• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كربلاء تاريخ النشوء وأصل التسمية مناقشة احتمالات اشتقاق التسمية من كلمات عربية .
                          • الكاتب : جسام محمد السعيدي .

كربلاء تاريخ النشوء وأصل التسمية مناقشة احتمالات اشتقاق التسمية من كلمات عربية

  لقد أشار بعض المؤرخين، من أنه: لم تذكر المصادر التأريخية، مثلما لم يُكتشف في البقايا الأثرية على أية آثار لمعابد زرادشتية في العراق.

 وإن صحّ هذا الرأي فإن انتشار المجوسية بين العراقيين أمر لم يحصل، وإلا لأنشأت لها معابد خاصة في العراق (عدا ما أنشأه منها الفرس في قصورهم)، ولوجدنا آثاراً لها كما وجدنا آثاراً للمعابد المسيحية واليهودية والصابئية واليزيدية، بل إن العكس قد حصل، إذ تبنى الكثير من الفرس ديانات ولدت في أرض العراق كالديانة المانوية، التي تنسب لـ(ماني) البابلي، وأنشأت لها معابد من قبلهم في العراق.
 ولو اعتبرنا أن هناك معابد مجوسية أُخَر، قد قامت على أرض العراق، فهي ستكون قليلة وقطعاً ستكون محصورة بأفراد الجيش الغازي وسلطته المدنية، ولا تختصّ بالسكان الأصليين ومدنهم.

وقد ذكر أحد المصادر أن العراقيين قبل الفتح الإسلامي ورغم قرونٍ من الاحتلال الأجنبي لمعظم أرضهم ومنها كربلاء، قد بقوا على الديانة المسيحية بنسبة تقرب من (90%) من سكانه، و(5%) من اليهود، و(5%) من الصابئة والأيزيدين والمانوين، وقلة من المجوس الذي كانوا من مسؤولي وموظفي الاحتلال الفارسي آنذاك، وربما أن عدداً قليلاً من مواطنيهم الذين جاءوا مع الاحتلال آنذاك، استوطنوا العراق واندمجوا بمجتمعه، واعتنقوا دياناته لتأثرهم الشديد به.
 وتأسيساً على ذلك، فلو وُجد أحد هذه المعابد في معسكر للجيش المحتل في كربلاء، فإن تأثيره سينحصر بين الفرس من أتباعه، لما قدمناه من أسباب، ولما سنشاهده في النقاط الآتية في البحث.
فلو علمنا أن كل تلك الاحتمالات الضعيفة على وجود معبد فارسي في كربلاء قد صارت سبباً لتسميتها بهذا الإسم، ولو علمنا أن الاحتمالات معتبرة فقط فيما لو لم توجد أدلة على قدم التسمية بمدة تزيد على الاحتلال الفارسي المرتبط به المعبد المُدّعى، والذي أثبتنا سابقاً حداثته نسبة للمعبد العراقي الأقدم المُفترض، والذي ألمحنا إليه في بداية هذه النقطة، لو علمنا كل ذلك، فإن دحض هذه الاحتمالات الضعيفة يصبح من المسلمات، التي تجعلنا نتعجب من جعله - من قبل بعض المؤلفين- سبباً لتسمية بقعة من بقاع الجنة به رغم هزالة الدليل المستند إليه، وبعده عن القداسة التي لا تفارق هذه الأرض والتي اتسمت بها منذ الأزل، إسما ومسمى، إذ كيف يتصور المرء أن تستمد هذه البقعة المقدسة - والتي ثبتت قداستها بالدليل – قدسيتها من دين منحرف، فتسمى باسم أحد رموزه!!! وهو طقس من طقوس عبادته، العمل الأعلى (كار بالا)!!!.  
 2- ولو تنزلنا عن النقطة السابقة رغم كفايتها في دحض هذا الاحتمال للتسمية، وافترضنا أن التسمية لأرض كربلاء جاءت بسبب المعبد المجوسي المفترض أنه اُنشئ عليها!، فإننا سنواجه بالأمرين الآتيين:
أ‌-   ذكر بعضهم أن هذا المعبد كان في قرية تبعد عن كربلاء الحالية (25)كم إلى الشمال الغربي منها - وهي أيضاً شمال منطقة النهرين - وكانت تسمى كربلة أيضاً، ويمكن أن نسميها كربلة الشمالية، وربما حملت إسم (كاربلا) بالتفسير الذي قالوه - أي من الكلمتين (كار) و(بالا)- ثم عدل بلسان العرب، وقد ظنه بعضهم بأنه يطلق على كربلة الجنوبية الموجودة جنوبها والتي تضمّ المعبد الذي تحدثنا عنه في الفقرة أولاً (كل الفصل الثاني)، والواقعة في منطقة عتبات كربلاء المقدسة الحالية، وسيرد لاحقاً ما يفيدنا عنه.
ب‌-   وذكر أولئك أيضاً، إن كربلة الجنوبية هذه أقدم من الشمالية بألف عام وتقع قرب كربلاء الحالية، وتحديداً قرب مرقد أبي الفضل العباس (ع) وهي قرية بابلية تابعة إلى ناحية (رستاق) نينوى التابع لمدينة سورا التابعة بدورها للعاصمة بابل آنذاك، وقد اشتهرت هذه القرية بوجود معبد عُرف بـ (كرب- إل) أو (كرب - إيل) والذي قيل أنها لعبادة الإله العظيم الواحد، وذكر المعترض على الرأي السابق، أنه أول معبد لتوحيد الله، وقد تعّبد فيه سيدنا أبو الأنبياء إبراهيم الخليل (ع) عندما كان يدعو الناس إلى الإيمان بالله في المناطق القريبة من موطنه مدينة أور - التي وردت في التوراة - حيث رجحها البعض بأنها قرب كربلاء وهي أور الكلدانية، وليست تلك القريبة من مدينة الناصرية، وهو غير معبد النار في تلك القرية - على فرض وجوده -.
 وسنحاول فيما يلي مناقشة هذا النقض للتفسير السابق للتسمية بنسبتها إلى لفظ فارسي، وفق ما طرحه المصدر الذي أورده في النقطتين أعلاه.
فلو أخذنا برأي ذلك المصدر، لبدا أن هذا النقض معقول، فالفارق الزماني والمكاني واضحٌ بين القريتين، رغم امتلاك كل منهما معبداً، إذ ظهرت الأولى بعد الثانية بعشرة قرون، ولا وجه لنقل تسمية معبد القرية الأحدث إلى معبد القرية الأقدم، فالعكس - لو أردنا ذلك - هو الأصح، والحال أننا لا نحتاج إليه طالما اختلف المكان ولغة ساكنيه والزمان والدين لكلٍ من المعبدين في القريتين، حتى على فرض اتحاد المعبود.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158082
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20