• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التهجير وقانون الجنسية .
                          • الكاتب : د . محمد تقي جون .

التهجير وقانون الجنسية

سبق نشر حلقة بهذا العنوان وأعيد نشرها في صحيفة كتابات في الميزان الغراء مدققة بعد ورود أخطاء فيها، وذلك احقاقا للحق وتثبيتا للحقيقة.

التنقل وليس الهجرة

لا نقول (هاجر) الفيليون إلى العراق، بل نقول (وُجد) الفيليون في العراق أصلاً؛ لأن مناطقهم قبل الترسيم هي نفسها مناطقهم قبل التاريخ. وهذه الحقيقة يجب أن تكون مسلَّماً بها من قبل الدولة العراقية، وعموم الشعب العراقي، ولدى الباحثين في القضية الفيلية.

وعلى هذا الأساس عاشوا ملوكاً في الدولة الميدية التي استمرت قروناً، وعاشوا سُوقة بمعية الدول الدائلة منهم قبل التاريخ وبعده، وبعد الفتح، وفي الدول الإسلامية المتعاقبة. ولم يخلُ منهم مكان بارز في تلك الدول في الجيش أو الإدارة أو في أعمال حياتية مختلفة؛ لأن الشخصية الفيلية القوية والمفكرة تحتم أن تكون لهم أهمية سواء في المركز الأول أو المراكز التالية.

وفي كلتا الحالتين لا يعدّ انتقال الكرد الفيليين في مناطقهم (هجرة)؛ لأن الهجرة: (ترك الوطن)(2)، فليس من الدقة القول: إنهم هاجروا من ?شتكو إلى حوض دجلة، بل يقال (تنقلوا) لأنهم في مناطقهم وليسوا خارجها.

انحصر تنقل الفيليين من ?شتكو إلى المدن الحدودية التابعة لها والمدن العراقية في المدة قبل 1929م وهو العام الذي سقطت فيه ولاية ?شتكو بيد الشاه، وفي هذا العام شطرت اراضي هذه الولاية فأخرجت منها بدرة وزرباطية وعلي الغربي وباكساية وغيرها، وكانت باكسايا من أملاك حاكم ?شتكو غلام رضا خان الشخصية! وعلى هذا الأساس كان تنقل الفيليين ضمن أراضيهم التي ورثوها جيلا عن جيل. وجاء في الوثائق أن الدولة العراقية الى عام 1929 لم تمنح سكان المناطق الحدودية كبدرة وزرباطية جناسي عراقية. وهذا يؤكد ان هذه المناطق الى حد هذا التاريخ لم تكن ضمن اراضي العراق بل ضمن اراضي ولاية پشت?و. ويزيد في التأكيد ان الحكومة الايرانية أخذت تبعث مسجلين الى هذه المناطق لمنحهم الجنسية الايرانية، الا ان اقرار ترسيم الحدود وضم هذه المدن الحدودية الى العراق أوقف هذا الاجراء.

أما بعد عام 1929م فلم يحدث غير حالات تسلل بهدف العمل أو الزيارة، وهذه الحالات لا تسمى انتقالا بعد أن أقيم فاصل دولي، فالفيلي الذي يعبر هذا الفاصل الدولي سيعد مهاجراً بالفعل..ولذا فان تهجير الفيليين الذين سكنوا العراق منذ مئات السنين الى قبل عام 1929 يعدّ جريمة دولية لأنهم مواطنون ولا يحق للدولة طرد مواطنيها أو إسقاط الجنسية عنهم. ويجب أن يعدّ الفيليون عراقيين بلا تشكيك أو تقليل في العراقية والعراقة.

 

أسباب التنقل

أول العوامل التي وقفت وراء تنقل الفيليين (العوامل الاقتصادية). ويعدّ الرعي فالزراعة المهنتين الرئيستين للكرد في پشتكو، ورعي الأغنام عندهم منظم – كغالبية الكرد-على أساس الاستقرار(3)، وهذا يعني وجود (علوات) كبيرة للأغنام يزودها الرعاة المستقرون والجوالون بما يحتاجونه من الأغنام. وكان الفيليون العراقيون (الغنامة) في الربع الأول من القرن الماضي يذهبون إلى مناطقهم الجبلية في (?شتكو) لشراء كميات كبيرة من الأغنام بسعر الجملة وبيعها في الكوت والعمارة وغيرها من المدن العراقية مستفيدين من الفارق الجيد في السعر. وبمرور الوقت استقر في المدن العراقية القريبة فيليون يبيعون ويشترون بالحلال.

وكان الفيلي النازح الكثير الأغنام والأبقار ينزل على الأحياء العربية فيتلقاه العرب بالاحترام والتقدير لرفده إياهم بثرائه المادي. وكانت قرية (الغْرَيبه) في شيخ سعد قد احتضنت فيليين أثرياء (أصحاب حلال) وأعطتهم مكانة بارزة بين رجالها وشيوخها مثل (سعد الله) و(قيرمان) من عشيرة (گه‌له‌ي) وحظيت عائلتهما بمنزلة عالية واحترام كبير من الشيخ والناس على السواء.

أما بالنسبة للزراعة فأراضي الفيليين خصبه تدر الخير الوفير، وقد اتخذها العباسيون مصيفاً لخلفائهم وأمرائهم، ولاسيما ?شتكو (ماسبذان). إلا أن قسوة البرد وتغطية مساحات واسعة منها بالثلوج شتاءً، جعل الفيليين يتخذون من الأراضي العراقية المتاخمة مشاتي موسمية لهم يزرعون فيها أو يرعون أو يبحثون عن أبواب رزق أخرى، وبمرور الوقت استوطن الكثير من النازحين في المدن الحدودية وداخل المدن العراقية الكبيرة. فضلا عن أن الكثيرين في پشتكو تركوا أراضيهم أو استأجروها واشتغلوا في بيع وشراء المواشي.

إلا أن الفقر يعدّ سمة عامة للشعب الفيلي في ?شتكو، وهذا جعلهم يتطلعون باستمرار إلى مناطق حوض دجلة الأكثر دفئاً ورفاهية عيش. وبالفعل كان الفيليون يتداولون اسم العراق قليلا واسم (گه‌رمسير) كثيراً. و(گه‌رمسير) تعني (گه‌رم) و(سير) (گه‌رم: دفء/ سِير: شبع)(4) أي: أرض الدفء والشبع. وإذ كانت مناطقهم الجبلية محدودة الرزق فبالمقابل كانت المدن العراقية تهيئ فرص رزق كثيرة وكبيرة، ولاسيما أن الدولة العراقية تفتح مشاريع تحتاج إلى عملة كبناء السدود والمؤسسات والمعامل وغيرها، والفيليون أقرب إلى مدن العراق منهم إلى مدن إيران الكبيرة ولاسيما طهران العاصمة فضلا عن الاضطرابات الكثيرة فيها، لذا كانوا ينخرطون في العمل بها.

