• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفكر الاسلامي الاصلح في زمن العولمة (1) .
                          • الكاتب : صباح محسن كاظم .

الفكر الاسلامي الاصلح في زمن العولمة (1)

جدلية الخوض في الفكر والتراث الاسلامي، يرجع بالباحث عن الحقيقة الى جوهر الفكر وديناميكيته في التعاطي مع المستحدثات الفقهية والحياتية بكل صورها ومستجداتها، إن الاطروحة الاسلامية تجسدت بمعرفتها الحضارية لاستشراف المستقبل وما يؤول اليه، من هنا القرآن الكريم والتراث الفكري الاسلامي يعتني بالمستقبل، العمل، الاصلاح، التنمية، حقوق الانسان... بطبيعة الحال مرت ثقافتنا الاسلامية بانتكاسات بسبب الحكام الطغاة، وانبطاح مثقف السلطة لصالح الطاغوت، وترويجه  له.
 أما فكرنا الاسلامي الحقيقي، والثقافة العربية الاسلامية بشموليتها المعرفية، والفكرية، وديناميكيتها في كل ابعاد المعرفة والفكر. فالاطروحة الثقافية متعددة الجوانب الروحية، التربوية، الاخلاقية، والعقلية، والجمالية، لان الانسان جوهر الوجود من منطلقين؛ الاول الاستخلاف، والثاني التمكين.
 فهو مستخلف في الارض من اجل اعمارها فكريا، واخلاقيا، وتربويا، وثقافيا، واقتصاديا، وكذلك مكن من استثمارها بما منح من كمالات عقلية، ومعرفية، ولا ريب ان الاسلام دين العالمية من خلال القرآن الكريم (ان الدين عند الله الاسلام) وهو التسليم لله خالق الكون والوجود والتصديق بما انزل من كتب سماوية وبعثة نبوية ان المنظومة الخلقية والتربوية والروحية والفكرية للطرح الاسلامي هي في خدمة الانسان لنرى الاستجابة من المفكرين والكتاب في الغرب ينسجمون مع الطرح الاسلامي في رؤاه حول الانسان كوجود له قيمته العليا عند خالقه انطلاقا من الآية الشريفة: (ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
اما العولمة فهي سلاح ذو حدين ففيه الايجابيات الكثيرة كدعوات حقوق الانسان ورفض النظم الاستبدادية وصيرورة العالم كقرية واحدة وفيه من السلبيات الشيء الكثير ايضا فهي محاولة للاختراق الثقافي لقيم ومثل الشعوب الاخرى فهي مفهوم متعدد الجوانب السياسية، والاقتصادية، والثقافية، يتصور البعض انها اطروحة حديثة لكن لها جذور في التاريخ الانساني من توسعات الاسكندر، وتوجهات نابليون بونابرت، ومساعي الدول في الهيمنة على الشعوب الاخرى. العولمة سياسة استعمارية للسيطرة على العالمين العربي والاسلامي، بل هناك تخوف عالمي منها ايضا فهي محاولة لاحتواء العالم والهيمنة عليه من خلال النموذج الامريكي الداعي (لأمركة) العالم ثقافياً، واقتصاديا، واعتبار هذا النموذج الاسمى والارقى حضارياً لتعميم نمطه على المجتمعات ان هدف العولمة اسقاط الحواجز، والهويات، والثقافات المحلية، وابدالها بمنظومة مفاهيم مفروضة خارجياً. ففي الجانب الاقتصادي خلق سوق عالمية مفتوحة للسيطرة عليها والحصول على المواد الاولية باثمان رخيصة من دول الجنوب التي لا تستطيع النهوض بصناعتها واستثمار ثرواتها والسيطرة على مستوى التوزيع والانتاج (ظهرت في مرحلة معينة ظاهرة احراق واتلاف المواد الغذائية لكي لا تهبط اثمانها او لدوافع سياسية ما). اما المستوى الثقافي فينظر على العولمة الا انها محاولة لافراغ الهوية الجماعية من كل محتوى (تراث، فلكلور، عادات، تقاليد) لتدفع الى التفتيت والتشتيت الفكري وتربط العالم باللاأمة واللادولة اذ ليس بالامكان ان ينأى احد ويعزل نفسه خارجاً لان ادواتها واجندتها بالغة السيطرة بواسطة الاتصالات الحديثة كالانترنت، او الفضائيات العالمية، التي تدخل كل بيت وكل قرية ووسائل الاتصال كالنقال والتلكس ووسائل الاعلام المرئية، والمقروءة، والمسموعة، والاف الاصدارات اليومية وتمارس وسائلها المعرفية وادواتها دورا ايجابياً في ربط العالم وجعله غرفة زجاجية واحدة او ما يعبر عنه بقرية واحدة ونقل المعلوماتية طازجة عبر الاثير في وقت حدوثها . ان التقنيات الحديثة اعطتنا الشيء الكثير والنافع - بدون شك - لكنها أخذت منا أيضاً الشيء الكثير والنافع أيضاً. فرياح العولمة الهابة من فجاج الارض تحديداً لا تهددنا فحسب بل تهدد الدول الغربية أيضاً؛ فالانتاج التلفزيوني والسينمائي الامريكي راح يغزو ساعات البث وشاشات العرض في كل من فرنسا والمانيا وبما يزيد على نسبة الـ 75 % مع العلم ان هذه الدولة لها انتاجها الخاص أيضاً فما بالك بنا (نحن العرب) ونحن نستورد اكثر مما ننتج حتى ان بعض البلدان العربية راحت تعرض المستورد في مساحة واسعة من بثها وتقلده في المساحة المتبقية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155492
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19