• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : شؤون عربية .
                    • الموضوع : منظمات المجتمع المدني بين العمالة ومعاداة الإسلام .
                          • الكاتب : محمد الرصافي المقداد .

منظمات المجتمع المدني بين العمالة ومعاداة الإسلام

من مساوئ وسلبيات هذا العصر، الموصوفة دوله بالثورة والحرية والديمقراطية، أن تجتمع فيه المتناقضات، وتلتقي على تلّته كما تقول الآية الكريمة ( الموقوذة والمتردّية والنطيحة وما أكل السّبع)، ويستوي فيه العالم بالمتعلم، وقليل العلم بالجاهل، ويكون حظ الجهلة فيه وافرٌ بما أتاحه لهم الدستور، وكتبة الدساتير في عالمنا الثالث، عادة ما يكونون من غير ذوي الإختصاص، إن لم نقل من الجهلة بالقوانين، فيبحِرُون بالحقوق بعيدا الإجتماعية، حيث الزّيغ عن الإسلام وأحكامه، وذلك هدف أعداء الأحكام الإلهية .

آلية هذه الأوضاع المبتلية بها بلداننا، ذات صناعة غربية واضحة، لا تحتاج إلى كثير عناء في البحث عن مصادرها، فدولنا لا تزال تعيش تحت رعاية الدّول الاستعمارية، فرنسيّا أو بريطانيّا أو أمريكيّا، وأمريكا هي الدولة الوحيدة التي لم تمارس الإستعمار الاستيطاني الأحمق، وإنما جعلت لنفسها قواعد في القارات الخمس حماية لمصالحها، وهي طريقة ناجعة في تخفيف عبئ نفقات ما فوق ذلك، من نشر قوات بأكملها، وزرعها في البلدان المُستَغَلَّة، وأكثر من ذلك أنّها سحبت بساط التحكم في دول العالم الثلث من رائدتي الاستعمار بريطانيا وفرنسا، وتفرض عليهما اتباع سياساتها، ومباركة مبادراتها الإستكبارية.

في ظلّ هذه الأوضاع الطارئة، نعيش في تونس حالة من الفوضى الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، نتيجة هذه الثورة التي داهمتنا ذات يوم - وشاء لها الغرب ذلك بمباركة منه لعله أدرك جيّدا أن شعبنا يسهل دفعه بأسلوب ثوري حتى لو كان مفبركا- إنفلت عقال كل من كان خائفا يتوجّس نظاما قمعيا، وأمنا لا يتسامح مع أي حركة معارضة أو منددة أو حتى مطالبة بحق من الحقوق، فسرت فوضى عارمة في سنواتها الأولى اكتسحت جميع الميادين، عاد منها ضرر فادح بالإقتصاد، لا تزال البلاد تعاني منه إلى اليوم.

ولعلّه من الطاف الله أن نجد انفسنا في استحقاق انتخابي رئاسي امام خيارين، أما أن ننتخب رجل المافيا وتبيض الأموال ويد الغرب في نشر بثقافة افساد المجتمع بعنوان سنمة قناة العائلة، واما أن ننتخب رجل القانون الدستوري المعروف بنزاهته ونظافته وشعبيته، ومن حسن حظنا أن الأغلبية عبّرت على خيارها الثاني، بنتيجة ساحقة بلغت 72.71 بالمئة من أصوات الناخبين، مقابل 27.29 بالمئة لمنافسه (1)

ما أصبح معلوما لدينا، أن الرئيس الجديد قيس سعيد، هو أنزه وأنظف رئيس عرفته بلادنا على الإطلاق، يطمح إلى وضع البلاد على طريق صحيح من الإصلاح الإقتصادي والسياسي، فمن جهة الإصلاح الإقتصادي كان عليه أن يتحرك من أجل ضرب لوبيات الفساد، وشلّ حركتها المعطلة، والمحتكرة لقطاعاته الحيوية والحساسة في البلاد، وأما الاصلاح السياسي، فتفعيل مبدأ وفاء تونس للقضية الفلسطينية، وهو مطلب شعبي، فرضته رابطة الأخوة في العِرْق والدّين، وعدم الإنجرار بلادنا وراء الإستدراجات الدّولية، المحفّزة على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإن كانت كلتا مبادرتيه تشكّلان خطرا على حياته، فكل هؤلاء مرتبطون بالغرب والتحالف الصهيوني العالمي فيه.