وفضلا عن استثمارات الدولة هناك استثمارات يهيئها العمل الحر ولاسيما لدى الشيوخ والمتنفذين مثل الشيخ بلاسم الياسين وأخيه عبد الله، اذ كانت أراضي الشيوخ تستعمل الفيليين بوصفهم حمالين أو مهرة أو مهنيين أو سقاة وكان لهؤلاء ماطورات لنقل الماء من النهر إلى الأراضي الزراعية وهي الطريقة الأكثر شهرة. كما عملوا لدى التجار الكبار وأصحاب المعامل، وبعض هؤلاء فيليون مثل (شانه) التي كانت تملك معملا ضخماً لغزل الصوف ونسج البسط (السياييد) وبيوت الشعر (الفلي) وكذلك مصبغة كبيرة، ويعمل عندها العرب والفيليون، وكانت بحكم كونها فيلية تبرُّ الفيليين وتحتضنهم.

ويقوم الفيليون بمهن كثيرة يحصرها بعضهم بكل المهن عدا الزراعة للعرب. ومن المهن التي اشتهروا بها الوزانة اذ يوزن المحصول النهائي قبل نقله إلى السوق واشتهرت عائلة ولقب (الوزان) بين الفيليين. واشتهروا بنسج البسط في بيوتهم، وبمهن أخرى كانت في محصلتها تستقطب الفيليين وتهيئ لهم الرزق الجيد وتمنحهم الرغبة في البقاء.

والى جنب الحاصلين على الإقامة، كان يفد إلى العراق بحثاً عن الرزق وفرص عيش أفضل فيليون متسللون لهم أقارب أو أصدقاء في العراق للأسباب نفسها. وهؤلاء يدخلون ويخرجون بطريقة غير مشروعة (قـجق)، وكانت توجد فئة تعمل دليلا للمتسللين عبر الحدود بين الأراضي الإيرانية والعراقية؛ لأنهم يعرفون الطرق الأمينة والمختصرة عبر الجبال والوهاد والسهول، ويحملون بنادق لحماية العابرين من الحيوانات الكاسرة. وهذه الفئة التي لم ترد الاستقرار في العراق ولم تأبه لحقيقة ترسيم الحدود وقيام دولة عراقية وإصدار جنسية تحدد المواطنة والمواطنين، صارت عبئاً على حق الفيليين العراقيين في قضية اعتراف الدولة العراقية بولائهم، وبهؤلاء يتحمل الفيليون جزءاً من المشكلة وتعقيد حلها.

وليس هؤلاء الفيليون وحدهم كانوا يأتون إلى العراق، بل الفرس أيضاً كانوا يأتون لزيارة أضرحة أهل البيت ودفن موتاهم في مقبرة النجف والعمل ايضاً، ومنهم من استوطن هذه المدن المقدسة وهو سبب شيوع اللغة الفارسية فيها. كما استوطنوا مدناً أخرى كالكوت والعمارة وعلي الغربي. وأشهر مدينة نزحوا منها (ديزفول) والنسبة إليها (ديزفولي) والعراقيون ينطقونها (دسپولي) والجمع (دسابلة). وقد عانى هؤلاء معاناة الفيليين نفسها وهي محنة الانتماء إذ عدوا من التبعية ومنحوا الجنسية نفسها، وجُندوا كالفيليين في لواء الأفاعي الثلاث (444). ومؤهلات الفيلي وعقليته الكبيرة جعلته لا يبقى على حاله بل يتطور ليجلس في قمة الهرم الاقتصادي للبلد، ومثلما اشتهر الحمال الفيلي مؤشراً تميزه بالقوة الجسدية، اشتهر التاجر الفيلي مؤشراً تميزه بالقوة العقلية، وهكذا اخذوا مواقع الصدارة في جميلة والشورجة وفي النجف وكربلاء والموصل والبصرة فكانوا التجار والأثرياء في أماكنهم تلك، وقد طال هؤلاء التهجير قبل غيرهم وكانوا احد أسبابه لان مصير البلد الاقتصادي صار بأيديهم.

كما أنَّ إحساسهم بعراقيتهم وميراث التحدي والبطولة دفعهم إلى الوصول إلى مهن علمية حضارية شريفة، فانخرطوا في الدراسة وأثبتوا تفوقهم ليتخرجوا مهندسين وأطباء ومحامين وشعراء ومفكرين وفي كل مجال علمي.

السبب الثاني الذي لا يقلُّ قوة، وربما وازى الأول أو تفوق عليه، هو رغبتهم الشديدة في مجاورة الإمام علي (u) أحياءً وأمواتاً، وهم يطلقون عليه اسم (أ?غـ?) التي تقابل (آغا) الفارسية وتعني: السيد، إلا أن أ?غـ? بالإطلاق تعني الإمام علي، وتعني أيضاً (قرب الإمام) و(مقبرة النجف). وقد نقل عن أحدهم قوله (نيلم صخولام بميني ?ير ?ردلا.. بچم? لاي أ?غـ? = لا أترك عظامي تدفن تحت الصخور بل أذهب إلى النجف قرب الإمام علي).

ويجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار جداً أنهم متميزون باعتقادهم بالإمام علي، وخير دليل على ذلك أنهم لا يكتفون بالتسمية باسمه: (علي)، (عبد علي)، (ولي)، بل يضيفونه إلى كل شيء (سه‌وزه‌لي= أخضر علي)، (گه‌نجلي= شباب علي)، السبب الثالث ظلم الولاة في ?شتكو وإثقال الفيليين بالضرائب، ولاسيما حسين قلي خان الذي عرف بقسوته وثقل ضرائبه، وقد لقب بألقاب كثيرة تبين ذلك منها: أبو قداره لخشونته، وأمير التومان لجمعه الضرائب العالية من الناس وإرسالها إلى خزينة الحكومة(6). وقد ذكر المرحوم (راضي الطباطبائي) في كتابه المخطوط (تاريخ الكوت وعشائره في الغابر والحاضر)، في أحداث عام 1273هـ/ 1857م: " نزح عدد غير قليل من جبل ?شتكو العائد لحسين قلي خان، وأخص بالذكر عشيرة نو?ه‌ر نازر، وكلهر، وكاور، وباوات. ويقال: إن سبب نزوحهم هو فرارهم من حاشية حسين قلي خان. واهم العشائر التي اتخذت الكوت وطناً لها عشيرتا (نو?ه‌ر نازر) و(قدبي= قطبي). ويضيف الطباطبائي: " وقد ازدهرت الكوت بهم في ذلك العصر إذ كانت لهم مهن يحسنونها مثل: الحياكة والحدادة وهما أهم طرق العيش؛ لأن أهل الكوت لا يفهمون طرق الصناعة فأكثرهم في حالة بداوة، فقام الفيليون بنشر مصنوعاتهم وباعوها بأبخس الأثمان. وأهم مصنوعاتهم: صناعة البسط، والعباءات، والأغطية والمنسوجات الأخرى للفرش، كما كانوا يحسنون صنع الآلات الزراعية كالمحراث والمنجل، والمسحاة وغيرها. وبعد مضي مدة من الزمن أصبحوا يزاحمون أهلها في التجارة فكانوا من الوجاهة بمكان(7).

ويضيف شاميليون على ذلك أن التجار عقَّدوا الوضع إذ كانوا يجبرون الحرفيين الماهرين في المدن الصغيرة على العمل من أجلهم، مما جعلهم يفرون من أراضيهم إلى أراض وبلدان بديلة(8)، وقد كان أكثر الفارين إلى المدن العراقية من فيليي الجبل أصحاب الحرف.

