• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : معركة مؤتة .
                          • الكاتب : عبير المنظور .

معركة مؤتة

 معركة مؤتة من المعارك المهمة في تاريح الاسلام من حيث المعطيات والاسباب والنتائج التي القت بظلالها على المجتمع الاسلامي ولا زالت مستمرة لحد الان، وان كانت تسميتها ب (سريّة) ادق كثيرا من الغزوة والمعركة.

من اهم اسباب معركة مؤتة التي وقعت في جمادى الاولى من عام ٨ للهجرة هو قتل مبعوث رسول الله ص الى الروم الحارث بن عمير الازدي الى ملك بُصرى على شرحبيل بن عمرو بن جبلة الغساني والي البلقاء الواقعة تحت الحماية الرومانية اضافة الى عرقلة تلك المناطق لتجارة المسلمين فيها، ودلالة هذا الموقف هو اهمية احترام البعثات الدبلوماسية -ان صح التعبير- وعدم التعرض للرسل والمبعوثين بأذى.

ومن المواقف المهمة الاخرى هو تعيين النبي ص لأمراء هذه السرية 
 فأمّر عليهم جعفر بن ابي طالب، فإن قُتل فزيد بن حارثة الكلبي، فإن قُتل فعبد اللّه بن رواحة فإن اُصيب فعبد اللّه بن رواحة فليرتضِ المسلمون بينهم رجلاً فليجعلوه عليهم، واختلف في ترتيب الامير الاول فرأي يقول زيد وهو الاشهر عند المؤرخين والمحدثين والرأي الاخر وهو الاصح ان الامير الاول جعفر  بلحاظ ما ورد عن الامام الصادق ع: (أنه استعمل عليهم جعفرا، فإن قتل فزيد، فإن قتل فابن رواحة).(١) اضافة الى ابيات حسان بن ثابت التي لم تطالها يد التحريف:
(فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * 
بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر - -

 وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسياف المنية تقطر - -

 غداة غدوا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقيبة أزهر - -

 أغر كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سيم الدنية اصعر - - 

فطاعن حتى مال غير موسد * بمعترك فيه القنا متكسر - 

ومنها قول كعب بن مالك الأنصاري من قصيدة:
- هدت العيون ودمع عينك يهمل * سحا كما وكف الرباب المسبل - -

 وجدا على النفر الذين تتابعوا * 
قتلى بمؤتة أسندوا لم ينقلوا - -

 ساروا أمام المسلمين كأنهم *
 طود يقودهم الهزبر المشبل - - 

إذ يهتدون بجعفر ولواؤه *
 قدام أولهم ونعم الأول)(٢)
ومن دلالات هذا الموقف ادراك النبي لاهمية قيادة الجيش في سرية فكيف يغفل عن قيادة امته بعد وفاته!!!!!.
وبعد قتل الامراء الثلاثة في اثناء المعركة امّر الجيش عليهم خالد بن الوليد الذي خطط لانسحاب الجيش الاسلامي وعودته.

ولعل من اعظم مواقف هذه المعركة هو اهتمام القادة بالراية وهي رمز لعزة الاسلام وجيشه وخاصة جعفر بن ابي طالب الفارس المقدام الذي استبسل كثيرا وكان يحمل الراية بيمينه فقطعوها فحملها بشماله فقطعوها فاحتضنها بعضديه حتى قتل واخذها منه عبد الله بن رواحة، لا اعلم حقيقة دلالة هذا الموقف على قلب رسول الله وهو يقارب بسالة ومصير جعفر مع ابن اخيه العباس بن علي فبين مؤتة وعاشوراء اذرع قطيعة ودماء في رفعة هذا الدين والحديث هنا ذو شجون، وعموما فالراية او ما يمثلها في وقتنا الحاضر في الحرب الناعمة  مع الغرب هي هويتنا الاسلامية وثوابتنا الشرعية التي يجب ان لا تُنكّس او يستهان بها بل وترخص الارواح والابدان في رفعها عاليا في سماء المواجهة فكرية كانت او ميدانية.
 بعد انسحاب المسلمين وعودتهم جوبهوا برفض المجتمع لنكوصهم عن القتال والالتحاق بركب الشهادة
(فجعلوا يحثون عليهم التراب ويقولون: يا فرار، فررتم في سبيل الله ص: ليسوا بفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله)(٣) حتى ان بعض المقاتلين اصبح جليس داره كي لا يعيّره المجتمع بالجبن والانسحاب من القتال في سبيل الله وهو دلالة واضحة على استماتة المجتمع الاسلامي لنيل الشهادة وكرامة الجهاد في سبيل الله وعدم الفرار من المواجهة العسكرية وهو يعني الشجاعة والثبات على المبدأ والعقيدة وكذلك تشجيع النبي للجيش المنسحب ورفع معنوياتهم.


وبلحاظ ما تقدم من دلالية بعض المواقف من معركة مؤتة ان الدروس والعبر التي نستلهمها من محطات التعثر او الانسحاب تنفعنا كثيرا في دراسة اسباب الفشل والعمل على اصلاح الاخطاء التي حالت دون تحقيق الهدف وبالنتيجة فإن في كل محنة منحة الهية مادية منها او معنوية تعوض المعاناة النفسية والبدنية في المحن.

الهوامش:
(١) إعلام الورى، ج١، ص ٢١٢.
(٢) أعيان الشيعة، ج١، ص٢٧٣.
(٣)إعلام الورى،ج ١، ص ٢١٥.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179972
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29