• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : يامن أرجوه لكلِّ خير.. أين الرجبيون؟ .
                          • الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي .

يامن أرجوه لكلِّ خير.. أين الرجبيون؟

ما دهى الذين يتزلفون إلى لئام الخلق طمعاً بثمنٍ زهيدٍ لا يسمن ولا يغني من جوع ويعرضون عن كرم الخالق الذي يدعوهم ليغفرلهم ويزيدهم من فضله جودا منه وكرما. أهوَ الجهل الذي أُصِبْنا به فأصبحَ ملازماً لنا لا ينفك عنّا، أًم أنه قلة حياءٍ مع الحق سبحانه وسوء أدب، أًمْ أنه تعاسة حظٍ وشقاء، أم أنه العِناد الأعمى عند الحمقى؟! إنها في كلّ الأحوال تجارة كاسدة وفاسدة لا ربح فيها ولا فائدة، رأس مالها النفاق والتملق والتسبيح بحمدِ الكروش المنتفخة. تجتمع عوامل الإنحطاط والضِعة والخِسة في بعض النفوس  الدنيئة فتبعدها عن ذلك المقام الذي يقف فيه المؤمن ذليلا حقيرا بين يديّ الحقِّ سبحانه يرجوه لأمرِ دنياه وآخرته ويأمل من الله ما لا يأمل المنافق الدنيويّ اللئيم. شتّان بين الفريقين اللذين لا يجتمعان مهما صبغ المنافق نفسه بصباغ التدين والإيمان ومهما وضع على رأسه من ألوان الاقمشة والتيجان.المؤمن بقلبه وعمله والمنافق بزيه وألوانه وتلونه.
 ينتظر المؤمنون العاشقون دخول شهر رجب الأصب بعظيم شوق ولهفة لمناجاة المولى سبحانه واستغفاره وطلب العفو ورضاه والجنّة. المؤمن الرسالي الواعي يعلم جيدا ان الرجاء لا يكون بمجرد الدعاء بلسان وإن تكرَّرَ الدعاءُ عَقِبَ كلِّ صلاةٍ مفروضةٍ، إنما يكون الرجاء ملازماً للعمل ولا يفارقه. لقد كتبنا سابقا عن النيّة وتفعيلها وقلنا عندها أن النيّة لا تكفي دون أن نعمل لتلك النيّة الحسنة، الذي ينوي الحج هذا العام عليه أن يعمل للتوفيق للحج وأن يبدأ بإدخار بعض المال والإلحاح بالدعاء بأن يعينه الله تعالى على النفقة والزاد وترك العيال وأن يرزقه الله الرفيق الصالح (والحملدار المنصف القانع ).. واليوم نكرر ذات الشيء هنا وهو أن الرجاء يكون نتيجة عمل متقدمٍ عليه، فكيف يرجو المرء من خالقه كلّ خير وهو لا يعمل الخير يوما! هل هذا ممكن عقلاً؟!. سألني أحد المحترمين عن ذلك وكان طالباً جامعيا فقلت له أنك ترجو النجاح وربما التفوق في الإمتحانات أليس كذلك؟ قال : بلى. قلت إذن عليك ان تدرس وتجتهد وتسهر الليالي وتنقطع إلى دروسك وابحاثك وتحرص على الحضور في الكلية لتستمع الى أستاذك وهو يدلي بملاحظاته العلمية القيّمة، وبعد ذلك ترجو النجاح وتأمل  ان تكون متفوقا قد نلتَ أعلى الدرجات. هذه علامات إمتحان دنيوي سهل يسير فما بالنا بذلك الإمتحان الذي نرجو فيه الخير من الله تعالى (كلّ خير) فالجنّة خير، والعافية خير والتوفيق لمناجاة الله بقلب منقطع إليه مع لسان صادق خير، والتوفيق لما وفق الله له محمدا وآلَ محمدٍ هو خير.
دعوة..
لتكن البداية مع شهر رجب الأصب فنشرع بعرض بضاعتنا على الله تعالى وإن كانت قليلة فإن المولى الكبير المتعال سبحانه يقبل القليل ويعفو عن الكثير. القليل يضاعفه الله تعالى أضعافا كثيرة ويزيده من فضله. يقول أحد العلماء: "أنظر إلى كرم الله تعالى المدهش حقا، إنه هو الذي يعطيك رأس المال ومن ثم يشتري منك بضاعتك وإن كانت تافهة) بثمن يدهشك ومن ثم يضاعفه لك ومن ثم يبارك لك فيه." فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ".
 لتكن البداية مع شهر رجب الأصب فنسارع إلى مساعدة المحتاجين الذين سرق الظالمون الآثمون لقمة عيشهم دون أدنى رحمة. لنتسابق في قضاء حوائج الناس ونتصدق ولو بكلمة طيبة فكم من محتاج لها وهو غنيّ لا يعوزه المال ولا ينقصه المقام لكنه بأمسّ الحاجة لسماع كلمة تدرّ عليه بالنفع والخير الكثير، فربّ كلمة طيبة آخت بين خصمين. وربّ كلمة حقٍّ بوجه ظالم متكبر كانت بمثابة صفعة على وجهه فاق على إثرها من غفلته وأنتبه لحاله.
لتكن البداية مع شهر رجب الأصب فنصلي صلاة ننقطع فيها الى المولى سبحانه لا يشغلنا عن الوقوف بين يديه شاغل. أجل ليس ذلك بالمستحيل لو أحسنا التدريب الروحي والنفسي حتى تصبح العبادة تربية أخلاقية وليست مجرد أدعية وأذكار نقولها ولا نتدبر معانيها، وليست مجرد صلاة بركعتين تقرأ في الأولى سورة الكافرون ثلاث مرات والإخلاص مرّة واحدة وكذلك في الركعة الثانية وكان الله يحب المحسنين. المهم في هذه الصلاة الرجبية العظيمة هو إستشعار الرهبة والخوف والخشوع لله تعالى لأننا نكلم الله ونرجوه لكلّ خير. شاهدت الكثيرين من المصلين ينظرون إلى ساعاتهم اليدوية وهم في اثناء الصلاة!!!! أين الشوق لمناجاة المعشوق أيها الأحبة؟! إليكم القصة:
الشيخ المعتكف..
كتبتُ ذات مرة عن ذلك الشيخ الجليل تحت عنوان آخر ولا بأس بتكرار القصة هنا للشاهد فيها. أعتكف أحد الشيوخ الأفاضل مدة طويلة في بيته لم يخرج لحاجة فتعجب الناس من ذلك ولمّا خرج رأوه بنفسية طيبة وعلى وجهه علامات السرور فعجبوا لأمره وسألوه : ألم تضجر من الجلوس وحيداً في البيت؟ ثم ما سبب علامات السرور على محياك؟ أجاب الشيخ الفاضل: لم أضجر قط، فأنا كلّ تلك المدة  كنتُ بين أمرين إثنين هما:
إن إشتقتُ أن أكلّمَ الله تعالى فأصلي له وادعوه واستغفره وأناجيه وأحمده واشكره. وإن إشتقتُ أن يكلمني الله تعالى قرأتُ القرآن، فأنا (الكلام لا زال للشيخ) ما بين أن أكلّم الله تعالى أو أن يكلمني الله تعالى، ومن كان حاله كذلك كيف يضجر، ومن كان حاله كذلك كيف لا يكون مسرورا. التقرب إلى الله تعالى طمأنينة وسكينة وسرور وتوفيق وخير كثير.
يامن أرجوه لكلّ خير.. أينَ الرجبيون؟




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=164603
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 02 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28