والسبب الرابع سياسي يعود إلى مرحلة ما بعد الولاة الفيليين، ففي عام 1929 استحوذ الشاه رضا بهلوي على أراضي الفيليين وجعلها تحت سلطة جباة وعمال فاسدين فأضافوا إلى الضرائب الباهظة الظلم السافر للرعية، مما دفع الفيليين الى القيام بسلسلة من الثورات ضدهم كثورة قدم خير في لرستان وشامحمد ياري المعروف بـ(شامگه) في پشتكو (ايلام) عام 1929. وقد أعقب ذلك حملة تنكيل وقتل وتشريد وإطلاق يد، وبالتالي هرب الكثيرون إلى أقربائهم في مناطق حوض دجلة.

ولمَّا كانت الأرض مفتوحة، فليس يشغل بال الكردي الفيلي سوى عناء المسافة المقطوعة؛ أي انه لا يضع في باله ممنوعات وسيطرات. وفي الفلكلور الكردي أغنية تحكي قصة زواج لفيلي في الكوت من فيلية في ?شتكو. وتشير الأغنية إلى انتظار الزوج موكب زوجته القادم من إيران عبر (بدرة = بـ?ر?ي) وهو ما كان يحدث دائماً في الماضي القريب(9).

وبهذا يتوضَّح عدم صحة مصطلح (الهجرة) وصدق مصطلح (الانتقال) عليهم؛ لأنه سفر في أراضيهم المفتوحة، وان بقيت ?شتكو الأرض الأولى أو الوطن الرمزي للفيليين الذي يزداد حبا لقلوبهم كلما ضيقوا عليهم الخناق واضطهدوهم في العراق.

العشائر الفيلية

مرَّ في الدراسة أن لفظة الفيليين لها دلالتان: دلالة قديمة تعني المجتمع الكبير سليل الماديين الفهلويين، وهو يشمل عموم كرد جنوب غربي إيران (منطقة فهلة) والعراق العجمي، ودلالة حديثة متدرجة في تقلصها إلى كرد (پشتكو)، وقد وصلت الخصوصية درجة أن علاقة الفيليين (الپشتكويين) باللريين صارت محط جدل، وقد أكد لي الدكتور (طيِّب أفشار) نائب محافظ إيلام: أن الفيليين لا يمتون بصلة إلى اللر على الرغم من الجامع الكردي بينهما، وان التقسيم على (لر كبير) و(لر صغير = پشتكو) تقسيم سياسي لا أصولي ونحن نرفضه رفضاً قاطعاً، وترجاني أن أوضح هذا الأمر في كتابي. وبهذا سيكون عندنا ازدواج أو ازدواجان في دلالة الفيلية وهو: إن الأمة أو الدوحة الفيلية تشمل (لر، لك، كلهر، كوران)، بينما تعني الفيلية في إيران (اليوم) سكنة إيلام وكرمنشاه فقط. ودلالة الفيلي في العراق تجمع الفروع الأربعة كلها؛ فكل منتم إلى أي قبيلة أو عشيرة أو فخذ منها هو (فيلي) وهذا جوهر الخلاف بين فيليي إيران والعراق.

وعلى هذا الأساس فالدوحة الفيلية تتفرع إلى أربعة فروع رئيسة هي: (لر، لك، كلهر، كوران) ومنها تتوالد القبائل الفيلية، ومن القبائل تخرج الأفخاذ. وليس من اليسير ذكر أو حصر العشائر الفيلية كلها لكثرتها وصعوبة ضبطها، ولكننا نذكر الكثرة الكاثرة منها والتي توجد في العراق.

 

قانون الجنسية وعراقية الفيليين

عاش الكرد الفيليون في العراق منذ قبل التاريخ بوافر عراقيتهم حتى سنَّ قانون الجنسية الشاذ رقم (42) لسنة (1924). ومن المفارقات أن مناطق حدودية عراقية كانت ضمن ?شتكو آنذاك! وكان حاكم ?شتكو الفيلي (غلام رضا) - بوصفه عراقياً- أحد المرشحين الثلاثة لمملكة العراق (غلام رضا، الشيخ خزعل، فيصل بن الحسين)!!

وتتفق الآراء على أن الجاسوسة البريطانية (المس بل) تقف وراء جوهر فكرة قانون الجنسية هذا، أو بمعنى أدق تقف بريطانيا وراءه؛ فالقانون الذي أطلقته حكومة عبد الرحمن النقيب لم تقم الحكومة بسوى ترجمته من الانكليزية إلى العربية، وحاله في هذا كحال الحكومة العراقية التي صنعتها بريطانية عراقية الشكل بريطانية المضمون(13)، أو هو موروث من العهد العثماني ومطور من بريطانية المحتلة، ليكون في مصلحة الأقلية من المجتمع العراقي التي تعاونت معها وضد مصالح الأغلبية، وكان الكرد الفيلية من بين أكثر العراقيين تضررا من هذا القانون(14).

وطبقاً لقانون الجنسية البريطاني الجوهر والفكرة العراقي العرَض والتنفيذ، كانت إحصاءات السكان في العهد الملكي تسمِّي الفيليين في المدن العراقية (إيرانيين) وهي تجعلهم ضمن السكان فتعترف بأنهم ساكنون دائميون(15)! ومن عجيب الخلط، بل من خسيس الزيف أن صدام حسين عدَّ الفيليين في المناطق الحدودية كبدرة وزرباطية عراقيين أصليين، ليرسم حدوداً بشرية عراقية، وهكذا صار الفيلي (البدراوي والزرباطي) عراقيا والفيلي في الكوت وبغداد والعمارة وغيرها ايرانياً، وهي مفارقة تظهر ضحالة صدام وحقيقة وزيفه. وإمعاناً في الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري والطائفي، كانوا يثبتون في شهادة الجنسية الممنوحة للكرد الفيليين أن والد حاملها من ولادة منطقة (پشتكو) حتى لو كان من مواليد العراق.

في دراسة ملمة ودقيقة يعرض الأستاذ (زهير كاظم عبود) لقانون الجنسية الملكي وظروفه وملابساته القانونية. ونورد اختصاراً لأهم ما كتبه في موضوع الجنسية:

من المفارقات أن قانون الجنسية صدر قبل أن يصدر القانون الأساسي للبلاد (الدستور الدائم لعام 1925)، وقد انطلق من الإدارة البريطانية ممثلة بالمندوب السامي (برسي كوكس) وممثل الإدارة البريطانية في العراق (أدمونز). وحال صدوره اعتمدته العقليات المتطرفة قوميا ومذهبياً. ووفق هذا القانون الذي تم بناء نصوصه وفقاً للتمايز المذهبي والطائفي تم أهدار نص دستوري وارد في القانون الأساس الصادر بتاريخ 6 آب 1925 حين أكد في المادة السادسة منه أنه لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون، وإن اختلفوا في القومية والدين واللغة، إلا أنه احتاط لهذا الالتفاف حين ذكر في نص المادة الخامسة أن الجنسية العراقية تعين وتكتسب وتفقد وفقاً لأحكام قانون خاص، ويقصد به قانون الجنسية الذي بيت بقصد أن يتم استعماله خلافاً لمبدأ المساواة بين العراقيين الذين أصبحوا تحت وطأة نصوص قانون الجنسية عراقيين من التبعية العثمانية، وعراقيين من التبعية الفارسية.

