• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الجيوش القادمة من الشرق . من هم؟ .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

الجيوش القادمة من الشرق . من هم؟

💠 نهر الفرات محور النبوءات التوراتية وقد ورد في الكتاب المقدس ذكر الفرات اكثر من ثلاثين مرة اغلبها مقرونا بذكر بابل في اشارة إلى أن المقصود من الفرات هو أرض العراق وتحديدا جنوبه. وكلنا يعلم أن بابل أوجعت كثير من الأمم وبالأخص اليهود الذين دمرت حضارتهم على أيدي البابليين عدة مرات، طبعا نحن لا نعلم أين حضارتهم المزعومة هذه، ولكننا هكذا نقرأ وهذا ما هو شائع، ولابد ان نذكره، لأن اليهود جعلوا ذلك من اخطر نصوصهم التي بنوا عليها آمالهم .
💠 فالفرات في نظر اليهود نهرٌ من أنهار الجنة مع نهر دجلة ونهرٌ ثالث لربما اندثر. ويرسم اليهود حدود مملكتهم (من النيل إلى الفرات). ولكن الغريب أن نهر النيل اطول وأوسع من الفرات ولكن اليهود يصفون الفرات بالنهر العظيم أو بالنهر الكبير. وعلى ضفاف هذا النهر دارت اشرس واكبر المعارك في التاريخ ومنها واقعة كربلاء التي تم ذكرها في أحد مواضيعنا.
💠 فهذا النهر كان مسرحا لأحداث جسام تركت أثرا في المدونات القديمة لدى جميع الحضارات التي تسكن على شاطئيه. ولكن الغريب أن يصبح نهر الفرات ملهما للنبوءات التي تقول بأن هذا النهر سيشهد المعارك الأخيرة للبشرية ، وهذه المعارك ستمتد من فلسطين وتركيا والأردن وسوريا والعراق الذي سيكون نقطة الانطلاق.وكذلك نقطة التقاء مئات الملايين من الجنود.
💠 النصوص الدينية تحدد لنا هذه المنطقة بأسماء الأنهر التي تمر فيها فيقول : (إن الرب وعد داود عبده، أن يُقيمَ منهُ الملك القدير إلى الأبد هو يفيض الحكمة كفيشون، ومثل دجلة ، ويملأ فهما كالفرات، ومثل الأردن في ايام الحصاد. ويُبدي التأديب كالنور، ومثل جيحون في أيام القطاف).(1) في هذا النص نجد أولا ذكر ابن داود الذي سيكون ملكا إلى الأبد. والثاني تحديد مناطق حكم ابن داود : (من نهر فيشون إلى دجلة والفرات ثم الأردن ومثل نهر جيحون) . وهذه الأنهر تقع في المثلث الذي ذكرناه آنفا. وكما هو معروف في الروايات والأحاديث فإن (ابن داود). تُشير دائما إلى شخصية آخر الزمان التي تملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا، والذي تُشير إليه الروايات بأنه يحكم بحكم داود.(2)
💠 ولكن مما يلفت الأنظار أن هناك نبوءة تتكلم عن جهة انطلاق تلك الجيوش التي ستكون سببا في الانتصار وهي جهة الشرق عبر الفرات (البوابة الشرقية) لتصطدم بجيوش الشر المتجحفلة في وادي حوران وسهول الأردن (هرمجدون) والأجزاء الشمالية في العمق التركي والمنطقة الغربية من العراق حيث ستكون قدرة الجيوش المعادية في الوصول فقط إلى حدود سامراء.
💠 نعود إلى جيوش الشرق ، يقول يوحنا : (ثم سكب الملاك السادس جامهُ على النهر الكبير الفرات، فنشف ماؤه لكي يعد طريق الملوك الذين من مشرق الشمس). (3) يوحنا يستخدم كلمات مثل (ملوك وجيوش) وليس جيش واحد، وهي التي سوف تأتي من باكستان والهند وأفغانستان وأرمينيا وأذربيجان والملايين من إيران، ثم تنظم إلى جيوش العراق ، وهذا ما نرى مصاديقه في الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي وحزب الله السوري اللبناني والعراقي وأنصار الله في اليمن والحسا والقطيف والبحرين والكويت وفي كل مكان يوجد فيه الشيعة سيستجيبون للنداء ويلتحقون بالجيش القادم من شرق الفرات يُضاف لهم من يلتحق بهم من إخوانهم من بقية المذاهب ممن سيكشف الله بصيرته.ولعل ابرز مصاديق هذه الجيوش هي رايات خراسان وكنوز الطالقان وما وراء البحر وآذربايجان.
