• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مزامير داوود، ترانيم مهدوية! .
                          • الكاتب : عبير المنظور .

مزامير داوود، ترانيم مهدوية!

 تسبيحات وترانيم واناشيد تحميد وتمجيد للخالق تبارك وتعالى تغنّى بها النبي داوود (عليه السلام) وهذه الترانيم والتسابيح لله تسمى بالمزامير ومفردها مزمور.
مزامير داوود هي "ما كان يتغنى به من الزبور، وقال ابن أبي الحديد: إن داود (عليه السلام) أعطي من طيب النغم ولذة ترجيع القراءة ما كانت الطيور لأجله تقع عليه وهو في محرابه، والوحش تسمعه، فتدخل بين الناس ولا تنفر منهم لما قد استغرقها من طيب صوته...."(١)
وهو ما اكده القران الكريم بقوله تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ" (سبأ/١٠). ومعنى (أَوِّبِي مَعَهُ) اي سبّحي معه فلحسن صوت داوود (عليه السلام) عند التسبيح حالة عجيبة يتحد فيها عناصر الكون الجماد (الجبال) مع الاحياء (الطير)
وهي حالة الاندماج التام مع حسن التنغيم في القراءة بصوت ساحر أخاذ مع الخضوع الكامل لله تعالى تتحد جميع الموجودات بروحانية داوود (عليه السلام) ويسبح الوجود كله لله تعالى.

جُمعتْ هذه المزامير في الكتاب المقدس في العهد القديم منه وهي التوراة في سفر المزامير ويحتوي على  ١٥٠ مزمورا كتب داوود منها ٧٣ مزمورا وسمي السفر بإسمه من باب التغليب ويعتقد بعض الباحثين ان سفر المزامير هو الزبور المنزل على داوود (عليه السلام).
واغلب مزامير داوود كما قلنا تسبيح وتحميد وتمجيد لله تعالى الا ان فيها اشارات عديدة الى الدولة المهدوية ووراثة الصالحين للارض وهو ما ذكره الله عزوجل في قرآنه المجيد: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّلِحُونَ" (الانبياء/١٠٥)
ففي المزمور ٣٧ المعنون ب (مصير اهل السوء) ورد في الفقرة ٩ :
فالأشرارُ يقطعهم الرب
والذين يرجونه يَرِثُونَ الأَرْضَ.

وفي الفقرة ١١ منه: 
أمّا الوُدعاء فيرثون الارض
وينعمون في سلام عميم

والفقرة ١٨ :
الرب يصون حياة الابرار
وميراثهم يبقى الى الابد

اما الفقرة ٢٢ فتنص:
المباركون من الرب يرثون الارض 
والملعونون منه ينقطعون

وفي الفقرة ٢٩ من هذا المزمور: 
أمّا الصدّيقون فيرثون الارض ويسكنونها الى الابد

في هذا المزمور العجيب نلاحظ كمّ التأكيد على وراثة الصالحين والابرار للارض  ومن الثابت عندنا في العديد من الروايات عن اهل البيت عليهم السلام التي تؤول وراثة الارض بالدولة المهدوية اخر الزمان ففي تفسير قوله تعالى: 
"وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّلِحُونَ" (الانبياء/١٠٥) قال أبو جعفر (عليه السلام) هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان".(٢)
 وفي المزمور ٧٢ المتكون من ٢٠ فقرة وهو لسليمان بن داوود نجد معالم الدولة المهدوية واضحة جدا في كل فقرات المزمور، فهو يصف بدقة ابن الملك (كناية عن الامام المنتظر) وعدالته التي ستنصف المساكين من الظلم ومعالم دولته العادلة وغيرها من نصوص فقرات المزمور التي تتطابق كثيرا مع مروياتنا في صفات الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)  ومعالم دولته.(٣)
وبلحاظ ما تقدم ندرك ان النبي داوود (عليه السلام) كان يترنم بمزاميره وتسابيحه بالدولة المهدوية لانه ملك ونبي كان يطمح الى تحقيق العدالة في كل بقاع الارض وليس فقط في حدود الرقعة الجغرافية التي كان يحكمها بل كان يتطلع الى ذلك المخلص الموعود الذي انتظره جميع الانبياء والمرسلين لتحقيق وعد الله على ارضه ووراثته لها ليملأها قسطا وعدلا بعدما مُلئت ظلما وجورا 
ولعله هو سبب اندكاك الموجودات مع داوود (عليه السلام) وذوبانها عند سماع مزامير داوود التي تعتبر ترانيم مهدوية تتطلع الى تطبيق العدالة على الارض.  

الهوامش:
(١) بحار الأنوار، ج ١٤، ص١٥، نقلا عن شرح النهج ٢: ٤٧١.
(٢) تفسير مجمع البيان، ج٧، ص١١٩.
(٣) راجع الكتاب المقدس، العهد القديم، سفر المزامير، مزمور ٧٢، ص ٧٧٨-٧٧٩.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173214
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19