• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإعلامية العراقية وعالم الفضائيات .
                          • الكاتب : عالية خليل إبراهيم .

الإعلامية العراقية وعالم الفضائيات

 الانفجار الهائل في الفضاء المرئي العراقي بعد ربيع 2003 والذي كان استجابة ضرورية  لتغير المعطيات السياسية وما استتبعها من تغيرات في الأطر الثقافية والبنى الاقتصادية والقيمة للمجتمع العراقي0 أسفر هذا الانتشار الواسع للفضائيات والانشطار المتواصل في زيادة عددها وتباين توجهاتها عن مشاركة للمرأة في هذا المضمار الحيوي والمهم في تشكيل الوعي الفكري والثقافي للمجتمع، فهل المرأة العراقية مستعدة ومؤهلة لخوض هذا التحدي في ظل ظروف سياسية وامنية اقل ما توصف به بأنها متشجنة وغير طبيعية؟ وما الذي استطاعت ان تحققه على صعيدي الحضور والابداع على الشاشة المستديرة ؟وهل لدينا اعلاميات عراقيات يقفن الى مصاف القامات الاعلامية العربية (النسائية) تلك اسئلة ينبغي الاجابة عنها في هذه الورقة 0
 لاشك ان المرأة العراقية لم تكن في اتم جاهزيتها اثناء وبعد التغيير لتصدر المشهد الاعلامي ومن ثم قيادته فلم تكن في العراق قبل سقوط النظام الا كلية اعلام  واحدة فقط وكان الالتحاق بها مقصورا على فئة قليلة لديها دعم وقبول من جهات حزبية معينة، ولم تكن هنالك الاقناة تلفزيونية واحدة او اثنتين على اكثر تقدير،ليس ذلك فحسب بل ارجح ان السبب الاساسي الذي كان وما يزال يقف عائقا امام تطور المرأة في المجالات كافة وليس المجال الاعلامي فحسب هو انهيار منظومة التعليم في العراق بالكامل وتقزمها عند ممارسات نمطية وكليشهات جاهزة كانت اساسا لانتشار الجهل وسطحية التفكير عند الذكور والاناث على حد سواء وان كانت اثاره على المرأة اشد ضراوة وتاثيرا لان هذه المنظومة المصاغة وفق ذهنية ذكورية مهيمنة قد تبنت كل الافكار التي تقصي المرأة وتحجم دورها في الحياة العامة في المجالات كافة ،تبعا لهذه المنظومة المتهرئة نشأ جيل كامل من الفتيات المتعلمات تعليما ناقصا يرفعن شعار الرضوخ والاستسلام 0
لكن القاعدة لاتلغي الاستثناء بالـتأكيد فمنذ حدوث التغيير المدوي وظهور القنوات التلفزيونية والتي كان اغلبها عربيا ظهرت وجوه نسائية عراقية عملن مع تلك الفضائيات بوصفهن مراسلات اخباريات وقد تميزن بالذكاء والموهبة والمواقف الوطنية المبدئية هذا بالاضافة الى الشجاعة النادرة وتحدي الصعاب في وقت عصيب كان فيه مجرد خروج المرأة من البيت الى العمل يعد شجاعة واقداما ،ولابد ان نشيرفي هذا الصدد الى الاعلامية البطلة اطوار بهجت التي استشهدت على ايد زمرة ارهابية ضالة وهي تؤدي واجبها الاعلامي بجرئة نادرة 0 ويصح القول ان بأستشهاد اطوار بهجت ان المرأة الاعلامية والاعلام العراقي بشكل عام قد فقد اعلامية كان من الممكن ان لها شأن كبير في الاعلام العراقي لما تتميز به من مهنية وكفاءة وشجاعة 0
من المميزات في هذا المجال نذكر هديل الربيعي مراسلة العربية ورفل مهدي مراسلة الحرة التي تميزت تقاريرها الاخبارية بالنضج والجرأة والمصداقية 0
