• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حوادث مجهولة المسؤوليات  .
                          • الكاتب : باسل عباس خضير .

حوادث مجهولة المسؤوليات 

 أصيبت العاصمة بغداد يوم السبت الماضي بفاجعة كبيرة تثير الاستغراب فقد تعرض مبنى المركز الوطني للتحليلات في ( ساحة الواثق ) المكون من عدة طوابق للانهيار الكلي والمفاجئ وتحول إلى كتل كونكريتية وأتربة سقطت على الأرض وغطت جثث الأبرياء لايزال البحث عنها مستمرا منذ ثلاثة ايام ، وهذا المركز من المشاريع الاستثمارية لهيئة استثمار بغداد حيث اعتمدته بالإجازة 402 لسنة 2018 دعما للقطاع الصحي الخاص ، وحسب المعلومات الأولية من مديرية الدفاع المدني فان أسباب انهيار البناية تعود لوجود إضافات غير نظامية على تصميمها الأساسي في حين تتكلم تغريدات عن وجود أخطاء جسيمة في أصل التصميم وطريقة التنفيذ ، وقد نجم عن الحادثة  خسائر أبرزها إصابة الناس بالفزع والخوف من وقوع هكذا حوادث بعد تكرار حدوثها لمرات و سقوط عددا من الضحايا وانتشال الأشخاص الناجين من تحت الأنقاض  ، وتمثل هذه الحادثة خسارة كبيرة للأرواح والأموال وهي كارثة إنسانية بالفعل عندما يتحول المواطن من مراجع يبحث عن العلاج والشفاء على نفقته الخاصة إلى أشلاء تحت الركام ، وحادثة بهذا الحجم و النوع تدل بشكل مؤكد على وجود مخالفات في مراقبة تنفيذ المشروع والحفاظ على جودته استنادا للمعايير والمواصفات  ، وهو ما يشير إلى الهزالة والمهزلة في إدارة بعض قطاعات الدولة في العام والخاص وما يتخللها من إهمال وفساد ، وهي عوامل تحول البنايات القائمة لتكون قنابل موقوتة عندما تكون بعيدة عن الرقابة الدورية  لشروط السلامة والأمان . 
 وتتحمل مسؤولية مثل هذه الكوارث جهات متعددة ومنها هيئة الاستثمار التي عليها متابعة الاستثمارات مع الجهات المعنية وليس منح الإجازات فحسب وكذلك  أمانة بغداد كونها الجهة المعنية بمنح إجازات البناء والإضافة والتحوير ورصد التجاوزات والمخالفات من خلال دوائر البلدية التي غالبا ما تكون بموقف المتفرج ولحين المراجعة لانجاز معاملة حيث تقوم بفرض الغرامات واتخاذ إجراءات لا ترقى إلى مسؤوليتها في المحافظة على متانة البناء واستخدام المواد الملائمة وقياس درجة التحمل وغيرها من التفاصيل ناهيك عن ما يتخلل ذلك من شبهات فساد ، كما تشترك مديرية الدفاع المدني بالمسؤولية فرغم جهودها الحثيثة في كل الحوادث فان من واجباتها إجراء الكشف ألموقعي الدوري ( الوقائي ) المبكر لكل المشاريع بما يضمن توافر شروط السلامة والأمان واتخاذ ما يلزم بموجب قانونها 44 لسنة 2013 ، كما تتحمل وزارة الصحة الجانب المهم كونها الجهة القطاعية للخدمات الطبية وصاحبة المسؤولية الكاملة عن أداء المؤسسات الصحية غي الحكومية وهي لم تجيب على الأقل عن كيفية تحول المبنى لمستشفى وعيادات وسكن وهو مركز للتحليلات المرضية بموجب إجازة الاستثمار ، ومن ( محاسن الصدف ) وقوع هذه الحادثة في صباح يوم عطلة السبت واغلب الشوارع والجسور محدودة الحركة مما اوجد عدد قليل من المراجعين في البناية التي يراجعها المرضى يوميا بالعشرات او المئات ،  ومن المؤسف والمخزي أن تتنصل الجهات المعنية عن أدوارها بعد حصول الحوادث وسقوط الضحايا وتبديد الأموال والثروات دون أن يحاسب أحدا تحت مسوغ إنهم بانتظار نتائج  التحقيق  والذي غالبا ما يتبعه  نسيان الأمر وظهور حوادث لاحقا هنا وهناك ، والأجهزة المعنية بهذه المواضيع غير مصابة بالعقم فلها ملاكات وأجهزة ومعدات يفترض أن تعمل بموجب معايير وقياسات لتتم معاينتها باستمرار لتلافي الوقوع بهذه الكوارث كما إن من واجب الأجهزة الأمنية والادعاء العام استدعاء المتسببين والمشتبه بهم لهذه الحادثة ووضعهم قيد التوقيف لحين ظهور نتائج التحقيق ، فجثث الضحايا لا تزال تحت الأنقاض وليس من المعقول أن لا يكون هناك تحديد للمسؤولية عن الحادث لحد اليوم لكي يأخذ جزاءه العادل بموجب الشرع والقانون ، وقد أصبح من المعتاد أن تسلط الأضواء على هكذا مواضيع وتأخذ اهتماما رسميا يخفت بعد حين لتبدأ حادثة جديدة وكأن بلدنا محرقة للبشر والثروات وليست دولة عريقة عمرها الحديث أكثر من 100 عام . 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173368
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 10 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29