• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم .
                          • الكاتب : احمد السوداني .

جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم

أَمَّا الْوَجْهُ مِنَ الْجُحُودِ عَلَى مَعْرِفَةٍ، وَ هُوَ أَنْ يَجْحَدَ الْجَاحِدُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ قَدِ اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ، (الكافي - ج ٢ - ص ٣٨٩)
روي عن ابن بابويه في سند مرفوع إلى أبي مسلم قال: خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتى أتينا باب أم سلمة (رض) وقعد أنس على الباب ودخلت مع الحسن البصري سمعت الحسن وهو يقول: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فقالت له: وعليك السلام من أنت يا بني؟ فقال: أنا الحسن البصري، فقالت:
فيما جئت يا حسن؟
فقال لها: جئت لتحدثيني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقالت أم سلمة: والله لأحدثنك بحديث سمعته أذناي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا فصمتا ورأته عيناي وإلا فعميتا ووعاه قلبي وإلا فطبع الله عليه وأخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي ابن أبي طالب (عليه السلام): يا علي ما من عبد لقي الله (عز وجل) يوم يلقاه جاحداً لولايتك إلا لقي الله بعبادة صنم أو وثن.
قال: فسمعت الحسن البصري وهو يقول: الله أكبر أشهد أن علياً مولاي ومولى المؤمنين، فلما خرج قال له أنس بن مالك: ما لي أراك تكبر؟
قال: سألت أمنا أم سلمة أن تحدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام) فقالت لي:
كذا وكذا، فقلت: الله أكبر أشهد أن عليا مولاي ومولى كل مؤمن، فسمعت عند ذلك أنس بن مالك وهو يقول: أشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال هذه المقالة ثلاث مرات أو أربع مرات. (آمالي الصدوق : 190)
وفي عام (35) للهجرة كانت قضية الرحبة المعروفة:
أن علياً (عليه السلام) ناشد الناس في الرحبة بالكوفة، فقال: أنشدكم اللّٰه رجلاً سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لي وهو منصرف من حجة الوداع:
(من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) فقام رجال فشهدوا بذلك، فقال (عليه السلام) لأنس بن مالك: لقد حضرتها، فما بالك! فقال:
يا أمير المؤمنين كبرت سنى، وصار ما أنساه أكثر مما أذكره، فقال له: إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء لا تواريها العمامة، فما مات حتى أصابه البرص.
(شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - ص ٢١٧).
قال الرضي: يعني البرص، فأصاب أنسا هذا الداء فيما بعد في وجهه، فكان لا يرى إلا مبرقعا. (نهج البلاغة: الحكمة ٣١١)
نرى ان مع علمه وتصديقه وإذعانه لمّا سمع قول الحق، إلا أن نفسه أبت ذلك، كما قال ابن ملجم (لعنه اللّٰه) لأمير المؤمنين (عليه السلام) أفأنت تنقذ من في النار، فقال له الإمام صدقت. لأنه عرف الحق وعرف أنه ذاهب للنار من فعلته لا محال.
وان ما حدث في واقعة كربلاء وما جرى للإمام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) من قتل وتمثيل وسبي مع علم الظالمين بمنزلة ومقام أهل البيت (عليهم السلام) ماهو إلا كرهاً وجحوداً للحق وللإسلام الذين دخلوه من أجل مصالحهم الدنيوية التي عمت قلوبهم فخسروا الدنيا والآخرة.
فكان أهل البيت (عليهم السلام) يحثون الناس بالعلم والعمل وان العلم وحده لا يكفي، فمعرفة اللّٰه (سبحانه وتعالى) لا تكفي وحدها، بل يجب اطاعته وأتباع شريعته، وفي هذا المجال احاديث كثيرة وردت عنهم ولا بأس من ذكر بعضها:
الإمام علي (عليه السلام): العلم بلا عمل وبال، العمل بلا علم ضلال (تحف العقول: ٢٧٤)
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): من لم يصدق قوله عمله فليس بعالم...
وقال (عليه السلام): العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل.
إذن طلب العلم من الأمور اللازمة على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في كل زمان ومكان والتعلم أمر لا بد منه في موالاتهم والسير في ركبهم فقد ورد عنهم (عليهم السلام): "يغدو الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غُثاء"،(الكافي، ج1، ص43)، والعمل بدون علم سبب للإفساد والضياع، فعن الصادق (عليه السلام): "من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح". (الكافي، ج1، ص44).
وهم صلوات اللَّه عليهم معادن العلم وأصول الحكم يقول الباقر (عليه السلام): "شرّقاً وغرّباً لن تجدا علماً صحيحاً إلا شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت".
(البحار، ج2، ص92)
وجاء في نهج البلاغة: (لا خير في علم لا ينفع) وجاء في سفينة البحار: عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به).
فالعلم أولاً والعمل به؛ وهنا يكمن سر الفنون والفوارق بين المتعلمين، ونجد الكثير من الناس ممن حصّلوا العلم ونالوا شهادات، لكن لم ينجحوا في حياتهم العملية، وهذا يعود إلى عدم العمل بالعلوم التي حصّلوها، فتحصل العلم شيء والعمل به هو شيء آخر، المهم طريقة العطاء والأسلوب والعمل بلا علم ضرره أكثر من نفعه. قال بعض الحكماء: العمل بلا علم كشجرة بلا ثمر.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعداً. (بحار الأنوار - ج ٧٥ - ص٢٤٤)
فإذا كان العلم مرادفاً للنور فكيف لهذا الجاهل أن يستدل على طريقه وهو فاقد النور؟ وعن الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (قل فلله الحجة البالغة...) *: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟! وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل، فيخصم، فتلك الحجة البالغة.
(ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - ص٥٤٣)
وفي الختام ..
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
{{ يا علي، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنك لأفضل الخليقة بعدي. يا علي ، أنت وصيي ، وإمام أمتي ، من أطاعك أطاعني ، ومن عصاك عصاني.}}
(آمالي للصدوق :62)
قل لابن ملجم والأقدار غالية
هدمت ويحك للإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدم
وأول الناس إسلاماً وإيماناً
- عظم الله أجورنا واجوركم .. بذكرى شهادة إمام المتقين أمير المؤمنين (عليه السلام) ورزقنا الله وإياكم اتباعه وشفاعة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم اجمعين).
الأقل




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155100
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16