• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الزواج الأكمل .
                          • الكاتب : نعمت ابو زيد .

الزواج الأكمل

عند وصفهما سأخرج عن المألوف،وأتجاوز العبارات وأستخدم كلّ الحروف،هما فاطمة من ترجو شفاعتها الألوف،وعليٌّ صاحب القلب الحنون الرؤوف،ففي ذكرى زواجهما الملائكُ في السماوات العلى مباركةً تطوف .
لأنّ الإسلام هو الدين الأمثل،وضع لنا من السّنن ما هو الأكمل،فأراد للحياة الزوجية أن تكون الحصن الحصين الذي تجتمع فيه كل معاني الودّ والرحمة والأُنس والسّكن،الذي يعني الإستقرار المادي والروحيّ والنفسيّ.فلم تكن الثروة معياراً للسعادة الزوجية ولا المهر ولا الأثاث ولا المظاهر الخادعةنوإنما تلك المعاني الراقية والصّافية.
وإن كنا نريد أن نقدّم مثالاً ناجحاً لهذا الزواج فلا بدّ لنا أن نذكر زواج السيدة فاطمة ع وأمير المؤمنين علي ع،فقد جسّدا أنموذجاً متألّقاً بكلّ مقاييسه،بدءاً من تجهيزاته الى كلّ تفاصيله،فكانت من الأمور أبسطها من البيت،الى الأثاث،الى الحفل رغم مكانتهما وعظمتهما فهما اقترنا بأمرٍ من الله عزّوجل،واحتفل بزفافهما أهل السموات قبل أهل الأرض،وكان زواجاً ميموناً لم تعهد البشرية كعظمته وهيبته.
عندما نتحدّث عن زواجٍ له كلّ هذه الرّفعة لا بدّ أن نُعرّج على أمرٍ يُشكّل في أيامنا الحاضرة عقبةً أمام زواج الشباب ألا وهو"المهر"،الذي يُثقل كاهل الزوج وربما يكون عائقاً أمام زواجه واقترانه بمن يُحب.فالمهر كان يُعتبر في الجاهلية ثمناً للفتاة لقاء تملّك الرّجل لها،وجاء نبيّ الإسلام ليقول إنّ المهر لا يُمثّل أيّ نوعٍ من أنواع التملّك كما أنّ ارتفاعه لا يعني تأكيد القيمة الإجتماعية للفتاة،بل يهدف الى رفع قيمتها ووضعها في مكانٍ لائق،وقيمته المعنوية أكثر بكثير من قيمته المادية،لذلك عبّر القرآن الكريم عنه بأنّه"نِحلة":وآتوا النساء صدُقاتهنّ نِحلة"وهو عطيّة وهبة يُقدّمها الرجل للمرأة كهدية وعربون محبة.ومعيار حفظ هذا الزواج هو المودة والرحمة والأخلاق الحسنة والمسؤولية المشتركة بين الزوجين.لذلك عندما جاء علي ع خاطباً فاطمة ع ،قال النبي ص "هل معك شيءٌ أزوّجك به؟"فقال علي ع "فداك أبي وأمي ،والله لا يخفى عليك من أمري شيء،أملك سيفي ودرعي وناضحي (البعير الذي يحمل عليه الماء)، وما أملك شيئاً غير هذا". فقال ص: "يا علي! أمّا سيفك فلا غنى بك عنه تجاهد به في سبيل الله، وتقاتل به أعداء الله، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك، وتحمل عليه رحلك في سفرك، ولكنّي قد زوّجتك بالدرع ورضيت بها منك"(1). وفي رواية أخرى، أنّ الزهراء عليها السلام طلبت أن يكون صداقها شفاعة المذنبين من أمّة أبيها ص ، فنزل جبرائيل ع ومعه بطاقة من حرير مكتوب عليها: (جعل الله مهر فاطمة الزهراء عليها السلام شفاعة المذنبين من أمّة أبيها).3)
إنّ زواج النورين كان زواجاً مباركاً من عند الله تعالى، وقد شكّل نبراساً لكلّ السالكين في طريق الهداية والرشاد، ومثّلت حياتهما الزوجية مثالاً يحتذى لكلّ السائرين في طاعة الحق،وكانت ثماره أعلام الأمة وهداتها عليهم السلام.      
1_     المجلسي، بحار الأنوار، ج‏43، ص‏127.
2_       الكافي، الشيخ الكليني، ج‏5، ص‏378.
3_       إحقاق الحق، ج‏10، ص‏367.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170132
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19