عذبٌ ساحرٌ فتان
أسهم في تحقيق روعته الإنسان
الأنهار جميلة وتمنح الحياة
لكن الإنسان يجعلها أبهى وأجمل
ويُطلق ما فيها من إرادات محبة ورجاء
تلك حكاية التفاعل ما بين النهر والبشر
وما يعتمل في أعماق الناس ينعكس على سلوك الأنهار
المؤزرة بطاقات الأرض وقوانين الأكوان
فاسأل عن أحوال الناس في مواطن الأنهار
وستعرف ما هي عليه الأنهار
فلا يمكن الفصل ما بين النهر والبشر الذي يشرب ماءه
تلك حقيقة نجهلها
ونقاتل أنهارنا وننهرها وننكرها
ونطعنها بألف مدية ومدية
ذات مشاعر سلبية حادة وقاطعة
للأمل والتفاؤل ومردية لنبض الحياة!
فهل حصلت القطيعة بيننا وبين الأنهار؟
وهل تمرّغنا برمال الصحارى
واستلطفنا أغبرة الجفاف
وهل أصبحنا كالمخلوقات المحنطة
على حبل غسيل الأعماق والرؤى
ففقدنا ما فينا من رحيق التطلعات نحو
غدٍ تجري فيه أنهار إبداعاتنا
وأمواج عطاءاتنا
تساؤلات تتدفق من فم موجةٍ
تنادينا أن هيا للوفاء
لنهرين خالدين
ورافدين يكنزان أفكار عصورٍ
ونظريات قدراتٍ حضارية سرمدية الإشراق!!
-12-
الأطيار سعيدة ولْهى
والزوارق تتناوس في نشوةٍ سكرى
والأمواج تتوامق من بهجة وحبور
فتجدل ضفائرها على وجنات الصباح
والمدينة في مهرجان
حول النهر السعيد بمروره المتناغم
في أعماق خيال الواعدين بالرائع الأصيل
الأطيار تحتفل
والناس تتأمل همسات المكان
وإشراقات مفاتنه الخلابة
وكأنه يبادلها الإحساس بالوجود الهانئ
فيخلع ملابس روعته
ويرتدي أروع ما عنده
من أزياء الشعور بالحياة والصفاء والمحبة
والخلود في قلب اللحظة
الأطيار تغرد وتزقزق
وتؤلف سمفونية صفاء السرمد
التي يلحنها النهر الإنساني الخالد
المتدفق بالمعاني والأحاسيس الرقيقة الملأى بالأمنيات
والتطلعات إلى غناء إنساني جديد
النهر يتكلم بلغة الأمواج
ويكتب على صفحات الأفئدة الخفاقة
قصائد التفاعل الدفاق مع الإنسان
القادر على التقدم والبناء
والمعبر عن نداء النهر وأفكاره
المؤسسة لعمارة الحياة
والتفاعل والتمازج والتواصل الخلاق المطلق الرحيب
تيار النهر يمزج الموجودات
ويخلط الأمواج
فتلد أمواجا أبهى
فتبدو ذات جمالٍ وإشراقٍ أزهى
فهل لدينا نهر يعلمنا مبادئ الحياة
ويأخذنا لأفق الصيرورات الأعلى
نعم عندنا
لكننا أعداء أنهارنا؟!!
"حييت سفحك عن بعدٍ فحييني يا دجلة الخير يا أم البساتين"
|
