• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : شؤون عربية .
                    • الموضوع : هنية والتنسيق والمقاومة! .
                          • الكاتب : بكر ابوبكر .

هنية والتنسيق والمقاومة!

 من حق اسماعيل هنية أن يشيد ب"الاخوان المسلمين" الجزائريين فهذا يمثل الارتباط القائم بين كافة أجنحة تنظيم "الاخوان المسلمين" في العالم، والتي "حمس" و"حماس" منها، فلا يستطيع أحد لومه حين يعتبرهم "الاسلاميين" في تكرار للمصطلح المضلّل الذي يرفع المعنى الاسلامي عن كل مكونات المجتمع في أي دولة عربية.

فالمسلمون كافة هم إسلاميون الا من أبى! ومن يأبى الا من أطلق على نفسه السِمة حصريًا وبعقلية حزبية مفترضًا بذاته حصرية الإيمان والطهارة بعيدًا عن مختلف شرائح المجتمع المسلم بطبيعته.

قلنا من حقه أن يشيده باخوته من "الاخوان المسلمين" في أي مكان، ولكن ليس من حقه او غيره أن يحصر الفكرة "الاسلامية" في حزب أو الاحزاب المرتبطة ب"الاخوان المسلمين" كما لا يحق لاحد أن يفترض الوطنية بفصيل محدد دون غيره، ف"فتح" و"الشعبية" و"الديمقراطية" و"حماس" و"الجهاد" كلها تنظيمات وطنية، بمعنى عملها الدائب من أجل فلسطين -أو هكذا نتمنى من الجميع- وعليه لا نقبل صكوك الغفران بالإسلامية أو الوطنية  الحزبية الحصرية اوغيرها من هنا أو هناك.

وفي ثالثة الأثافي ليس من حق احد استغلال منابر الدول الاخرى، وخاصة الجزائر البطلة، للشتم والفتنة والتحريض ضد الشقيق!

استقبلت الجزائر اسماعيل هنية عبر مجلسها النيابي، ومن خلال تنظيمها الاخواني "مجتمع السلم" وكلنا يعلم الصدر الرحب للبلد الكبير، فالجزائر كما قال الرئيس الراحل بومدين للخالد ياسر عرفات: مع فلسطين ظالمة او مظلومة، لذا هي مع كل مكونات الطيف السياسي الفلسطيني ونحن نحترم ذلك، على قاعدة الخطاب الوحدوي.

المثير في كلام إسماعيل هنية هو التطرق للمقاومة المسلحة!

بفرضية أن المدافع والرشاشات والصواريخ تنهال ليلًا ونهارًا من جغرافيا سيطرة "حماس" ضد المحتل انتقامًا أو ردًا يوميًا على مقتل العشرات من أبناء شعبنا في جنين والخليل ونابلس وكل مكان؟

يشيد هنية ب"عرين الأسود" و"بصعود المقاومة المسلحة واستئناف ما أسماها "الدورة الجهادية" على أرض فلسطين وخاصةً في الضفة الغربية"، التي لا علاقة مباشرة لفصيله في غزة بها ولا بالضفة.

إذ بدلًا من الرد المتواصل أو حتى الجزئي على القتل والحرق والمذابح بالضفة -الذي لا يحصل- يتغنى هنية ويقول: "اطمئن شعب الجزائر أن المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام بغزة اليوم ضاعفت امكانياتها ووسائلها القتالية أضعاف مضاعفة"؟!

مضيفًا: "ورغم صعوبة الامدادات العسكرية للمقاومة فان مهندسي كتائب القسام قد صنعوا صواريخ يصل مداها إلى كل نقطة من فلسطين المحتلة"؟! وهي الصواريخ المكدسة التي لا تصل لا الى المستعمرين بالخليل، ولا الى المعتدين على أبطالنا في جنين ولا الى نابلس رغم شلال الدم اليومي؟!

لانرى المقاومة بمعناها المسلح، ولا بمعناها الشعبي السلمي من قبل "حماس"، الا بالمناسبات حيث يرتفع الصوت الموبوء من الأبعاض ليماثل بين الاحتلال وبين السلطة الوطنية الفلسطينية وبشكل مسيء! يحاول حرف البوصلة وتوجيه كل الاتهامات للخصم، وليس للعدو المشترك.

اسماعيل هنية وحزبه يعتقد أن من حقه أن يرفع شعارات ولا ينفذها، فهو يمسك بزمام الأمور في قطاع غزة ولا يريد إطلاق أي رصاصة ردًا على القتل اليومي بالضفة! ما هواستجابة منه وفصيله للتنسيق الأمني الصارم والمنيع والنموذج والمتواصل مع الاحتلال الذي يتيح للقطاع المحكوم من "دويلة الجنوب" أن تصله أموال قطر عبر الإسرائيلي، كما يتيح له وصول آلاف العمال الفلسطينيين الغزيين، مكافأة الحفاظ على الهدوء، وضريبة العشرة شيقل على كل عامل التي تعود ل"حماس" كما فهمنا، ضمن واردات الحزب الاسلاموي وكما هو الحال مع الضرائب الأخرى غير الشرعية، فيما تبقى أموالها لها فقط، كما كرر كثير من قادة الفصيل.

