الإبتسامة وحدها لا تكفي فلا بد من المشاعر، لأن ابتسامة بدون مشاعر كسماعكَ لنكتة باهتة بدون ضحك .
ومشاعر بدون مصداقية لا تكفي ، فلا بد من صدق في المشاعر ، لأن الصدق في المشاعر يخترق القلب كالسهم .
ربما هي كلمات تتراقص ، ومعاني تترقرق ، والفاظ تنساب على اللسان كما ينساب العسل على جذع الشجرة ، فلا الخشب يعرف معنى العسل ، ولا العسل يدرك قيمة الخشب .
نعم ثمة تلاعبٌ في الألفاظ قد تنطوي على عديم الإحساس ، لكن لا تتجاوز ذي الحس المرهف . لأن الإحساس كالأجهزة الذكية مبرمجة بدقة لا تقبل الخطأ ، ولا يمكن خداعُها .
هي هكذا القلوب تغترف بمن تعترف .
أحياناً نركز على تنميق الألفاظ وننسى المعاني ، وأحياناً نركز على المعنى فيخوننا التعبير في إقتناء اللفظ المناسب له .
ربما تختلف الأمزجة فيعجز المتكلم عن إيصال فكرته الى تلك العقول المتباينة ، وكما قيل ( إرضاء الجميع غايةٌ لا تُدرك )؟
لكن الذي يمكن حسب يقيني واعتقادي وقناعتي ، أن ( إرضاء الضمير غايةٌ تدرك )
وبكل يسر وسهولة . ولكن أصعب شيء أن تُرضي الغير وتُغضب الضمير ، فتعيش في حالة إزدواجية ، بل تعيش في حالة عقوبة ومحاكمة وتأنيب ، في حالة اليقظة أو النوم ، في حالة الفرح أو الحزن ، في حالة النجاح أو الفشل ، في حالة الفوز أو الخسارة .
بل أعظم الخسارة أن يخسر الإنسان ضميره ، وأعظم الحسرة أن يفقد الإنسان حس التمييز ، فإذا خسر الإنسان ضميره خسر كل شيء ولو كان أثرا الأثرياء ، وعنده كنوز قارون ومفاتحه .
نعم إنها الحقيقة التي يهرب منها كل إنسان ولا يريد أن يجلس مع ضميره ولو دقائق ليحاسبه الضمير ، بمحاسبة الضمير أشد من محاسبة القاضي ، وسجن الضمير أقوى من السجن الفولاذي ، وعقوبة الضمير أمض من كل العقوبات الجسدية ، وربما بعض الناس يتحمل آلام الجسد ولكن لا يتحمل وغز الضمير ، وبعض الناس ربما إذا جلس مع ضميره للمحاكمة لا يطيق العتاب والمحاسبة فيقرر الإنتحار فهو أرحم من تأنيب الضمير .
فيا لهول تلك الخسارة إذا خسر الإنسان ذلك القاضي النزيه ، الذي لا يرضى بالظلم ولا التعدي ولا التجاوز ، ولا يقبل الرشى ولا تخدعه المجاملة ، ولا يميل لمغريات أو ضغوطات ، إنه جوهرة شفافة لا تقدر بثمن .
فأيةُ خسارة كبيرة عندما يخسر ذلك الإنسان تلك الجوهرة .
|