أما العامل السياسي الآخر، فمتعلّق بالأخوّة الجزائرية بين الشعبين والدولتين، ومسألة تجذيرها وإنمائها، بما يخدم مصالحنا جميعا، والدّفاع عن مكتسباتهما بكل الطّرق والسّبل، ونحن هنا أمام تحدّ كبير تهيئ له المنظومة الغربية - عن طريق مجمعيات (حقوقية) في صلب المجتمع المدني بتونس وغيرها- ولا أشك لحظة في أن للصهيونية يدا فاعلة، في تشجيع هذه الجمعيات على حركات الإنفصال العِرقيّة، كالحركة الأمازيغية في الجزائر( ماك)، ذلك أن الجزائر ظلّت عصيّة على اختراقها من جهة مبادئها، والتزاماتها الأخلاقية تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية، فلم يجدوا باب للنفاذ إلى زعزعة أمنها واستقرارها، بغير هؤلاء الذين ارتفعت أصوات فتنتهم، ليعبّروا عن رغبتهم في الإنفصال عن الجزائر، والإرتباط بالغرب والصهيونية.

(سليمان بوحفص) الذي عبرت بخصوصه عدد من جمعيات المجتمع المدني بعفوية أو بغباء، عن تنديدها بعميلة تسليمه إلى السلطات الجزائرية، وهو الذي تحصّل زمن رئيس الحكومة يوسف الشاهد على اللجوء الإنساني سنة 2018، بتأييد غربيّ وتحريض أمميّ، وهو ليس مبرّرا لأن يعطى له ذلك اللجوء؟ جدير بالذكر أن هذا الشخص، ألقت الشرطة الجزائرية عليه القبض، بتهمة الإساءة للإسلام والنبي محمد وحكم عليه بالسجن 5 سنوات وقد خُفِّف الحكم استئنافيا إلى ثلاث سنوات(2) فهل أن الاساءة للإسلام والنبي (ص)، تجاوزتا الغرب المتجاهر بها بدعوى حرية التعبير، أصبحتا أمرا واقعا في بلادنا لحماية المتطاولين على عقائدنا وفي عقر دورنا؟

لا اعتقد أن الحكومة التونسية كانت في غيبوبة عندما اسندت لبوحفص حقَّ اللجوء لشخص يدعم معنويا دولة الاحتلال ومن تمت يعادي اليا وضع اللاجئين الفلسطينيين المشردين في الشتات كما هو واضح من تدويناته، وهو موقف متمهن مع الخط السياسي لحركه الماك الانفصالية الامازيغية، التي يعلن انتمائهم اليها كما هو واضح من الاطلاع على بروفايله الشخصي، والتي تعني بوضوح عبر زعيمها (فرحات مهني) دعمها لإسرائيل، وقد كتب: أساند إسرائيل في ضرب كل مواقع حزب الله اللبناني، والمواقع النووية الإيرانية والمليشيات التابعة لها.(3)

أما فيما تعلّق بالجمعيات، التي هي بالأساس مشبوهة في أغلبها، بارتباطها الوثيق والمصيري بالخارج، لأنها ببساطة من تأسيس أفراد قلائل، جعلوا منها مصدرا للتمعّش والاسترزاق المُهين، اغلبها مجرّد أسماء على جمعيات وهميّة، لم تعد موجودة واقعا، منها من إندثر في السنوات الأولى، وأسهم في تشجيع وتحريض الشباب، على الالتحاق ببؤر التوتّر(سوريا والعراق) للجهاد ، ومنها ما ارتبط بأجندات استخبارية غربية وصهيونية، قد تكشف الأيام منها ما يزيد من تعرية هذه الجمعيات الطفيلية، الضارة في أفكارها وأهدافها، المعادية بالأساس لوحدة تراب البلدين تونس والجزائر، والمتواطئة مع الغرب والصهيونية على انتهاك حرمة الدين وقداسته، بإيواء رجل تجرأ عليه، وعمل على تفكيك وحدة الجزائر، بانتمائه إلى الحركة الإنفصالية الأمازيغية (ماك).

