• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : سرّ ما خطر!!(7-8) .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

سرّ ما خطر!!(7-8)

-7-
الشعوب تحوّل أنهارها إلى تيار إقتصادي فياض متجدد متنامي
وتستثمر في ضفافها ومياها
وتتفنن بقدرات الجمال والكمال والبهاء
بينما نحوّل أنهارنا إلى فمٍّ للنفايات
ومستودع للمجاري والمياه الثقيلة!
 
أ لمْ أقل لكم:
نضيعُ عندما نؤذي أنهارنا ونهملها ونؤلمها 
بطاقاتنا التخريبية وإرادتنا التدميرية!
 
فكيف أوجعنا دجلة والفرات
وما هو حي ويجري بقربهما؟!
 
النهر حضارة وقوة وثروة
وشريان بلادٍ أبهر
وبسمة أيامٍ ومنبع حياة وعطاء!
 
النهر قلب المدينة
وتتوافق عظمتها معه
وتزدان المدن روعة عندما ترعى أنهارها
وتحترمها وتعزها
بل وتقدسها
وتصنع طقوس تفاعلها معها!
 
الأنهار طاقات كونية
ومَن لا يحترم أنهاره
لا يحترم نفسه وتأريخه
ولا يعرف أصله وجوهر هويته
والشعوب التي تعادي أنهارها
تستحضر عناصر البلاء والضياع
ومَن لا يجري بسرعة جريان نهره
يكون من المعوقين حضاريا
ومُلقى على قارعة طريق النسيان
فالنهر هو الأصل والعنوان
مهما تداولت الدهور
وتوافدت الأزمان
فاعرفوا أنهاركم لكي تحققوا وجودكم!
 
-8-
كنت أتأمل أمواج نهر السين بدموعي
وأخاطبه بجراحي وآلامي
وأبثه حسراتي وأحزاني
فيسألني عن أخويه النهرين
فينبثق الصمت
ويحدق بوجهي مذهولا
فأقول له: إنهما يئنان من الجراح  
ويسألني مرة أخرى؟
فأجيبه: لا يمكنني أن أجالسهما , كما أجالسك
ونحن في منتصف الليل والقمر ثالثنا
إنهما يعانيان من رعب الأيام
ومن الألم والصدمة والدهشة الحضارية العظمى
فغاض الماء وأبى أن يسقي الويلات!
فهل تسمع ما أقول؟
 
قال السين: أيها القساة كيف لا تراعوا حقوق أخويَّ
اللّذين يحملان رسالات العصور
ويشهدان على مسيرة الإنسان منذ أول أن كان؟
فقلت: لا أملك إلا الحسرات 
التي أخذت تتحاشاها الأمواج
قال: كيف تدّعون الحياة وأنتم لا تُكرمون النهرين؟
قلت: ما عادت العلاقة ما بيننهما علاقة حي بحيّ
فالجهل خطف منأ ما فينا وحوّل رؤانا إلى بهتان!
 
قال السين: عُدْ إلى نهريك , فأن القوة والحياة والحضارة فيهما!
 
سَمِعتُ صراخ النهرين
على ضفافٍ ذات وجنتين
وتحسست دبيب الروح
في عروق الصخور
وطربت لرقصة موجة عارية
راحت تتمايس كأنها حورية
ذات جمال برّاق
وعندما إقتربت من حسنها
غابت في موجةٍ متأهبةٍ لرقصةِ إشراقٍ جديدة!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39940
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18