• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصحف في القرآن الكريم (ح 1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

الصحف في القرآن الكريم (ح 1)

قال الله تعالى عن الصحف "أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ" ﴿النجم 36﴾ صحف اسم، أم لم يُخَبَّر بما جاء في أسفار التوراة وصحف إبراهيم الذي وفَّى ما أُمر به وبلَّغه؟ و "فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ" ﴿عبس 13﴾ صحف اسم، في صُحف: منتسخةٍ من اللوح المحفوظ، القرآن في صحف معظمة، موقرة، عالية القدر مطهرة من الدنس والزيادة والنقص، بأيدي ملائكة كتبة، سفراء بين الله وخلقه، كرام الخلق، أخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة. و "صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ" ﴿الأعلى 19﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ: عشر صحف، صحف إبراهيم وموسى: وهي عشر صحف لإبراهيم والتوراة لموسى، إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصُّحف التي أنزلت قبل القرآن، وهي صُحف إبراهيم وموسى عليهما السلام، و "وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ" ﴿طه 133﴾ الصُّحُفِ: ال اداة تعريف، صُّحُفِ اسم، بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى: جاء في القرآن بيان أخبار الأولين كما ورد في الكتب السابقة، وقال مكذبوك أيها الرسول: هلا تأتينا بعلامة من ربك تدلُّ على صدقك، أولم يأتهم هذا القرآن المصدق لما في الكتب السابقة من الحق؟ و "بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفًا مُّنَشَّرَةً" ﴿المدثر 52﴾ صحفا اسم، بل يطمع كل واحد من هؤلاء المشركين أن يُنزل الله عليه كتابًا من السماء منشورًا، كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ليس الأمر كما زعموا، بل الحقيقة أنهم لا يخافون الآخرة، ولا يصدِّقون بالبعث والجزاء، و "وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ" ﴿التكوير 10﴾، و "إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ" ﴿الأعلى 18﴾ الصُّحُفُ نُشِرَتْ: أعطي كل إنسان صحيفته، وإذا الصحف: صحف الأعمال، وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر، و "رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً" ﴿البينة 2﴾ صحفا اسم، رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يتلو قرآنًا في صحف مطهرة.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ" (عبس 13-14) قال في المجمع: الصحف جمع صحيفة، والعرب تسمي كل مكتوب فيه صحيفة كما تسميه كتابا رقا كان أو غيره. و "فِي صُحُفٍ" خبر بعد خبر لأن وظاهره أنه مكتوب في صحف متعددة بأيدي ملائكة الوحي ، وهذا يضعف القول بأن المراد بالصحف اللوح المحفوظ ولم يرد في كلامه تعالى إطلاق الصحف ولا الكتب ولا الألواح بصيغة الجمع على اللوح المحفوظ ، ونظيره في الضعف القول بأن المراد بالصحف كتب الأنبياء الماضين لعدم ملاءمته لظهور قوله "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ" في أنه صفة لصحف. وقوله "مُكَرَّمَةٍ" أي معظمة ، وقوله "مَرْفُوعَةٍ" أي قدرا عند الله ، وقوله : « مُطَهَّرَةٍ » أي من قذارة الباطل ولغو القول والشك والتناقض قال تعالى "لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ" (السجدة 42)، وقال "إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ" (الطارق 14) وقال "ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ" (البقرة 2)، وقال "وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً" (النساء 82). قوله تعالى "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرامٍ بَرَرَةٍ" (عبس 15-16) صفة بعد صفة لصحف ، والسفرة هم السفراء جمع سفير بمعنى الرسول و "كِرامٍ" صفة لهم باعتبار ذواتهم و "بَرَرَةٍ" صفة لهم باعتبار عملهم وهو الإحسان في الفعل. ومعنى الآيات أن القرآن تذكرة مكتوبة في صحف متعددة معظمة مرفوعة قدرا مطهرا من كل دنس وقذارة بأيدي سفراء من الملائكة كرام على ربهم بطهارة ذواتهم بررة عنده تعالى بحسن أعمالهم. ويظهر من الآيات أن للوحي ملائكة يتصدون لحمل الصحف وإيحاء ما فيها من القرآن فهم أعوان جبريل وتحت أمره ونسبة إلقاء الوحي إليهم لا تنافي نسبته إلى جبريل في مثل قوله "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ" (الشعراء 194). وقد قال تعالى في صفته "إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) فهو مطاع من الملائكة من يصدر عن أمره ويأتي بما يريده والإيحاء الذي هو فعل أعوانه فعله كما أن فعله وفعلهم جميعا فعل الله وذلك نظير كون التوفي الذي هو فعل أعوان ملك الموت فعله ، وفعله وفعلهم جميعا فعل الله تعالى ، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا البحث مرارا. وقيل : المراد بالسفرة الكتاب من الملائكة، والذي تقدم من المعنى أجلى.
والكتب السماوية نزلت في شهر رمضان منها القران في 23 رمضان "إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِى لَيْلَةٍۢ مُّبَٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ" (الدخان 3)، وصحف ابراهيم في الاول والزبور في 17 رمضان "صُحُفِ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ" (الاعلى 19)، والتوراة في السادس والانجيل في 13 رمضان "نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ" (ال عمران 3).
يقول العالم السيد سامي البدري في محاضرة له ان الفرق بين النبوة والامامة هو ان النبوة تعليم مباشر من الله، بينما تعليم الامامة ياتي من تعليم النبوة. فمثلا مصحف فاطمة كتاب ينسب الى فاطمة عليها السلام كتبه الامام علي عليه السلام وليس هو القرآن لان فاطمة عليها السلام كانت محدثة. والمحدثين هم فاطمة وعلي والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام. ومحمد صلى الله عليه واله وسلم خاتم النبيين والامامة من بعده لم تنقطع و استمرت الى 12 امام. ولم تنتهي امامته بموت الرسول صلى الله عليه واله وسلم في المجتمع الاسلامي.
ان كتب التاريخ تشير إلى ان أبو الأسود الدؤلي (16 ق.هـ. - 69 هـ ) يعتبر أول من وضع علم النحو و شكّل المصحف وهو من وضع النقاط على الأحرف العربية وأول من ضبط قواعد النحو فوضع باب الفاعل، المفعول به، المضاف و حروف النصب و الرفع و الجر و الجزم. أول من أسسّ علوم العربية، ونَهَج سُبلها ووضع قياسها، وأول من عمل كتاباً في النحو، وأول من وضع نُقَط المصحف وأعربه، وحَفَظَه عن التحريف باتفاق جميع المصادر، وقد عمل كل ذلك بإرشاد وتوجيه من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وثقته والمخلصين له شارك معه حروبه الثلاث صفين والجمل والنهروان، وكان له دور فاعل ومؤثر فيها فقد كان من المتحققين بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ومحبته وصحبته ومحبة ولده.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=180005
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16