و(شهادة الجنسية العراقية) صارت في العديد من الأحوال أهم وأكثر أهمية من الجنسية العراقية نفسها، وهي وثيقة لا تشابهها وثيقة أخرى في المنطقة العربية ولا في الدول الأوربية والأجنبية ، فالجنسية هي التي تحدد مواطنة الفرد وتابعيته لتلك الدولة، ولا يمكن القبول بدرجات في المواطنة ما دام المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات في نصوص الدستور، كما لا يمكن أن تكون رابطة قانونية متعددة الدرجات لتمايز بين المواطنين في الدولة الواحدة.

وقد أورد قانون الجنسية نصاً في المادة الثالثة يحول العثمانيين إلى عراقيين: (كل من كان في يوم 6 آب 1924 من الجنسية العثمانية وساكناً في العراق عادة، تزول عنه الجنسية العثمانية، ويعد حائزاً على الجنسية العراقية في التأريخ المذكور). وفي العام 1932 تم تعديل نص المادة الثامنة من قانون الجنسية فأصبح (كل من ولد في العراق وبلغ سن الرشد، إن كان والده مولوداً في العراق وكان مقيماً فيه عادة حين ولادة ابنه على أن لا تطبق هذه الفقرة على الشخص الذي ولد قبل 6 آب 1924 وكان تأريخ بلوغه سن الرشد من رعايا تركيا، أو دولة انسلخت عن تركيا بموجب معاهدة لوزان المؤرخة في 24 تموز 1924).

وفي عام 1963 أصدر البعثيون قانوناً جديداً للجنسية برقم 43 لسنة 63، تم فيه إدخال قيود أخرى على منح الجنسية وسحبها مع تأكيد شهادة الجنسية العراقية واعتبارها الفيصل في مدى وطنية ومواطنة العراقي، بل صارت شهادة الجنسية شرطاً أساسيا من شروط التعيين والعمل والدراسة والسفر والعديد من الحقوق والمعاملات التي تهم المواطن العراقي. وذكر الاستاذ صالح الطائي أن في زمن عبد السلام عارف شاعت قصيدة تدعو المواطنين الى الحصول على الشهادة العثمانية بكل الوسائل لضمان العيش بسلام واطمئنان، يقول أحد مقاطعها:

واسمعْ بعد هذا الخبر أصل العرب عثماني

عدنان بلبل لو رطن يحسن التركستاني

دور وثيقة تأيدك تركي الأصل عثماني

تصبح من أقطاب العرب وتصيح يا قوميتي

مستاهل وحيل وياي ما عدلت جنسيتي

 

ولحق القانون المذكور تعديلات عديدة من السلطات التي تعاقبت على حكم العراق والمتسمة بالشمولية والشوفينية تؤكد حرصها على تكريس مبدأ استعمال شهادة الجنسية على العراقي، ومنحَ القانون السلطة التنفيذية صلاحية إسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي لم تكن عائلته ساكنة العراق بشكل اعتيادي قبل الحرب العالمية الأولى، إذا صدر عنه أو حاول أن يأتي عملاً تعتبره السلطة خطراً على أمنها وسلامتها، كما سلب القانون المذكور سلطة القضاء العراقي في ولايته العامة ورقابته على قرارات وأوامر وتعليمات السلطة التنفيذية، كما جاءت المادة (20) لتفضح الرغبة العارمة والدفينة في خرق حقوق الإنسان وما تبيته السلطات الحاقدة بحق العراقيين، من إسقاط جميع الحقوق القانونية عن المشمولين بالقانون، فضلا عن سحب جميع الوثائق التي تثبت عراقيتهم(16).

ولم يقم عبد الكريم قاسم، المحبوب جداً من الفيليين، بإبدال الجنسية العوراء بجنسية مبصرة سوى نيته الطيبة والنوايا الطيبة لا تبني روما. بل انه أكد تبعية الفيليين الأجنبية بصورة غير مباشرة بمنحه إياهم (شهادة التجنس) فمعروف ببداهة أن التجنس يعني منح الجنسية للأجنبي وهو غير منح الجنسية للمواطن الاعتيادي فأشرهم لمن يأتي بعده!! وحين جاء عبد السلام استمرَّ في التهجير.

وبعد سقوط صدام أعيدت الجنسية إلى الفيليين المسقطة عنهم، وصاروا يعطونهم شهادة جنسية صنف (3/أ)، وعلى الرغم من رفع الموانع أمام الفيليين في نيل الحقوق التي تخولها إياهم الجنسية العراقية مساواة بباقي العراقيين، إلا أن الكثيرين صاروا يشككون بجنسيتهم المعطاة لهم، ولاسيما مع صدور كتاب رسمي من الجنسية العامة بشأن منح الجنسية للفيليين يؤكد تأشيرهم فيليين ويسميهم (عشيرة الكرد الفيليين)، ومنح الفيليين شهادة الجنسية من شعبة الأجانب. وقد أكد التشكيك الأستاذ رياض جاسم في بحثه الموسوم (إشكالية الهوية الوطنية في الدولة العراقية الحديثة) إذ دعا إلى إلغاء نظام شهادة الجنسية، ومبدأ الرعوية على أساس التبعية، وتحديد مهام شعبة الأجانب، وترقين القيد والتجميد في مديرية الجنسية وسحب أضابير الكرد الفيليين منها ودمجها مع السجلات المدنية الأخرى، وإلغاء تعليمات وزارة الداخلية بشأن منح الجنسية للفيليين وشروطها لمخالفتها الدستور، واعتماد نظام موحد للجنسية مع استحداث البطاقة الوطنية دون ترميز عنصري أو قومي أو مذهبي(17).

وهذه صورة كتاب وزارة الداخلية/ المديرية العامة للسفر والجنسية – مديرية شؤون الجنسية إلى/ مديريات السفر والجنسية في المحافظات، بشأن منح شهادة الجنسية للكرد الفيليين:

 

التهجير: بين الأسباب المحلية والدولية

يمكن ردّ جذور مشكلة التهجير القسري الذي تعرض له الكرد الفيليون إلى (المس بل) أو السياسة البريطانية، بشكل مباشر وغير مباشر حيث التقت محتمات سياسية بقضية الفيليين فكانوا قربان فداء لها. فان المجتهدين من رجال الدين الشيعة رفضوا الانتخابات التي دعا إليها الملك (فيصل الأول)، فلم يجد هذا بدَّاً من تحريك قضية (القومية العربية) فصرح بأن الذي يقاطع الانتخابات هو ضد القومية العربية(18). وقد التقى موضوع إصدار قانون الجنسية العراقية بموضوع التهجير، وكلاهما استقى من بئر الطائفية، ومن المفارقات أن العراقيين كانوا وقتها يرددون حكاية عن الملك فيصل الأول تقول إن الانكليز عندما طلبوا منه تهجير الأجانب من العراق قال باستغراب وسخرية: اذاً سأوقع على تهجيري بنفسي!! لكونه غير عراقي. وقد دشن التهجير بأول من عناهم التهجير وهم الشيعة؛ فقد هجِّر محمد مهدي الخالصي وعدد من العلماء الشيعة(19).

