• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أنا مدينة العلم وعلي بابها . كل من لم يدخل من الباب فهو سارق ولص. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

أنا مدينة العلم وعلي بابها . كل من لم يدخل من الباب فهو سارق ولص.

 في السماء ابواب وفي الأرض ابواب، ابواب السماء هي ابواب رحمة الله التي تُفتح بواسطة الدعاء والأعمال الصالحة (وفُتحت السماء فكانت ابوابا).(1) (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء).(2)

فالأدعية هي مفاتيح مغاليق ابواب السماء، وسماء السماوات .عن النبي (ص) قال : (إن أفضل العبادة الدعاء، وإذا اذن الله لعبد في الدعاء فتح لهُ أبواب الرحمة).(3) وابواب الله في الأرض الأنبياء وخلفائهم والصالحين. فالنبي هو البوابة في الأرض تعرج ببركته الأشياء إلى السماء وينزل ببركة وجوده كل ما ينفع الإنسان ويُصلح شأنهُ في الحياة الدنيا، وهكذا هم الاوصياء والصلحاء .فكل الأنبياء هم أبواب رحمة الله ومصدر من أهم مصادر علوم الإنسان ومنبع من ينابيع المعرفة. فلم يُحسن الانسان استغلال وجودهم من أجل رقيّه وتقدمه ، بل عمد إلى إعلان الحرب عليهم ومطاردتهم وعدم اعطائهم الفرصة ليفتحوا للناس مغاليق ابواب البركات لا بل عمدوا إلى قتلهم بأبشع الطرق وملاحقة كل من تبعهم وآمن بهم. فاغلقوا بذلك هذه الأبواب المباركة فحرموا انفسهم والناس من خير كثير.

فالأنبياء في الأديان السابقة هم مدن علم الله ولم تخبرنا تلك الكتب عن أبواب هذه المدن بعد الأنبياء، ومن هو الوارث ولربما سبب ذلك ــ حسب قول تلك الكتب ــ هو أن اوصياء او خلفاء او تلاميذ الأنبياء السابقين لم يكونوا معصومين او مهيأين لتقبل هذه العلوم ، ولربما لم يجد الأنبياء من يأتمنوه على علومهم وحسب ما ورد في تلك الكتب فإن بعض اوصياء اولئك الانبياء خانوهم او تسببوا في انحراف الرسالة بعد رحيلهم ولم يكن عندهم الاستعداد لحمل تلك العلوم فمنذ زمن نبينا آدم عليه السلام وحتى زمن السيد المسيح حصل بين النخبة منهم بعض المخالفات او الضعف ( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله).(4) (يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني).(5)

وحتى زمن المسيح فقد خانه بعض اوصيائه وفرّوا عنه وقت الشدة، لابل ان بعضهم القى ازاره وهرب عريانا. (فتركه الجميع وهربوا فتبعهُ شاب لابسا إزارا، فترك الإزار وهرب منهم عريانا فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة).(6) لا بل تحالف بعض تلاميذه مع الشيطان ، حسبما يخبرنا به الإنجيل. (فدخل الشيطان إلى يهوذا الاسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر).(7) لربما بسبب عدم عصمتهم لم يختارهم الله تعالى لكي يكونوا ابواب مدائن علوم الأنبياء.

أما في الإسلام فقد ختم الله الأديان بمحمد (ص) فتجمعت كل علوم الأنبياء وشرائعهم في شخص النبي محمد صلوات الله عليه واله فكان بين يديه كل شيء (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء).(😎 فكان هو مدينة علم الله تعالى وبما أن النبي محمد (ص) خاتم الأنبياء كان ولابد لمن يخلفه ان يكون معصوما لكي يكون المدخل إلى مدينة علم النبي، فكان هذا الباب شديد الأهمية لأنهُ المدخل إلى كل ما نزل على الأنبياء ولذلك نرى السيد المسيح يصف كل من لم يدخل إلى مدينة العلم عبر هذا الباب فهو سارق ولص كما نقرأ (الحق الحق أقول لكم: إن الذي لا يدخل من الباب فذاك سارق ولص. جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ولذلك لم يسمعوا لهم).(9)

لقد بيّن السيد المسيح اسباب عدم انتشار رسالات الأنبياء السابقين وهو تسيّد من لا علم له ، لقد كان الغاصبون عثرة في طريق نشر رسالات الأنبياء (ولذلك لم يسمعوا لهم). لم ينصاع لهم الناس ولم يسمعوا فتسببوا بخراب الدين وحرف مسيرة شرائع الانبياء.