يقول حسن عصفور في مقاله: "ما حدث يوم 16 مارس 2023 من رأس "حماس" إسماعيل هنية بقوله، " إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول بالتعاون والتنسيق مع السلطة الفلسطينية القضاء على المقاومة في الضفة الغربية المحتلة"، يمثل محاولة مكشوفة تماما لحرف المعركة الحقيقة عن مسارها الوطني، وما كان يجب أن يتم السماح له بذلك، بل كان يجب أن يحدد سلوك حماس بكل ما بات لها في الجزائر من امتيازات بعدم استخدام أرضها لتمرير "أهداف سياسية خبيثة" على حساب الوطنية الفلسطينية."

مضيفًا: "ما يجب معرفته أن لحماس 3 شهداء منذ بداية العام مقابل ما يقارب الـ 40 شهيدا لحركة فتح والمؤسسة الأمنية الفلسطينية التي يتهمها هنية، بتلك الاتهامات."

دعنا نقول –الى ما سبق-أنه لا يحق لمن يلتزم بالتنسيق الأمني الصارم والمنيع عبر السلك الشائك (الشيك) والمسافة الآمنة داخل قطاع غزة المحروسة من قبل قوات "حماس" كي لا يلقى  أحد ولو حجر ضد الإسرائيلي، لا يحق له أن يلقي التُهم، أو يعطي نياشين الوطنية لهذا أوذاك؟

كما لا يحق له أن يدعي الديمقراطية حين يُضرِب المعلمين في الضفة، فيكون هو صوتهم!؟ وهو يقمع المعلمين بالألف شيقل في غزة؟

وأيضًا لا يفهم أي عاقل تجارة اللسانين حين تعم الضفة الغربية الانتخابات في كل الجامعات والمؤسسات التي تفوز فيها حركة فتح بجدارة، ولا يأبهون الا حين فوزهم بأي مكان، مفترضين بخسرانهم عدم وعي من الجماهير؟! التي ترى وتفهم، فلا مقاومة مسلحة أو غير مسلحة من "حماس" بالضفة، ولا رغبة بالرد من غزة مطلقًا وإنما شعارات متكررة.

دعني أقول بالمقابل أن حركة "فتح" بقيادتها، وبالضفة الغربية تحديدًا لا تسعى للكفاح المسلح ولا تريد إطلاق المقاومة المسلحة بوضوح، لا كما تردد شعارات "حماس" باستعراضية، نعم هذا واضح جدًا، وهي التي جلبت كل الفصائل عام 2020 بلقائها كل الأمناء العامين مع الرئيس تحت راية المقاومة الشعبية السلمية، فكيف لها أن تناقض نفسها وتدعو لما جلبت له كل الفصائل؟

نعود لقصة (إبريق الزيت) المتكررة من قبل "حماس" فكلما حصل حدثٌ ما تجد وسائل اللعن والطعن والتقبيح والاتهام والفتنة والتثبيط والتعبئة المضادة، وقنابل الدخان تلقى من قبل وكالة (س) وفضائية (ص) التابعة لحماس! لتُحبِط أي محاولة اقتراب أخوي! فتكبّر من الأخطاء وتعمق الانقسامات الى الدرجة التي يصبح فيها المواطن غير راغب بالنظر لإيجابيات هذا الفصيل أوذاك، بل وعلى رأسه صاحب الاتهامات نفسه، بمعنى أننا بذلك نحطّم جدارنا الوطني الحاضن أو الموحد الذي يفترض أننا أمام عدو واحد.

التنسيق الأمني بمعنى منع العمل المسلح هو قائم بكل وضوح وبصرامة عزّ مثيلها من قبل "حماس" في غزة بل وبيد من حديد، وهو ملزم للسلطة الوطنية الفلسطينية ضمن الاتفاقات التي خرقتها القوات الصهيونية منذ العام 2000 حتى اليوم، فتقوم بأعمالها العدوانية دون إذن من أحد، وبلا أي تنسيق أصلًا مع السلطة، و(لايحزنون). ليأتيك مأفون ويلقي بتهمة هنا أو هناك على كاهل السلطة متناسيًا أن جدول منع العمل العسكري مُلزم لسلطة رسمية، وملزم لحزب أوفصيل يقيم دولته المنفصلة في غزة!