ويذهب الأستاذ زهير كاظم عبود إلى أن السياسة البريطانية أوجدت مشروع الجنسية لجعل التفرقة بين العراقيين قانوناً، فضلا عن انه يحد من مطالبة الكرد الفيلية والعرب من أتباع المذهب الجعفري، والذين نازلوا الاستعمار البريطاني ووقفوا بوجهه مع قياداتهم الدينية(20). وذكر الأستاذ زهير كاظم انه التقى أثناء عمله القضائي بطبيب عراقي لم يكن يحمل شهادة الجنسية العراقية، وهو من أبناء التبعية الباكستانية، ولما استوضح منه عن أسباب عدم شموله بالتهجير، أسرَّه بأنه من مذهب لا يمت للجعفرية بصلة، وقد تثبتت الجهات الأمنية من تلك المعلومات وأعفته من التهجيرات وسمحت له بممارسة عمله الوظيفي والمهني(21)!

إلا أن قانون الجنسية المسخ هذا وجد أضحيته في الكرد الفيليين، فهم شيعة وهم خط يربط إيران بالعراق، لذا قرروا إعمال سيف التهجير فيهم وتأشيرهم بعدم منحهم الجنسية الأصلية، وهجِّروا في العهد الملكي. وفي زمن المجرمين العميلين البكر وصدام تمت اكبر عمليات القلع العرقي لهم، أريد بهما التخلص الحقيقي منهم وكسر وجودهم في العراق، فمن بقي منهم بقي بلا وجود بل كالشبح لا ظل له ولا صورة. وعن منظمة السلام للكرد الفيليين انه هجَّر في عام 1970 (1.300) عائلة، وفي عام 1980 (200.000) عائلة. وتم حجز (17.000) شاب فيلي، تم إعدامهم بثلاث طرق: عمل تجارب في الطاقة النووية عليهم، وفتح طرق للألغام بهم في حرب الخليج، وإعدامهم إعداماً تقليدياً في نقرة السلمان.

ولنا أن نسأل هل التهجير قضية محلية ام دولية؟ وهل هي تعود إلى شكل الحكومة وأسلوب الحاكم؟

اذا كان التهجير قضية محلية فلماذا تكررت التهجيرات من أغلب الحكومات العراقية؟ وإذا كان صدام أبشع الرؤساء فهو رقم من الأرقام التي هَجَّرت وان كان رقماً كبيراً. كما أن أسباب التهجير التي أذاعها صدام نفسه فيها مغالطة كبيرة فلا يركن إليها حين جعل القضية تخص الاقتصاد العراقي فقط، وبالتالي أراد تقديم إغراءات للعراقيين ليقفوا معه او يسكتوا عن تهجير عراقيين تربطهم بهم روابط مصيرية وقد تقبلها للأسف عديمو العقل منهم؛ فقد سئل صدام حسين في عام 1970 عن سبب التهجير فأجاب: أهم الأسباب هو أن العراقي سيعيش بنصف راتبه! وقال قبل تهجير 1980: يجب تحرير الاقتصاد العراقي الذي يهيمن عليه (كم لحية عثة) يقصد (الفيليين)، لذا صادروا محلاتهم ومنعوهم من أن يستأجروا محلات في الشورجة. وإذا لم يكن التهجير قضية محلية فهل هو من القضايا الدولية التي يقف وراءها دول كبرى وليس الحكومات العراقية وحدها؟

إن قانون الجنسية العراقية الذي أسس للتهجير هو قانون انكليزي وليس قانوناً محلياً، أو هو قانون عالمي اتخذته بريطانيا وحلفاؤها ليظلَّ محترماً من القوى العالمية وهو ما حدث فعلاً، فلو كان قانوناً عراقياً لما قسم العراقيين على أساس (التبعية): إما عثمانية وإما إيرانية فأين العراقية اذاً؟ إنها ببساطة غير موجودة؛ لانَّ بريطانيا اشترت أو تسلمت من العثمانيين رعاياها العراقيين فاحترمت الانتماء لهم، بل إنها منحت الثقة لأتراك عثمانيين أعطتهم اكبر المناصب المهمة في حكوماتها المسخرة، مثل: نوري السعيد وساطع الحصري... وان الواقع المدروس يبين أن قانون الجنسية كان تحت تأثير الانتداب البريطاني وإدارة الضباط العثمانيين السابقين من ذوي النزعة الطورانية وسياسة التتريك العنصرية، ولكون غالبيتهم من أصول أجنبية فتطلب الأمر سن تشريع بمقاسهم، وقد رسخ بالفعل التفرقة بين مكونات الشعب العراقي مثل (التبعية الأجنبية، أو الأصل الأجنبي، أو العثماني الجنسية، أو الرعوية(22)

وكان الفيليون ضحايا قانون الجنسية هذا، ولكن ليسوا الضحايا الوحيدين؛ فقد وضع التهجير أولاً لخلق فتنة طائفية قدروا لها أن تستمر طيلة حياة العراق السياسية، فان (المس بل) أرادت أن تذيع قناعة هي أن الشيعة فرس وأن السنة عرب، وبالتالي تقوم بتهجير علماء الشيعة غير المرغوب فيهم باعتبار أن التشيع فارسي، والشيعة رعايا إيران غير المخلصين للعراق. وقد هجر في التهجيرين الكبيرين عرب إلى جنب الكرد الفيليين.

وإذا فهمنا الدواعي الحقيقية وراء سن قانون (42) وفكرة التهجير على الولاء، فان تهجير الفيليين يجب أن ينظر إليه من زواياه كلها. إن النظرة العلمية لما تم من (تهجيرات) تقول إن حكومات: العهد الملكي، عبد السلام عارف، احمد حسن البكر، وصدام حسين قامت بالتهجير، أي اغلب الحكومات. وان تهجير البكر عام (1970) كان لضرب ايران بعد ان اصبحت العلاقة بين البلدين على درجة عالية من التوتر عقب بيان 11 آذار 1970 حين ثبتت الحكومة العراقية حقوقا للكرد ازعجت ايران وحملتها على الغاء معاهدة 1937 بخصوص تنظيم الحدود، وهكذا قام البكر بتهجير الفيليين ليضرب بهم ايران!

وتهجير (1979- 1980) كان لتوجيه ضربة إلى إيران الخارجة تواً من ثورة عارمة، فألقي على كاهلها نحو مليون شخص، صار عليها أن توفر لهم أسباب الحياة، وهذا يعني أن التهجير لم يكن الغرض منه ضرب الفيليين فقط بل الضرب بهم أيضاً، فهم ضحايا مثل أي ضحايا لا يؤبه لهم يسقطون لتنفيذ خطة سياسية معينة. ونحن لا نرى صداما ولا البكر أصحاب قرار شخصي بل هما منفذان لسياسة عالمية. وهذا يجعل الفيليين في قلق دائم مخافة ان يستغلوا مستقبلا، ويجعلهم يطالبون بقوة بالحل الجذري لدرء أي شكوك وظنون، وذلك بدمجهم مع العراقيين بشكل تام وعدم تأشيرهم لكي لا يتم استغلالهم من جهة سياسية ولأي خطوة مستقبلية. ويمحو كل شك ويغلق الظنون كلها إذا ألغيت التدابير الماضية للجنسية (المؤشرة) والغي أي فصل بين الفيليين وباقي العراقيين الأصلاء، عندها سيستقر بالفيليين القرار ويعيشون الفرحة العراقية الكاملة.