هذا الباب ضيّق لمن لم يكن صادق في ولائه مخلص متفانيا في محبته لا يستطيع ان يدخله إلا من يؤمن به ويسعى بجد واخلاص الدخول منه وقد رسم لنا السيد المسيح صورة واضحة لذلك فقال: (ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه، اجتهدوا أن تدخلوا من الباب ، فإني أقول لكم : إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ــ هذا الباب ــ ولا يقدرون). (10)

اما في الإسلام فمع وجود هذه المدينة وبابها الذي اشار له النبي (ص) كما في الحديث (أنا مدينة العلم وعليٌ بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب).(11) إلا أن الناس اختاروا أن يكونوا سرّاق ولصوص فيدخلوا من أبواب شتى ولذلك تفرقت بهم السبل عن سبيل الله (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون).(12) عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب (ع) (أنت الطريق الواضح وأنت الصراط المستقيم).(13)

فعلي ابن ابي طالب (ع) ليس فقط باب مدينة العلم بل هو باب آخر فتحهُ الله تعالى لعباده فعن ابن عباس : أن النبي (ص) قال : (علي باب حطة، من دخل فيه كان مؤمنا ، ومن خرج منه كان كافرا).(14) وفي تفسير ذلك قال المناوي : قوله تعالى : وقولوا حطة، المعنى أن علي بن أبي طالب طريق حط الخطايا، من دخل منهُ كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا. (15) وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب : سألنا رسول الله (ص) عن عليّ (ع) فغضب، فقال : (ما بالُ أقوام يذكرون من له منزلة عند الله كمنزلتي ومقام كمقامي إلا النبوة، ألا ومن أحب عليا استغفرت له الملائكة وفُتحت له أبواب الجنة). (16)

فحب علي يفتح أبواب وليس باب واحد. لقد امر الله تعالى أن تؤتى البيوت من ابوابها فقال تعالى : (ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها).(17) عن الامام الصادق (ع) : (الأوصياء هم أبواب الله التي منها يؤتى ولولاهم ما عُرف الله عز وجل وبهم احتج الله تعالى على خلقه).(18) ولكن الناس اختاروا أن يكونوا لصوص وسرّاق فدخلوا البيوت من ظهورها.

المصادر:

1- سورة النبأ آية : 19.

2- سورة الأعراف آية : 40.

3- وسائل الشيعة ج7 ص:31.

4- سورة المائدة آية : 30.

5- الأعراف آية : 150.

6- إنجيل مرقس 14 : 50.

7- إنجيل لوقا 22 : 3. هذا ما يراه الكتاب المقدس ، والرؤية الاسلامية تختلف اختلافا بيّنا لان القرآن اخبرنا بأن الحواريين كانوا انصار الله.

8- سورة النحل آية : 89.

9- إنجيل يوحنا 10: 1ــ 8.

10- إنجيل متى 7: 14.و: إنجيل لوقا 13 : 24.

11- البداية والنهاية ابن كثير، ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ج11 ص : 96. الجامع الصغير السيوطي ج1 ص : 3247.

12- سورة الأنعام آية : 153.

13- شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني ج 1 ص : 75. وفيض القدير ج3 ص 46. و : كنز العمال ج5 ص : 600.

14- ينابيع المودة القندوزي الحنفي الجزء 2 ص : 401.

15- انظر فيض القدير للمناوي ج4 ص : 356.

16- بحار الأنوار : ج7 ص 321. و ج 39 ص : 277 حديث 55.

17- سورة البقرة آية : 189.

18- تفسير الميزان ، الطباطبائي ـ تفسير سورة البقرة آية : 189.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=177759
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18