 هذا فيما يخص جانب من جوانب الاعلام المرئي وهو جانب المراسلة الاخبارية ،ماذا عن الجوانب الاخرى،عن قيادة العمل التليفزيوني فعلى الارجح لاتوجد امرأة على قمة الهرم القيادي لفضائية من الفضائيات سواء اكان تمويلها حكوميا ام اهليا حزبية كانت ام مستقلة فجميع النساء يشغلن مناصب ادارية من موقع ادنى ولايساهمن في صنع سياسة وتوجهات القنوات ويقتصر دورهن على الجانب التقني والفني ،من الممكن ان نضرب مثلا بخيرية المنصور التي تعمل بصفة منتج منفذ لاغلب برامج قناة البغدادية ،قلة تواجد المرأة على قمة قيادة القنوات انعكس بشكل سلبي على تعاطي الاعلام المرئي مع قضايا المرأة فلا توجد قناة تلفزيونية تأخذ على عاتقها تبني قضايا المرأة والمطالبة بحقوقها في مجلات (صياغة الدستور،الحقوق المدنية،التعليم ،الصحة،الضمان الاجتماعي،تنمية الاقتصاد) واعني بذلك التبني الممنهج والمدروس لقضايا المرأة، حيث جرت العادة  في القنوات ان يكون هناك برنامج في كل قناة عن المرأ ة مدته لاتزيد عن نصف ساعة او اكثر بقليل يعرض في وقت لايعد نموذجيا في المشاهدة وكأن قضايا المرأة في مجتمع شرقي ابوي (باطرياركي) يموج بمعتقدات وافكار وطروحات متباينة تحل ببرنامج صغير0 بأختصار ان تقديم هذه البرامج يتم من منطلق دعائي عشوائي وغير مدروس(تحصيل حاصل) كما ان هذه البرامج جاءت استجابة لسياسة ملء ساعات البث المتبعة في المحطات
  قد نشير بهذا الصدد الى قناة الحرية الفضائية التي قدمت في فترةمن الفترات برامج معمقة وناضجة عن قضايا المرأة وقد تم النقاش بجرأة وموضوعية وقدمتها نيرمين مصطفى0
ماذا عن المرأة كمقدمة برامج ،اومعدة ،او محاورة ،هنا لابد ان نناقش اجراء تعسفي وفصل قسري تمارسه القنوات ضد المرأة الاعلامية واعني بذلك مسألة السفور والحجاب فالقنوات التابعة لاحزاب دينية غالبيتها لاتقبل بالاعلامية السافرة سواء اكانت مذيعة او مراسلة او مقدمة برامج وهي لذلك تعلي من مكانة شأن شخصي يخص المرأة بمفردها على جانب الكفاءة والذكاء والحضور والثقافة ،القنوات الليبرالية بدورها لاتعطي الفرصة للاعلامية المحجبة في الظهور واثبات الذات الا في بعض القنوات التي ترغب في الحفاظ على الاعتدال مثل قناة العراقية ،ان تعامل منظومة الاعلام العراقي بهذا الفكر المتطرف مع قضية الحجاب والسفور يدل على ان المنهجية الاقصائية تتحكم في توجهات القنوات وهي بذلك انعكاس للمجتمع الذي لم يع معنى الديمقراطية الحقة، وان المجتمع بشكل عام والرجل على  وجه الخصوص ما زال ينظر الى المرأة  بعين ضيقة  اساسها الدونية والتهميش وفرض الوصاية ،من ناحية ثانية اثر هذا التوجه لدى المحطات على تدني كفاءة المرأة الاعلامية فالمحجبة موجودة في القناة الدينية لانها ترتدي هذا الزي وكذلك السافرة في القنوات الليبرالية بينما تتراجع معايير العمل الى موقع ادنى اوثانوي وليس من الانصاف ان تطالب المرأة ان تستجيب لاشتراطات مسبقة واطر ضيقة في ادائها المهني،وليس في صالح تطور الاعلام ان يقصي الاعلامية لانها ترتدي هذا الزي اوذاك0
 من الملاحظ ان المذيعة العراقية لاتقدم سوى نشرات الاخبار وبرامج المراة والطفل وبرامج المنوعات وتواجدها قليل في البرامج الحوارية المعمقة سواء اكانت سياسية او ثقافية اوفكرية
ومشاركتها قليلة في البرامج التي تعا لج قضايا المواطنين وهمومهم اليومية،بعض المذيعات    اللواتي تفرض عليهن ظروف العمل ان يجرين حوارا مع شخصية سياسية اوثقافية تجدهن ينظرن كل لحظة واخرى في ورقة الاسئلة المعدة سلفا(من قبل رجل) فهن غالبا لايمتلكن أي خلفية عن الموضوع المتحدث عنه وعن الشخصية التي يجري الحوار معها،والمرأة غالبا لاتشارك في اعداد البرامج السياسية والثقافية والحوارية وان شاركت في تقديمها احيانا0 هنا لابد ان نذكر الاعلامية داليا العقيدي التي تميزت بتقديم الحوارات السياسية من شاشة السومرية0 