وان إعادة المواطنة الكاملة للفيليين مسؤولية الدولة والشعب، وان تُدرَك حقيقة أن الفيليين لا يسببون خلخلة في ميزان القوى، بل هم خليط متجانس مع باقي شرائح الشعب العراقي لأن انتماءهم للعراق وحده وليس لقوى خارجية أخرى. وقد شغل المجتمع الفيلي المنطقة بين پشتكو وحوض دجلة منذ مئات السنين، كما اندس زرافات ووحداناً في الداخل ليعيش في محافظات العراق غير الحدودية المختلفة فأسسوا لأنفسهم وجوداً في لحمة الشعب العراقي. وقد وقع في يدي كتيب من استخبارات صدام فيه إحصائيات للكرد الفيليين إجمالا وحسب المحافظات؛ فكانت الموصل أوفرها من الفيليين وهو ما أكده كتاب (الكرد الفيليون بين حملات التهجير وسياسات التعريب) ، وفي الإحصائية نجد الفيليين يسكنون بنسبة مؤشرة في محافظات هي غير مناطقهم الحدودية ومنها: بغداد، الانبار، النجف، كربلاء، السليمانية، المثنى، البصرة وغيرها(23). ويجزم قدمهم في المنطقة ان لهجة الفيليين في العراق ألفاظها كردية وأغلب نحوها عربي (كما مرَّ).

وقد حصل بعضهم على مكانة كبيرة ودرجة عالية لدى العرب؛ فقد كان المرحوم (حسين داري) من البرامسي فريضة لدى شيخ عشيرة (بني لام) وغيرها؛ والفريضة يقابل القاضي أو الحاكم، فكانت العشائر تخوله النظر في قضايا الخصوم وتعطيه صلاحية إصدار الحكم كما يراه مناسباً. وبعد مقتله على الحدود من الجندرمة الإيرانية في الثلاثينات بسبب منع العبور، تم نقله إلى النجف الأشرف، وأقيمت له ثلاثة مآتم من: أهله، وشيخ بني لام، وأقاربه في پشتكو. وهذا يؤكد قوة مكانته ومكانة الفيليين لدى المجتمع العربي.

وكانت الحكومة الإيرانية تبعث لجاناً إلى داخل العراق لتسجيل الفيليين في سجلاتها وتمنحهم الجنسية الإيرانية ليكونوا من رعاياها، فكان بعضهم يسجل اسمه وبعضهم لا يسجل اسمه. وقد استفاد من سجل اسمه عندما قام صدام بتهجير الفيليين إلى إيران، فمن سجل اسمه مسبقاً حصل على الجنسية الإيرانية، ومن لم يسجل لم يمنح الجنسية وبقي يحتفظ بالكارت الأخضر الذي لا يخوله شراء عقار، أو التعيين في الدوائر بصفة دائمة، ولا يجعله مواطناً إيرانياً مهما طال به الزمان..

 

الاندثار الفيلي

دخل الفيلون الاسلام بوصفهم (موالي). وكثيراً ما خلط الباحثون حتى القدماء منهم بين جنسية الموالي في هذه الحقبة، فموالي ما بعد الفتح الاسلامي كرد فيليون غالباً، وموالي العصر العباسي فرس غالباً، وذلك لان الفتح الاسلامي وقع في مناطق الفيليين وليس في مناطق الفرس.

و(المولاة) هو مبدأ التعارف وليس التخالف الذي أتاحه الإسلام لغير العرب للعيش مع العرب تأسيساً على قول الله (U) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(24)، وحين وصل العرب المسلمون إلى العراق وغيره من البلدان طبقوا هذا المبدأ مع الشعوب. وكانت الدولة الإسلامية قائمة على إعطاء العرب الأولوية في قيادة المسلمين بوصفهم (مادة الإسلام) ولوصية الرسول الكريم بذلك في أحاديث كثيرة؛ فعن سلمان (رض) انه قال: "قال لي رسول الله (ص): يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك، قلت يا رسول الله: كيف أبغضك وبك هدانا الله، قال: تبغض العرب فتبغضني"(25)، وعن الإمام علي (ع) " لا يبغض العرب إلا منافق"(26)، لذلك أعطى الإسلام الأمم الأخرى حق التعايش مع العرب تعايشاً انتمائياً بمبدأ (الولاء) فيدخلون في عشائرهم ويلتحقون بأنسابهم برابطة لا تقل عن رابطة الدم العربية لضمان حقوقهم وتساويهم بأبناء العرب، أي جعلهم الانتماء بدرجة الأصلاء كما يوضح ذلك قول الرسول محمد (ص): " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب"(27)، فسموا بـ(الموالي).

ومصطلح الموالي أطلق أولا على الكرد الفيليين عند الفتح، ربما دخل بعض الفرس تحت هذا العنوان إلا أن ظهور موالي الفرس بالشكل الواضح كان في العصر العباسي بعد أن قامت دولة العباسيين. وربما حصر أبو عبيدة مصطلح الموالي بالكرد لأنه يرى مصطلح (الحمراء) يجمع الموالي والعجم(28)، ويرى آخرون كابن عبد ربه أن المصطلحين واحد(29). وجعل القرطبي الموالي (سكان الجبل) وهم الكرد الفيليون؛ اذ تتكون إيران من: الديلم (الفرس) والكرد (كردستان ايران) وسكان الجبل (الفيليين)(30).

وقد أخطأ عباس الزيدي بقوله ان مصطلح الحمراء أطلق على النبط(31). ففكرة التاريخ عن الأنباط أنهم فلاحو العجم(32) لا مقاتلوهم، والنبط مستعربون(33)، وجاء وصفهم في أسد الغابة بالضافطة (مكارية أو عمال) حيث كانوا يحملون الدقيق والزيت وغيرها الى المدينة(34). ومما يقلل فرصة انضمامهم إلى المجتمع الإسلامي أنهم أو جلهم على دين النصارى وان كانوا أميل إلى المسلمين ويعملون فيوجاً (جواسيس) لهم(35). وهم يسكنون بين العراقين (الكوفة والبصرة) كما يسكنون الشام وشمالي الجزيرة، وليسوا في مناطق الكرد الحدودية. ولا ينكر انضمام بعضهم ممن أسلم إلى الموالي وظهور شخصيات مثل: ميثم التمار وخباب بن الارت، إلا أن مصطلح الموالي في اصح معانيه يخص الكرد وأخصهم الفيليون المتماسون مع الفتح والداخلون أولا في الإسلام.