فكرة العمل المسلح أو العسكري لا يجوز اللعب بها، أو التغني بها هكذا للكسب الحزبي الفصائلي، وعلى حساب الشهداء الأبطال من الشباب الذين يعملون على هدى الشهداء السابقين، وحتى دون حرفية أوإرشاد. وليس على هدى الأحزاب الحالية، سواء في الضفة أو من غزة ما يحتاج لتعمق في برامجها وشعاراتها المغايرة للحقيقة على الأرض، ويحتاج لجهد مشترك "شمالي جنوبي فلسطيني"، بل وعربي عام.

في ظل كل الامكانيات التسليحية وعلى رأسها المسيّرات اليوم، والتقانية (التكنولوجية) الصهيونية والعالمية حيث الوسائل الاتصالية تنقب وراء كل شخص إينما حلّ أو رحل، يستدعي من الحكماء حسن النظر والتقديرواختيار الوسيلة النضالية الأنجع، وهو ما آلت اليه اتفاقية الفصائل باعتماد المقاومة الشعبية عام 2020 كما أسلفنا.

لا نريد أن نكرر الاتهامات التي لا معنى لها بالتعاون مع العدو، فهذا عيب ولا يجوز. فلا نراها نحن لا عند حركة "فتح" ولا "حماس"، ولا غيرهما.

الانتهازيون والموبوءون موجودون هنا وهناك، حيث نرى الانتهازية في بعض قيادات "حماس"، والفصائل الاخرى ومنها "فتح"، وهي القيادات التي تتساوق مع الاجواء أو تقوم بالاصطياد في المياه العكرة، أو ضمن اللعبة الاقليمية، أوفي مسار المنافسة الحزبية المقيتة التي نرفضها.

نتساءل كيف لنا أن نلتزم كطرفين (السلطة الرسمية مقابل قوات "الحسم العسكري" بغزة) بالتنسيق الأمني الذي نقوم به معًا، أو نقرر أن نرفضه معا؟ وما الاستراتيجية المشتركة هنا؟

كيف ذلك؟ نحتاج لجواب مشترك ينعكس بالمكانين، ولا يسرى هنا ولا يسري هناك؟

ونقول للحريصين على الديمقراطية نظريًا في مكان ويرفضونها عمليًا لديهم أن اتقوا الله ولا تُفْرِطوا بالباطل.

إن النظر للنفس أولى، فحيث تنعدم راية المقاومة الفعلية، وراية الديمقراطية يصبح رفع لوائها في وجه الآخرين بلا معنى؟

أما عن الاتهامات الفتنوية الجاهزة كل (مادق الكوز بالجرة)، خائن أو لا وطني أو عميل أوغير مسلم، أومستسلم، فيجب ان تنتهي، فالناس بالشارع تعلم أن القيادات الميدانية من الشباب التي تعمل على الأرض هي تفعل ما تفعل نتيجة تقصير كافة الفصائل في الإرشاد أو في تبيان حقيقة الطريق، فهي لا تقود بل تُقاد.

الفصائل السياسية هي من جانب لا تريد أن يشار لها إسرائيليا وامريكيًا بأصابع الاتهام أنها وراء العمل العسكري فيتم تدميرها، وتريد بالمقابل أن تكسب الجماهير –على فرضية أنها مغفلة وبعيدة عن الواقع- فتدعي بالشعارات دعم المقاومة المسلحة؟

لا ياسادة يا كرام، لم يكن يومًا شعبنا الفلسطيني صغيرًا، بل هو يفهم أولئك مدعي الاسلام حصريًا او مدعي الوطنية الحصرية او متهمي غيرهم بالخيانة، أو الارتزاق أو غير ذلك.

إن الشعب الفلسطيني وإن بدا عاطفيًا في مواقف وأحداث العدوان والقتل اليومي، فهو شعبٌ بمجمله عاقل ويقدر ويزن الامور، منذ وجد في هذه الأرض من آلاف السنين وحتى اليوم، وسرعان ما يقدر حقيقة الاحداث والمواقف السياسية الصائبة، ويفهم  حقيقة الوسيلة المطلوبة والطريق المحقق للنصربإذن الله.

نقول ليكمّم كل من الأدعياء فمه جيدًا.

ويتفكر طويلًا قبل الحديث.

ولينظر لنفسه أولًا فمن كان بيته من زجاج لايرجم الناس بالحجارة.

أو يتجلد ويقف عند حدود الحقائق بعيدًا عن فتح باب الفتنة.

أو الأفضل لقادة الفصائل أن يمدوا أيديهم لبعضهم البعض فيرسمون  بعضًا من الخطوط الحمر ويعكسونها على أفعالهم وخطاباتهم ووسائل دعايتهم، فنحترم بعضنا، ويحترمنا العالم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179633
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19