• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ العاشِرة (3) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ العاشِرة (3)

{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}.

بدلاً من أَن تنتظرَ لتقفَ هذا المَوقف بادِر واجتهِد لإِستغلالِ حياتِكَ وكُلَّ ساعةٍ من وقتِكَ من أَجلِ تحقيقِ زيادةٍ ما، أَكانت عِلماً نافِعاً أَو علاقةً جديدةً أَو عملاً صالِحاً أَوكسباً حلالاً أَو أَيَّ شيءٍ آخرَ يُضيف لرصيدِكَ الشَّخصي الذي يُمكِّنكَ مِن أَن تجدَ نفسكَ في المُجتمعِ في هذهِ الحياةِ الدُّنيا وفي اليَومِ الآخرِ ما تتهيَّأ بهِ لكسبِ مرضاةِالله تعالى، فلا تُعوِّل إِلَّا على عملِكَ كما يقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ}.

بادِر للزِّيادةِ قبلَ أَن تعضَّ على يدَيكَ ندماً {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} أَو تتمنَّى لَو كُنتَ تُراباً {إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَيَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}.

إِنَّ من أَعظمِ الأَخطاءِ التي نرتكبها في كُلِّ لحظةٍ هو خطأ التَّسويف فكُلَّما مرَّت علينا فُرصةً حدَّثنا أَنفُسنا بالقَولِ [علامَ العجلة، فالوقتُ مازال مُبكِّراً] وكُلَّما رُزِقنا فُسحةًمن الوقتِ فرَّطنا بها بالتَّسويفِ والتَّماهُلِ والتَّكاسُلِ.

أَمَّا العُظماء والنَّاجِحونَ فإِنَّ أَعظمَ إِنجازاتهِم يُحقِّقونها في السِّجنِ مثلاً أَو حتَّى في الوقتِ الضَّائعِ!.

إِنَّ من الأَخطاء القاتِلة في حياتِنا عندما نتصوَّر أَنَّنا عندنا الوَقت! فنُسوِّف ونُؤَجِّل ونتماهَل ونتكاسَل ونغفَل بذريعةِ أَنَّنا مازِلنا نمتلكَ وقتاً كافِياً للإِنجازِ حتَّى نُضيِّع كمايقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِيَ ضَيَّعَ الْحُقُوقَ وَمَنْ أَطَاعَ الْوَاشِيَ ضَيَّعَ الصَّدِيقَ}.

لقد نصحَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بعضَ أَصحابهِ بقولهِ {فتَدارَك ما بقِيَ مِن عُمُرِكَ وَلا تقُل؛ غداً وبعْدَ غدٍ فإِنَّما هَلكَ مَن كانَ قبلَكَ بإِقامَتهِم على الأَمانِي والتَّسوِيفِ حتَّى أَتاهُمأَمرُ الله بغتَةً وَهُم غافِلُونَ}.

إِسعَ دائماً إِلى أَن تُحوِّل الأُمنِياتِ إِلى واقعٍ ببرامِجَ وخُططٍ واضِحةٍ وهوَ أَمرٌ أَنتَ تتحكَّم بهِ دونَ غيرِكَ، شريطةَ أَن لا تغرَقَ بالتَّسويفِ فـ {إِيَّاكَ والتَّسويفِ فإِنَّهُ بحرٌ يغرَقُفيهِ الهَلكى} كما يقُولُ الباقِرُ (ع) من أَهلِ البيتِ (ع).

صحيحٌ أَنَّ الظُّروفَ تتحدَّاك وأَنَّ المُجتمَع يُعرقِلَ خُطاك فقد تُحاطَ بزُمرةٍ لا تُحِبُّ لكَ النَّجاح! وإِنَّ بعضَ صفاتِكَ السيِّئة كالكَسلِ تتحدَّاك، إِلَّا أَنَّ السِّلاح الذي تُواجهُ بهِكُلَّ هذهِ التحدِّيات بيَدِكَ أَنتَ، أَلا وهُو الإِرادة فإِذا بقيَ هذا السِّلاح بيدِكَ ولم تُسلِّمهُ لأَحدٍ أَو تتغافلَ عنهُ فسيُمكِّنكَ من المُواجهةِ مهما كانت الظُّروف ومَهما ظلمَكَ المُجتمَعومهما خارَت بعضُ قُواكَ المعنويَّة لبعضِ الوقتِ لأَيِّ سببٍ كانَ.