وقد حقق الموالي الفيليون حضوراً مبهراً في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي قبل أن يشاركهم الموالي الفرس في العصر العباسي، ويورد ابن عبد ربه نصاً يبين بروز موال أفذاذ غالبوا العرب فغلبوهم أحيانا في نواحي الحياة الجديدة كلها الفكرية والدينية " قال ابن شهاب الزّهري: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال لي: من أين قدمت يا زهريّ؟ قلت: من مكة، قال: فمن خلّفت يسودها؟ قلت عطاء بن أبي رباح، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فبم سادهم؟ قلت: بالديانة، قال: إنّ أهل الديانة والرّواية لينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس بن كيسان، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء، قال: فمن يسود أهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل الشام؟ قلت: مكحول، قال: أمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، عبدٌ نوبيٌّ أعتقته امرأةٌ من هذيل، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران، قال: أمن العرب هو؟ قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل خراسان؟ قلت: الضّحّاك بن مزاحم، قال: أفمن العرب هو؟ قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قلت: الحسن البصري، قال: أفمن العرب هو؟ قلت: بل من الموالي، قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النّخعيّ، قال: أفمن العرب؟ قلت: من العرب، قال: ويلك فرّجت عنّي، والله ليسودنّ الموالي العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قال، قلت: يا أمير المؤمنين، إنّما هو دينٌ، من حفظه ساد، ومن ضيّعه سقط"(36). ونرى أنهم في تلك الحقبة احتفظوا بخصوصياتهم إلا الدين أبدلوه بالإسلام. فكانوا متأثرين ومؤثرين إذ ادخلوا العجمة إلى العرب الأصلاء بفضل زواج العرب منهم.

ويقابل ما حققه الكرد الفيليون في المجتمع الإسلامي، فقدانهم فيما بعد هويتهم الكردية وتحولهم إلى جزء ذائب في فسيفساء هذا المجتمع. وإذا أشر بقية الكرد (كرديتهم) لسكناهم في مناطقهم الجبلية ككرد كردستان، فان الفيليين عاشوا في دشت المجتمع العربي وصاروا مستعربين. وقد حفظ لنا التاريخ هويات كردية فيلية لأشخاص مشهورين فقط، وهؤلاء لم يتركوا نتاجاً فيلياً، ومن خلال هؤلاء المشهورين تتأكد رغبة الكرد الفيليين في الذوبان في المجتمع العربي. وقد ذابت عشائر كردية ساكنت العرب كعشيرة (جاوان) في الحلة وهي من (اللور)، فهذه العشيرة التي كانت لها صولات وجولات ورجالات بمختلف الاختصاصات، يقول عنها الدكتور مصطفى جواد: " انقطعت إمارة جاوان بانقطاع الخلافة العباسية...ولم يقع اليَّ فيما قرأت من تواريخ اسم أمير ظهر بعد ذلك الزمان، والظاهر انهم استعربوا استعراباً تاماً، واندمجوا في عرب الفرات الأوسط"(37). وجاء في سيرة تاج العارفين الشيخ أبو الوفاء محمد الزاهد المتوفي في القرن السادس الهجري، انه كان نرجسي الأصل، وعشيرة جاوان تتفرع إلى النرجسية والبشيرية، وانه قال: أمسيت عجمياً وأصبحتُ عربياً(38).

وبهذا نعدّ الكرد الفيليين العراقيين ابتداء من الفتح الإسلامي والى نهاية العصر القديم مندثرين في المجتمع العراقي وهذا هو (الاندثار الفيلي الأول).

والفيليون اليوم يمثلون انتماءً لرحلات جديدة إلى العراق في العصر الحديث وان كانوا على علاقة معينة بالموجات الفيلية المندثرة، وقد جاءت الموجات الجديدة في زمن الصفويين الذين احتلوا العراق اذ كانوا يجندون الكرد في معاركهم، كما أتاح حكم (ذي الفقار نخود الكلهري الفيلي) (1524- 1530م) فرصة نادرة للنزوح من لرستان وپشتكو والانتشار في محافظات العراق في الوسط والجنوب. وفي بغداد سكنوا أماكن عدة مثل محلة (عـ?د الأكراد) في باب الشيخ ومحلة (خان اللاوند)(39). وقد اكتسبت هذه المناطق أسماءها بعد النزوح الفيلي، حيث تشير إلى سكناهم وحالتهم في التجنيد غير النظامي وهو ما تعنيه كلمة (لاوند) التركية، مما يشي بأن العثمانيين كانوا يشرفون على تجنيد وتدريب الفيليين في الحكومة النخودية المسنودة من الدولة العثمانية. ويذكر عباس العزاوي أن مدينة العمارة أنشئت عام 1278هـ/1860م، وكانت تسكنها عشيرة (دوزاده) من اللر الفيلية، وجملة عشائر بدوية(40)، وهذا يعني انتقالا جماعيا لهذه العشيرة إلى العمارة.

وقد مرَّ ما ذكره راضي الطباطبائي انه في عام 1273هـ/ 1857م نزح عدد غير قليل من جبل ?شتكو بسبب ظلم حاشية حسين قلي خان. ولما كان ظلم الولاة متصلاً فحتماً ليس فقط في هذه السنة نزحوا ولا في زمن هذا الوالي، سوى ان انتقالات ممائلة لم تدوَّن. كما أن فشل الثوار في الالوار وپشتكو وتنكيل الشاه رضا ?هلوي بالفيليين عقب ذلك، أدى إلى هرب عائلات كثيرة إلى داخل العراق. ودفع إلى الهجرة أيضاً انتقال آخر ولاة ?شتكو (غلام رضا) إلى بغداد بعد تهديد الشاه رضا إياه، إذ انتقلت عائلته الكبيرة ومعها الحاشية وكثيرون معهم، ولا يزال أقاربه موجودين في الكوت وغيرها. وسبَّب ترك غلام رضا ?شتكو نزوح أعداد غفيرة من الفيليين إلى زرباطية اذ كان لمعظمهم بساتين وأملاك في هذه الناحية(41).

ودليلنا على قرب العهد بالجيل الثاني من الفيليين تشابه لهجات الفيليين في العراق اليوم مع لهجات فيليي إيران لان الألفاظ والدلالة تتغير بسبب الزمن الطويل، فاللهجة الفهلوية اختلفت عن الفيلية في العصر العباسي، وتلك اللهجة لا تشبه الفيلية الحديثة، كما ان عشائر الفيلية في العراق كلها لها أصل في إيران ولا توجد عشيرة فيلية واحدة في العراق بلا مقابل في إيران.

والفيليون الذين اختاروا الطريق الذي سلكه أسلافهم في العيش مع عرب العراق يمرون بمحنة الاستعراب نفسها، وهم اليوم يتعرضون إلى اندثار ثان وإذا وقع فهو الأخير بعدما استقرت الدول وحددت الهجرة، وهذا الاندثار أبشع وأشنع من الأول؛ لان فيليي العهود الإسلامية استعربوا عن طيب خاطر حباً بالإسلام والمجتمع الذي منحهم الأمن والطمأنينة والمستقبل، أما فيليو اليوم فعن غير طيب خاطر استعربوا خوفاً ورعباً، والأولى بالمجتمع العراقي العربي أن يؤمِّنهم على كرديتهم ويتقبل ولاءهم فليس ثمة كرد سيأتون بعد هؤلاء اذا اندثروا. وقد أعرض عباس العزاوي عن ذكر عشائرهم في كتابه (عشائر العراق) لعدم انطباق الوضع العشائري عليهم قائلا:" إن قبائل الفيلية وفروعها منتشرة في مختلف الأنحاء العراقية في ألوية: ديالى وبغداد والكوت والعمارة والبصرة.. إلا أنها لم تكن بوضع قبائل متشخصة، وإنما مالت إلى المدن والقرى أفراداً، وفي بعض المواطن تكونت منها كثرة ولم تكن بوضع قبائلي(42).