في البلدان العربية الاخرى والتي ينخفض فيها منسوب الديمقراطية وتمثيل المرأة في البرلمان او الحكومة عن ما هو موجود في العراق الراهن نجد ان هذه البلدان تمتلك اعلاميات من الوزن الثقيل والمؤثر في المشهد الاعلامي العربي ،في مصر على سبيل المثال القائمة تطول مثل(منى الشاذلي)تقدم برنامج العاشرة مساءا على قناة النيل البرنامج يعالج قضايا شائكة ومهمة في المجتمع المصري،وهو برنامج يشاهد عربيا ايضا ،(لميس الحديدي) تقدم برامج ثقافية وحوارية مهمة من على التليفزيون المصري و(وفاء الكيلاني)قدمت برنامجا من على قناة روتانا استقطب الاهتمام  في الشارع العربي وهو برنامج( ضد التيار)الذي اخذ على عاتقه محاورة الشخصيات الاكثر جدلا في العالم العربي وتتم محاورتهم في قضايا شائكة كقضايا الدين والجنس والمخدرات بالاضافة  الى القضايا السياسية تقدم الان برنامجا ناجحا اخرمن على شاشة(ال،بي،سي)بعنوان(بدون رقابة)، وايضا الاعلامية هالة سرحان كان لها صولات وجولات في برامج تلفزيونية تلامس قضايا المسكوت عنه في المجتمع العربي0
الاعلاميات اللبنانيات المنتشرات على خارطة الاعلام العربي والخليجي خاصة هن ايضا مميزات ومؤثرات في مجالهن المهني نذكر منهن جيزيل خوري التي تقدم برنامج بالعربي من على شاشة العربية وتعد جيزيل في مقدمة الاعلاميات العربيات النابهات اللواتي يمتلكن اسلوبا متفردا وثقافة  واسعة في ادارة الحوار مع الشخصيات السياسية والثقافية والفكرية ،(شذى عمر) عملت لسنوات مع قناة (ال بي سي)في تقديم برنامج (المشهد) وهو يعالج المسائل السياسية0 ولابد ان نذكر الاعلامية مي شدياق التي تعرضت لمحاولة اغتيال لجرأتها ونقدها اللاذع0
ترى اين الاعلامية العراقية في خضم هذا التظاهرة الحاشدة للاعلاميات العربيات المميزات ؟
المرأة العراقية كانت وستظل قادرة على التميز والمنافسة وهي مليئة بالروح الوثابة والطاقة الخلاقة لكنها في هذا المجال بالذات(الاعلام المرئي) محتاجة لاخذ زمام المبادرة من الرجل والاثبات له انها قادرة على صناعة اعلام مميز وبرنامج ناجح،بلاشك ان الاعلامية العراقية محتاجة لتحدي الذات والمجتمع والتقاليد والظروف الامنية حتى تبلغ الغاية المرجوة0
 الاعلام العراقي بدوره لابد ان يعطي للمرأة فرصتها في التفوق واثبات الذات ولابد ان يأخذ على عاتقه النهوض بالمرأة من خلال فسح المجال لها في الظهور والتأثير من خلال ترك ذهنية الاقصاء والوصاية الذكورية والسماح لها بالتعبير عن ذاتها بحرية ومساواة،ومن الممكن ان يكون هنالك برنامج عمل يتبناه الاعلام العراقي بهدف النهوض بواقع المرأة الاعلامية من خلال فتح الدورات التخصصية وارسال البعثات واقامة المسابقات التلفازية0
 ان النهوض بمستوى اداء المرأة الاعلامية اصبح ضرورة ملحة فرضتها تضخم الفضاء بعشرات القنوات فمن غير المعقول ان تتسع الفضائيات بشكل كبير وتتضائل الكفاءة بشكل كبير ايضا0       
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1759
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28