عندما أَطالِعُ قَصصَ النَّاجحِينَ أَكتشفُ حقيقَتَينِ في غايةِ الأَهميَّة؛

الأُولى؛ أَنَّهم عادةً ما ينهضُونَ من تحتِ الرُّكام، فهُم لم يبدأُوا حياتهُم وهُم عُظماء يُشارُ إِليهِم بالبنانِ، إِنَّما مرُّوا بكُلِّ التحدِّيات ليقِفُوا في نِهايةِ المَطافِ على أَقدامهِم،وسلاحهُم العزِيمة والإِصرار والمُثابرة.

الثَّانية؛ إِنَّ مسيرهُم إِلى القمَّة ليسَ بالضَّرُورةِ في خطٍّ بيانيٍّ تصاعُديٍّ ثابتٍ طُوالَ الوقت فقد تُصيبهُم إِنتكاسات وإِخفاقات في الطَّريقِ، لكنَّ تصمِيمهُم على الإِستمرارِفي الصُّعودِ إِلى القمَّة هو الذي يَنتصرُ في نِهايةِ المطاف على الإِنكساراتِ التي يمرُّونَ بِها.

والقاسِمُ المُشترك هو أَنَّهم عندما يقعُون فلا يُبادِرُوا لتغييرِ أَقدامهِم لينهضُوا من جديدٍ، وإِنَّما غيَّرُوا طريقةَ تفكيرهِم ورُبما أَدواتهِم لِينهضُوا.

إِنَّ كُلَّ الإِنجازات التي تتحقَّق تبدأ بالتمنِّي، ولكن بأَربعةِ شرُوطٍ؛

١/ أَن لا نتوقَّف عندَ الأُمنية فنظل نُكرِّرها على مسامِعِنا من دونِ فعلٍ.

٢/ أَن نثِقَ بأَنَّنا قادرُونَ على تحقيقِها مهما عظُمَ خطرَها.

٣/ أَن نَرسِمَ الطَّريق ونُهيِّئ الأَدوات ونستعِدَّ للتَّحدِّياتِ للوصُولِ إِليها، ثُمَّ نُوطِّن أَنفُسنا للتَّضحيةِ من أَجلِها، فلا أُمنِية تتحقَّق بالمجَّانِ.

٤/ أَن تُركِّز على المَسار مُوظِّفاً الوَقت والجُهد لتحقيقهِ فلا تُشتِّت جُهدكَ ولا تُضيِّع وقتاً ولا تُفرِّط بفُرصةٍ فـ {نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ} كما يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع).

للأَسفِ الشَّديد فإِنَّ النَّشء الجديد ضيَّعَ نفسهُ اليَوم بينَ وسائلِ التَّواصُلِ الإِجتماعي التي تُركِّز على صناعةِ التَّفاهةِ، وإِذا لم ينتبهَ لنفسهِ فيتدارك ولم يحذر الإِفراطوالتَّفريط فسيجد نفسهِ مُبكِّراً خارج الزَّمن.

وذلكَ من علاماتِ الجاهلِ كما يصفهُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {لَا تَرَى الْجَاهِلَ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً}.

وما أَعظمَ قولهُ (ع) يصفُ فيهِ فُرصةَ الحياةِ {الدَّهْرُ يُخْلِقُ الْأَبْدَانَ وَيُجَدِّدُ الْآمَالَ وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ وَيُبَاعِدُ الْأُمْنِيَّةَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ وَمَنْ فَاتَهُ تَعِبَ} فبينَ الظَّفر والفَوت لحظةُقرارٍ بعزيمةٍ يقلبَ موازينَ حياتِنا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179885
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19