وقد صار اسم الفيليين يقتصر على فيليي العراق فقط، ذلك لان الفيليين الإيرانيين يلقبون بعشائرهم: شوهاني، زر?وشي، ملكشاهي وليس باللقب العام (فيلي)(43).. ولاحقاً طلبت الحكومة الإيرانية منهم ذكر ألقاب شخصية بدل العشائرية، وقد اخبرني أحد الراجعين أن ألقاب أخوته الثلاثة لا يشبه أحدها الآخر؛ فقد اتخذ احدهم لقب (أغاي واسطي زاده) والآخر (قربان علي) والثالث (دعاء طلب)، ولعل اسم فيلي صار جامعاً لفيليي العراق وكأنهم من عشيرة أو أسرة واحدة.

 

...................

الهوامش

(1) صنعت جارتنا البدراوية من هذه الحالة أغنية هي: فوتي وفاطمه بيه، خجَّه وخديجه بيه، أي: فوتي صارت فاطمة وخجة صارت خديجة.

(2) المعجم الوسيط، أحمد حسن الزيات وآخرون ص973.

(3) ينظر: حول مسألة الإقطاع بين الكرد، أ. شاميلون، ص36.

(4) گه‌رمسير تعني أيضاً المشتى، لذا نجد في أكثر المدن مشتى يلتحق بها فيقال مثلا (گه‌رمسير شيراز)، كما تستعمل (سير) لاحقة للنسبة فـ(گه‌رمسير) تعني الأرض الدافئة ومثله النسبة لـ(بَسا) فيقال (بساسيري) ولـ(كسنا) (كسناسيري). (ينظر: معجم البلدان، ج4، ص261).

(5) مذكرات مأمون بك، س48 (الهامش).

(6) الفيليون، ص39.

(7) الكوت في التاريخ، ج1، ص52.

(8) حول مسألة الإقطاع بين الكرد، ص73.

(9) ينظر الوردة السادسة.

(10) الفيليون، ص151.

(11) لم نرد لكتابنا أن يكون كتاب عشائر فغرضه أشمل وغايته أبعد، لذا اكتفينا بهذه القائمة التي تتضمن أشهر القبائل والعشائر التي لها وجود في العراق، وقد زودنا بها الأستاذ عبد الواحد فيلي الذي يعمل على إصدار كتاب شامل بالعشائر الكردية، وقد أضفنا إليها عشائر أخرى زودتنا بها المنظمات الفيلية، كما استفدنا في هذا الأمر من كتاب (الفيليون) لنجم سلمان.

(12) كلمة (باوه) ذات مدلول ديني تقابلها (بابا) عند الديانة المسيحية. واللقب مستعمل لدى كرد كردستان فيوجد باوات في مناطقهم مثل (باوه نور) في بيباز التابعة لقضاء كلار، و(باوه محميد) في خانقين، وهو اسم عشائر فيلية ترجع لسادات بعينهم، وهو يطلق ايضاً على قديسي الكاكائية، وقد اتفق جميل الروژبياني مترجم شرفنامه والأستاذ توفيق وهبي على أن كلمة (ببه) ناشئة من (باوه)، وهذا يعني أن أمراء بابان كانوا في الأصل من قديسي الكاكائية. (ينظر: مذكرات مأمون بيگ بن بيگه‌بگ، ص16). وجاء عن الباوات في تقرير القنصل الروسي : أصلهم من ربيعة من قبائل المحيسن الكبيرة ورئاستها في بطن يدعى آل حرب، ويسكنون شرق نهر كارون ممتهنين الزراعة. وهو قوم معروفون بالبأس والشجاعة ولديهم خمسة آلاف فارس، ومنهم من سكن العراق مع شمر طوقة. وقد تزوج الشيخ جابر من ابنة شيخ الباوية فأجب منها (الشيخ خزعل) وبذلك حصلت حصلت معاهدة بين الباوية وامارة كعب فكانت المعاهدة عوناً كبيراً لهذه الامارة. (ينظر: تقرير القنصل الروسي في ميناء بوشهر حول عربستان، بقلم: ميلر، ترجمة: د.نوري عبد البخيت السامرائي (مجلة آفاق عربية، السنة السادسة، العدد الثامن لسنة 1981، ص123، 153). وعليه فان الباوات قسم منهم سادة (لديهم شجرات نسب ثبوتية)، وقسم عرب، وقسم كرد فيليون.

(13) الكورد والأحداث الوطنية في العراق خلال العهد الملكي 1921- 1958، أ.د غانم محمد الحفوو أ.د عبد الفتاح البوتاني، ص17.

(14) المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين، زهير كاظم عبود، ص33.

(15) ينظر في إحصائيات سكان لواء الكوت ومدنه وأقضيته ونسب الفيليين كتاب (تاريخ الكوت وعشائرها ومناطقها، محمد علي الصوري، ص129).

(16) المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين، زهير كاظم عبود ص94- 98.

(17) إشكالية الهوية الوطنية، رياض جاسم فيلي، انترنت.

(18) حكم الأزمة، ص199 .

(19) حكم الأزمة، ص198.

(20) المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين، ص98.

(21) المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين. ص100.

(22) إشكالية الهوية الوطنية في الدولة العراقية الحديثة، رياض جاسم الفيلي (انترنت).

(23) ينظر: الكرد الفيليون بين حملات التهجير وسياسات التعريب، الدكتور خليل إسماعيل محمد، ص8- 9.

(24) سورة الحجرات: الآية: 13.

(25) سنن الترمذي، الترمذي، ج5، ص380؛ مسند أبي دواد الطيالسي، سليمان بن داود الطيالسي ص91؛ المعجم الكبير، الطبراني، ج6، ص238؛ تفسير ابن كثير، ج2، ص180.

(26) السيرة الحلبية، الحلبي، ج1، ص45.

(27) المبسوط، الشيخ الطوسي ،ج4، ص93.

(28) أعيان الشيعة، السيد محسن الامين، ج1، ص61؛ شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج19، ص124.

(29) العقد الفريد، ج3، ص363.

(30) تفسير القرطبي، ج3، ص154.

(31) ينظر: التاريخ المستباح، ص73.

(32) شرح مسلم، النووي ج16، ص167؛ الديباج على مسلم، جلال الدين السيوطي، (ج5، ص539.

(33) بحار الأنوار، المقدسي، ج46، ص172.

(34) أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير، ج4، ص263.

(35) ينظر: كتاب الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي، ج1، ص114.

(36) معرفة علوم الحديث، الحاكم النيسابوري، ص198.

(37) جاوان القبيلة الكردية المنسية ومشاهير الجاوانيين، الدكتور مصطفى جواد، ص44.

(38) جاوان القبيلة الكردية المنسية، ص24.

(39) المسيرة الدامية للكورد الفيلية، ص97.

(40) العراق بين احتلالين، عباس العزاوي، ج2، ص17.

(41) تاريخ الكوت وعشائرها ومناطقها، ص198.

(42) عشائر العراق، عباس العزاوي، ج2، ص186.

(43) الكورد الفيليون بين الماضي والحاضر، ص21.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=163463
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 01 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19