• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : علي السباعي.. قصصٌ تناهضُ الاستبداد .
                          • الكاتب : صباح محسن كاظم .

علي السباعي.. قصصٌ تناهضُ الاستبداد

 للأدب الجاد والهادف والرصين الخلود والتجدد، فيما الأدب الرخيص الذي يُكتب لتمجيد الدكتاتورية والاستبداد، وتمجيد الحرب ومشعلها، أصبح إلى النفايات.. وقد تميّز القاص المبدع علي السباعي عن مجايليه بتفرّده، وموقفه، وكتاباته التي تدين من أشعل حرائق الحروب وفواجعها؛ لذا يعدّ من القصاصين المشتغلين على الهمّ الجمعي، وليس لتزيين وجه القبح (البعثي). ومن خلال ابتعاده عن الأدب المؤدلج والمشروع السلطوي الذي أسس لثقافة مزيفة وأدب التعبئة، فلقد نأى بنفسه عن الانسياق خلف الاغراءات السلطوية، واتجهت بوصلة إبداعه نحو الواقع العراقي المصطبغ بالدم المسفوح على ثرى الرافدين وعلى تخومه.
يحسب المبدع (علي السباعي) من الأدباء الجادين الذين يمثلون المعادل الموضوعي بين نقيضين من كان مع أو بالضد من الدكتاتورية. مجموعته القصصية الأولى (إيقاعات الزمن الراقص) صدرت من دمشق عن اتحاد الكتاب العرب (2002)م تميزت بتحشيد الإدانة عن القمع والظلم والطغيان والعنف بترميز وتورية؛ فلا يمكن مطلقاً افتضاح مباشر للإدانة، ليتخلص من الرقيب الأمني، لذلك قد تبدو في القراءة الأولى مبهمة بالرموز، فارتكنت نصوص المجموعة الى فواصل تاريخية مختلفة لا تنتمي الى زمن معين، بل تتداخل الحكاية التاريخية مع الحاضر المستبد ليخضع الزمن الى معيار نسبي ليس له ملامح، بل بالاستطاعة فك رموزه وإسقاطه على الواقع المعاش.
 ففي قصة وردت ضمن تلك المجموعة (عرس في مقبرة) يصوّر (علي السباعي) امرأة مجنونة في مقبرة باع زوجها أولادها وبناتها إلى صاحب خان بسبب الحصار، فجنّت تلك الأم، وهامت في المقبرة... وفي هذه القصص من المجموعة، يرفع السباعي يافطة الاحتجاج على الحصار، ومحتجاً على الظلم بكلّ أشكاله الواقع على الفرد والمجتمع. أما مجموعته الأخيره في (زليخات يوسف) الصادرة في بغداد(2005م) عن دار الشؤون الثقافيه العامة، جاءت بعشر قصص: (مريم البلقاء, مومياء البهلول, وساخات آدم, وتبقى قطام, الجذر التربيعي القمر, الزاماما واحتراق مملكة الورق, عطش ذاكرة النهر، وزليخات يوسف، وبكاء الغربان).
 تميّز منجز السباعي باستخدام دلالات تاريخية واجتماعية وسياسية لتنويع النص وإثرائه باحتشادات من التاريخ متماهية مع واقع معاش آني.. مثلاً في (تبقى قطام) التي فازت بمسابقة الإبداع القصصي في صحيفة الزمان في (24 -5-2005) فالأسلوب الشعري المكثف، واللغة الجميلة في السرد من خلال التورية والترميز الذي يحاكي واقعاً مشابهاً، فربط التاريخ بنسيج خيالي مع راهن مشابهة في الغدر والفجيعة والألم، معالجاً قصة (قطام) التاريخية بما حاكته من دسائس وفتن وبغضاء أدت الى شهادة أمير المؤمنين وسيد البلغاء ورائد العدالة (ع)؛ فمن خلال القدرة في الربط والاقناع، يلامس القاص صفحة سوداء في التاريخ بين زمنين في الغدر والقتل والوحشية، مستخدماً حرفية المبدع المتقن لمنجزه.
إن الثراء التاريخي واستلهام معطياته في حشد الصور والأحداث مع الذاكرة في اللاوعي والمحكيات المسموعة، مضاف إلى التخيل الحالم بالحرية والخلاص من الاستعباد، يجمعه في سرد توليفي يخرج بأبهى صورة، يمثل استقلالاً ذاتياً في الكتابة والأدب الجاد والأدب الملتزم.
 التحرك في فضاء التاريخ في قصص السباعي يمنحه المرونة، فاستنطاق واستحضار الموروث ليماهيه مع واقعه، فالدلالات والرموز والرؤى والمخيال وموهبته الكتابية في تصوير المحبطين, المضطهدين, المقموعين, المظلومين.. إن الإسراف في الرموز في قصصه الأولى ليبقي الرأس منتصباً على الجسد، وقد ترجمت بعض قصصه الى الانكليزية والألمانية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157463
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29