• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 17 ) ابتلاء بني اسرائيل بعد وفاة يوسف (عليه السلام) 1 .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 17 ) ابتلاء بني اسرائيل بعد وفاة يوسف (عليه السلام) 1

 انتشرت ديانة التوحيد في مصر وربوعها في ظل اخناتون ملك مصر الذي استوزر يوسف (عليه السلام) واصبحت عبادة الاوثان جريمة يحاسب عليها القانون، ووجه اخناتون ضربة قوية لمعبد امون وكهنته وصادر الاموال التي كانت للمعبد والاراضي التي امتلكها وسيطر عليها كهنة المعابد المنتشرة في ربوع مصر، ومن الطبيعي في هذه الفترة المهمة من رعاية السلطة للدعوة الى التوحيد ان يكون لال يعقوب (عليه السلام) دور كبير في الجانب التبليغي فهم حملة دين التوحيد واحفاد النبيين ابراهيم واسحق (عليهما السلام) واليهم تنتهي علوم التوحيد التي اخذوها مباشرة من بيت النبوة.
الا ان ذلك الامر لم يدم طويلا اذ بعد وفاة اخناتون وسيطرة زوج ابنته توت عنخ امون على عرش مصر، تغير الحال تماما اذ كان الملك الجديد شديد القرب من الكهنة ومن المؤمنين بعبادة امون، فحارب ديانة التوحيد واعاد الحال الى ما كان عليه قبل ايام اخناتون، الا ان بني اسرائيل بقيت لهم مكانتهم فلم يتعرض لهم، وبقي دين التوحيد بين المعتقدين به الذين لم يغيروا دينهم، الا انه مع استمرار الايام وزيادة طغيان المصريين الذين اعتبروا التوحيد دينا طارئا على التاريخ والفكر والثقافة المصرية ازداد بعد المصريين عن التوحيد فيما ثبتت ذرية يعقوب (عليه السلام) على التوحيد رغم جميع الظروف التي واجهوها.
في فترة تواجد ال يعقوب (عليه السلام) في مصر تكاثروا حتى بلغ عددهم  ست ملايين انسان عند الخروج من مصر مع موسى (عليه السلام) ، وهذا يكشف عن ان مصر كانت تضم امة ضخمة من الاقباط وعبيدهم الذين كان من الطبيعي ان يكون عددهم اكثر بكثير من بني اسرائيل، حيث ان بني اسرائيل  عندما نزلوا ارض مصر في عهد اخناتون لم يبلغوا ثمانين شخصا، وبعد اربعمائة سنة مثلت الفاصل بين عهد لاوي الجد الرابع لموسى (عليه السلام) والخروج من مصر ازداد عددهم هذه الزيادة الهائلة فمن الطبيعي ان الزيادة السكانية لشعب الامبراطورية المصرية التي كانت في حينها من اعظم امبراطوريات الارض ان يكون عدد اضعافا مضاعفة، ذلك لان المصدر الاساس في تلك الحقبة الزمنية كان الزراعة وقبل الثورة الصناعية كانت الزراعة تعتمد اعتمادا كبيرا على اليد العاملة التي تقتضي كثرة الانجاب لادامة العمل والتوسع فيه.
ومع مرور الزمن وتوثق الروابط والعلاقات بين البلاط المصري وكهنة المعبد كان التضييق على بني اسرائيل يزداد وكلما بعدت السنوات وذوت ذكرى يوسف (عليه السلام) في الاذهان اخذ الصراع الحضاري بعدا اوسع وتطور الحال الى التمييز القومي، بين المصريين والوافدين الى ارضهم من بني اسرائيل، فبدأت السلطات تضيق عليهم واصبحوا بعد ان كانوا من ملاكي الارض مستخدمين لدى السلطة فكانوا يعملون لصالح البلاط المصري مزارعين وبنائين وفي غير ذلك من شؤون البلاط واملاك الفرعون المصري، ومن كان منهم لا يعمل في خدمة الفرعون تفرض عليه الضرائب.
من الطبيعي ان تشكل الكثرة العددية التي بلغها بنو اسرائيل هاجسا لدى البلاط الفرعوني فعدد كبير جدا من الموحدين في البلاد الوثنية مع اختلاطهم مع الشعب المصري من شانه ان يؤثر سلبيا في عقائد المصريين التي تحتاجها السلطة والمعابد للهيمنة على الشعب المصري الذي كانت عقيدة امون تعتبر الملك من نسل الالهة وبذلك يامن الملك من الثورة عليه لان الانسان لا يمكن ان يثور ضد الاشخاص المقدسين، كما ان كهنة المعبد تسري عليهم القدسية من ارتباطهم بالاله الذي يعبده الشعب المصري، وفي ظل وجود عقيدة التوحيد وانكار الوهية امون ستبطل كل هذه الدعاوى ويصبح الخطر شديدا على العرش والمعبد كما حصل في عهد الملك اخناتون، ولذا وجد البلاط ان من الضروري السيطرة على الكثرة العددية لبني اسرائيل اذ انهم يتمتعون بقوة جسدية اكسبتها اياهم طبيعة عملهم الشاق الذي يؤدونه للسلطة الفرعونية، فالقدرة الجسدية مع العقيدة مضافا اليها مقبولية الطرح، تشكل تهديدا مستقبليا واضحا، ولذا اصدر الفرعون المصري امره بالقضاء على المواليد الذكور من بني اسرائيل ، ودام ذبح المواليد الذكور عقودا طويلة حتى بدا النقص في عدد الذكور الذين كانوا يشكلون موردا مهما لليد العاملة التي يراد منها انجاز الاعمال الشاقة، فقرر البلاط المصري ذبح المواليد الذكور بين سنة واخرى فسنة يذبح فيها الذكور واخرى يتركون فكان هذا حلا وسطا للسيطرة على تنامي عدد الذكور وضمان عدم انقراضهم وهو امر اقتضته المصلحة الاقتصادية للبلاط المصري.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156945
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29