• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : زادُ الحضارة من المحبرة إلى المقبرة الجزء الثاني .
                          • الكاتب : د . نضير الخزرجي .

زادُ الحضارة من المحبرة إلى المقبرة الجزء الثاني

لم يكتفِ مؤلف (معجم المصنفات الحسينية) بتقصي المؤلفات الخاصة بالنهضة الحسينية، وإنما عمد إلى ترجمة المكتبات الخاصة والعامة التي تضمّ المؤلفات الحسينية وبيان تفاصيلها، في محاولة علمية لتوثيق الكتاب ومؤلفه، والمكتبة وخازنها أو مؤسسها... فمثلاً يترجم للمكتبة الآصفية في حيدر آباد الدكن في الهند، ومكتبة خليفة في الإحساء بالسعودية، ومكتبة دار الكتب المصرية بالقاهرة، ومكتبة سلطان المتكلمين في طهران بإيران، ومكتبة شرف الدين في الكاظمية بالعراق، ومكتبة كاشف الغطاء بالنجف الأشرف بالعراق، ومكتبة المازندراني في كربلاء المقدسة بالعراق، ومكتبة معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، والمكتبة الوطنية الباكستانية في كراتشي بباكستان، وغيرها من المكتبات.
وفي الواقع لا يعرف قيمة الكتاب ولا المكتبة إلا من سهر الليالي خدمة للقلم، يطلب بذلك رضا الله وصالح العباد والبلاد، أو من يقدر العلم والعلماء، ولذلك فإن الأمة المتحضرة الواعية هي التي تنشئ في كل حيِّ مكتبة عامة يرتادها الصغار والكبار، بل وقد وصل الأمر بالبعض إلى مقارنة الكتاب وحفظه بدم الإمام الحسين(ع) المستشهد بكربلاء المقدسة عام(61هـ)، وفي هذا المجال يُشار أنَّ السلطان عباس الصفوي المتوفى سنة(1038هـ)، قام قبل موته بعام بوقف(120)كتاباً خطياً إلى مكتبة شاه عبد العظيم الملحقة بمرقد السيد عبد العظيم الحسني(173- 252هـ) جنوب غرب طهران، وسجّل عليها: (كل من أخرج هذه الكتب من المكتبة بمثابة من شارك في إهراق دم الإمام الحسين عليه السلام)، وهذه العبارة تعكس أهمية الكتب المهداة إلى المكتبة، كما تعكس الأهمية في إقامة خزانات الكتب إلى جانب المكتبة العامة، فالخزانة الملحقة بالمكتبة هي واقعها حافظة وواقية للمخطوطات والكتب الفريدة والثمينة، لاتصل إليها كل يد، كما أنها حامية لها من عبث العابثين.
ولا يخفى أن العلم هو أخوف ما تخاف منه السلطة الظالمة أو المحتل؛ لأن العلم نور وسلام، والظلم ظلام ودمار، والاحتلال سواد حالك ينكر السلام والاعمار، والنور والظلمة متناقضان لا يجتمعان، بل هما في حرب سرمدية: كحرب الحق والباطل، وتلاحم جنود الرحمن وجنود الشيطان. وفي هذا المقام، يحدثنا البحاثة الكرباسي عن الموقف المعادي الذي اتخذه الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام من العلم والعلماء، وهو في معرض الحديث عن مكتبة شرف الدين عبد الحسين بن يوسف العاملي(1290- 1377هـ) في مدينة صور بلبنان، والذي أفتى بجهاد الاحتلال الفرنسي، فأول شيء عمد إليه العسكر الفرنسي عند هجومهم على منزله أنْ نهبوا مكتبته العامرة، وأحرقوا داره.
وقد تذكرت وأنا أتابع شرح المؤلف لمكتبة دار الكتب المصرية، الفاجعة التي حلّت بالمجمع العلمي المصري ليلة السادس عشر على السابع عشر من شهر كانون الأول(ديسمبر) من العام(2011م)، عندما تعرض للحرق والتدمير على يد مجموعة غير مقدِّرة لقيمة التراث، وهو الذي يضم(40)ألف كتاب ومخطوط يحكي تاريخ مصر، فمن يعمد إلى حرق المكتبات أو سرقتها تحت ذريعة قلب نظام الحكم، أو ضرب مقرات النظام السابق، إنما يعمد إلى إعدام تاريخ الأمة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158715
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18