• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أجراس النصر.. .
                          • الكاتب : هاشم الصفار .

أجراس النصر..

 كان بلسماً لكل جرح يعتصب رأس الحياة.. يدب الحراك في مفاصل عش يدعى بيتاً.. ينشر السعادة في ربوع المكان.. عند ثغر المهج والنفوس..

يا لفرحتي الحبلى بالأمنيات.. حين أستيقظ على صوته الملائكي..
ويسألني: بابا.. ماذا تحبين أن أجلب لك اليوم مدللتي..؟
وبكل فرح أحتضنه.. وأهمس في أذنه قائمة احتياجاتي..
كنت أتحسس في عينيّ أمي القلق.. وأتوجس خيفة من تساؤلاتها التي لا تنتهي.. وهي تطرحها على أبي المنهمك هذه الأيام في تصفية أموره..
ومتطلبات وطننا الصغير.. وسائر متعلقات حياته..!
 كان يبادلها بابتسامة مودع لعرس لا عودة منه..
 إنه عرس البطولة والشهادة والظفر..
كنت أتساءل في قرارة نفسي: 
هل قرر أبي أن يسعد وطننا الكبير كما أسعدنا بحضوره.. 
ويطبب جراحاته الندية.. ويشعل فتيل ألق مبتهج في ثنايا مدارسه.. 
وساحات وهجه.. وربوعه الخضراء..؟
:ــ إنه العراق يا بنيتي.. ومنيتي.. وذخر آمالي ومستقبل تطلعاتي..
لم نكن.. وكان العراق.. فكنا.. 
وصرنا نُعرف باسمه وحبه وحضارته وشيمه وكرمه..
شعبنا يا ابنتي.. مكتظ بسوح الوغى.. لا يعرف العتمة.. 
وثيره العرين.. وآهاته سمفونية الخلود.. منذ كلكامش وسومر وأكد.. 
منذ أن عجّ الفرات بالرحيق.. واستفاقت دجلة من زمامير السنابل.. 
وحنين طيور الأهوار..
كانت صوره تملأ البيت.. ناصعة بوجوده وحضوره الأبدي.. 
في يقين خلت منه كل دساتير الأرض.. وما وطأته مسلات التواريخ..
ونحن نتضور بردا قارساً.. نحتضن دفء صوته الرؤوم..
وحين نتوارى عن تضاريس السقف.. وشقوق الجدران.. 
خوف عويل المطر..
كان أبي يخرج كفيه.. يظللنا بأستار راحتين بحجم سواعد الصد.. 
وسواتره الملأى بزخات الإباء.. 
يوم نعقت غربان الفلاة..! تريد حجب الشمس عن وجه الرافدين..!
يا لمسرتي.. وانا أسمع أجراس النصر في طريقي الى المدرسة..
أجراس الأسواق والدوائر والمؤسسات.. 
أجراس عرس.. وولادة.. ومشاريع.. وجباه تنضح بعرق النجاح..
كتبت لهم يا أبي.. حين اصطففنا لرفعة العلم.. 
أنشودة الحب.. حين ينثره حشدنا المقدس ورودا في حقول الياسمين الظمأى من لؤم الطغاة.. 
لتحيلها خضلة برواء الولاء لأرض المقدسات..
ما أروعها من هالة حفاوة أحاطوني بها يا أبي.. وهم يكللوني بباقات الورود والتهاني.. والرعاية السخية والتكريم الأبوي.. في كل مناسبة وطنية وولائية..
يتصدر أبناء الشهداء مشاهد الفخر والاعتزاز.. 
بفضلكم يا أبي بقينا على قيد الحياة.. وبقيت الأرض تتنفس نبض العراق..
فهنيئا لك يا أبي عرس الجنان.. 
وهنيئاً لنا عرس وطن مكتحل بالشهادة..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154110
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29