ما يجدر الاشارة اليه أن المنظمات والجمعيات التي ندّدت بتسليم هذا الفاسق والمتآمر، لا تبدو بعيدة عن أفكاره في اجترائه على الاسلام ونبيّه، فهي من الذين يصطفون في خندق واحد من المطالبة بفك ارتباطنا بالدين على أساس شموليته في الشأن الحياتي والمجتمعي من حيث قوانينه الجزائية، فالرابطة التونسية لحقوق الانسان وتوابعها من فروع وارتباطاتها بالمنظمات الحقوقية الدولية الساعية إلى فصل الدين تماما عن حياتنا السياسية والإجتماعية ، كذلك جمعية (تماقيت) للحقوق والحريات والثقافة الأمازيغية بجهة الدويرات بمحافظة تطاوين، الإئتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، وجمعية وشم، ومنظمة المادّة 19، جمعية فنون وثقافات بالضفتين

منظمة المادّة 19 بدورها، عبّرت عن معارضتها لأحكام الدين الاسلامي، من خلال تعليق أفرادها على مسودة الدستور التونسي، الذي انتهى من صياغته حينها المجلس التأسيسي، فعبّرت بوضوح، من خلال النقطة الثالثة التي جاءت كالآتي، ثالثا: جاءت الأحكام المتعلقة بحماية الدين وتجريم المساس بالمقدسات، متناقضة مع مقتضيات القانون الدولي (4)

أما جمعيّة وشم، فقد تأسست في 2/3/2021، بمعنى أنها حديثة عهد بالتواجد على الساحة الوطنية، وتهدف إلى: تكريس مبدأي التناصف والمساواة (بين الذكر والانثى) خلافا للقرآن الكريم، ووفقا لأحكام الدستور التونسي (5)

وعندما يعلن بسّام الطريفي نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أن تسليم اللاجئ الجزائري أبو حفص يعتبر التفاف تونس على تعهداتها الدّولية(6)، فذلك عائد لبروتوكول سياسي مضت عليه الرابطة منذ أنشأت ولا يقيم اعتبارا للدين وقيمه، ولا للوطن وواجباته، مصطف مع بقية رابطات حقوق الانسان لخدمة الأحكام الغربية المتعلقة بحقوق الانسان الشّاذة وليست الحقوق التي أعطاها الله له، فبئس ما قدّمت أيدي هؤلاء ولبئس ما يصنعون.

إن اجتماع النجاسات في مقدار لا ينجّسه شيء وإن ظهر متعدّدا، لأنه تعدّد وهميّ وقع تضخيمه، ليس بمقدوره أن يكسر قاعدة أنّ الطهارة في هذا المكوّن الاسلامي العظيم أصل لا يتغيّر مهما تفنن أعداؤه في التلوّن التمثيل، ذلك أن عقيدة شعبينا التونسي والجزائر وسائر شعوبنا العربية والاسلامية، صلبة عصيّة على الكسر، وإن اجتمع لها شياطين الإنس والجن وتحالفوا على ذلك، فهيهات هيهات أن ينجحوا ورجال الله في الميدان.

المصادر

1 – النتائج النهائية تؤكد فوزا كبيرا لقيس سعيد برئاسة تونس

https://www.dw.com/ar /50869263

2 – تونس: 42 منظمة حقوقية تدين تسليم لاجئ للجزائر

https://www.arab48.com/

3 – طارق الكحلاوي يكتب عن وضع الجزائري سليمان بوحفص

http://www.kapitalis.com/anbaa-tounes/2021/08/31/

4 – قـراءة قـانونية في مـسودة الدستور التونسي الجديد حــــــــول حماية حرية التعبير وحرية الإعلام https://ifex.org/ar

5 – جمعية وشم تخرج الى العلن

https://ar.businessnews.com.tn/520,17795,3

6 – الطريفي: تسليم اللاجئ الجزائري أو اختطافه امر مخطر جدّا

https://www.tuniscope.com/ar/article/311825/arabe/politique/tunisie-2709120

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159873
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29