💠 وقد استعجل أعداء الإسلام عندما تصوروا بأن بوابة الشرق على وشك أن تُفتح للملوك والجيوش بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، ولذلك اوعزوا إلى دميتهم صدام حسين الذي أطلق على نفسه (حامي البوابة الشرقية) بشن الحرب لسد ثغرة البوابة الشرقية ، مدعوما من مئات الدول التي تفهم جيدا ماذا يعني وصول الإسلام إلى السلطة في إيران، فظهر على لسان بعض زعماء الغرب تسريبات لربما مقصودة وخصوصا ملك الزهامير(رونالد ريغان) الذي قال بكل وضوح: (نحن الذين سنشهد عصر هرمجدون).(4) انطلاقا من قول النبوءة: (فجمعهم إلى الموضع الذي يُدعى بالعبرانية هرمجدون).(5) ولكن خاب أملهم هذه المرة وفشلوا واندحروا تحت صمود الشعب الإيراني فكان استعجالهم وبالا عليهم فتصوروا أن الأمور بيدهم ومتى ما ارادوا ان يحسموها تيسر لهم ذلك ونسوا أن الله تعالى قال : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه).(6) فالإنسان يُريد والله تعالى يُريد ولا يكون إلا ما يُريده الله : (ولو يُعجّلُ اللهُ للناسِ الشر استعجالهم بالخيرِ لقضيَ إليهم أجلهم).(7)
💠 يستمر يوحنا في سرد هذه الرؤيا العجيبة فيقول : (سمعت صوتا قائلا : فك الأربعة الملائكة المقيدين عند النهر العظيم الفرات. فانفك الأربعة الملائكة المعدون للساعة. وعدد جيوش الفرسان مئتا ألف ألف وأنا سمعت عددهم).(8) يُقدّر يوحنا عدد الجيوش بمائتين مليون جندي، وهذا عدد ضخم جدا حيث سيكون كالأمواج المتلاطمة.
💠 المحور الثاني وهو المهم الذي تؤكده الرؤيا والذي تقول فيه : بأن اليهود كتبوا عهدا بتدمير بابل عندما كانوا في السبي البابلي ، وربطوا هذا العهد بحجر ورموه في نهر الفرات، وهم جادون في تنفيذ هذا العهد ولابد من تحقيق بأي ثمن ولذلك نرى سعيهم الدائم إلى صناعة مختلف أنواع اسلحة التدمير والإبادة الجماعية وهذا الكتاب الذي كتبوه عن مصير بابل ذكره أرمياء قائلا : (الأمر الذي أوصى به إرميا النبي فكتب إرميا كل الشر الآتي على بابل في سفر واحد، كل هذا الكلام مكتوب على بابل، ويكون إذا فرغ من قراءة هذا السفر أنك تربط به حجرا وتطرحهُ إلى وسط الفرات، وتقول : هكذا تغرق بابل ولا تقوم من الشر الذي أنا جالبه عليها).(9)
💠 وكما نعلم فإن للشيطان مخططاته ، ولله تدبيره، ولا يكون إلا ما اراد الله حيث نرى كل طرف يعد العدة (ولكن الله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون).(10) فكلما تصاعدت وتيرة مؤامرات حلفاء الشيطان وقاموا بتشكيل الفرق الإرهابية الظلامية أمثال داعش والنصرة والقاعدة وبوكو حرام وأجناد الشام وغيرهم ، افرزت ساحة الله تعالى جنودا اشداء حيث تشكلت فرق من الحشد الشعبي والحرس الثوري وجيش القدس وحزب الله وأنصار الله.(11)
💠 وكل هذه المؤشرات تدل على أن هناك امرٌ يجري خصوصا وأن الكثير من العلامات التي ذكرتها الكتب السماوية وما اخبرنا به الأنبياء وخلفائهم وما ورد في كتب الملاحم والفتن ، من ظهور الأمراض والأوبئة وكثرة الزلازل وغيرها من علامات تسبق ساعة خروجه الميمون.ولعل اغرب عملية خداع قام بها اتباع الشيطان هو رفعهم للراية السوداء (داعش) لإيهام الناس بأنها الرايات السوداء المقصودة في الروايات الاسلامية ، ومما يؤسف له سقط الكثيرون في هذا الفخ.
💠 وأما الساعة فيقول عنها تعالى : (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة).(12) وكما هو معروف فإن الإسلام آخر الديانات وعليه سوف تقوم الساعة وقد اخبرنا تعالى بذلك بقوله : (اقتربت الساعة وانشق القمر).(13) وقد كان استعجال الناس لمعرفة وقت الساعة يدل على أنهم يعرفون باقترابها ولهذا قال الله تعالى لنبيه : (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا).(14) وعندما ألح عليه الناس لمعرفة وقت الساعة ، قال لهم بأن بعثته من علامات اقتراب الساعة (بعثت أنا والساعة كهاتين ـ يُشير بأصبعيه فيمدُ بهما).(15)
💠 وفي حديث آخر قال : (بُعثت أنا والساعة جميعا إن كادت لتسبقني).(16) وهناك روايات كثيرة جدا تخبرنا بأن من علامات الساعة خروج الإمام المهدي (عج) وقد اخترنا ما قاله مفتي السعودية (ابن باز) عن ذلك فقال : (أما علامات الساعة الكبرى فأولها خروج المهدي وهو رجل من بيت النبوة يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت جورا).(17)
💠 إن عقيدة المهدي المنتظر لم تكن فكرة شيعية ابدا، بل هي فكرة عالمية متجذرة في صميم عقائد الشعوب وتخدم تطلعاتهم نحو عالم منشود ترتاح فيه البشرية وتنعم بالقيادة الحكيمة الواعية في دولة كريمة. فالصين البوذية تنتظر مخلصها وبوذاها كما يذكر كتابها الإرياني ستيانس، والأسبان ينتظرون مخلصهم روذريق وحتى المغول الذين اعتقدوا انهم الأمة المقصودة في الهيمنة على العالم قابعون حول قبر خانهم الاعظم يُناشدونه ان يظهر ليُعيد لهم مجدهم. ناهيك عن العلماء العلمانيين الغربيين الذين قالوها بكل وضوح بأن العالم مرشح عمّا قريب ان يرى ظهور المخلص العظيم الذي سيوحد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد.(18)
💠 ويقول نابغة العصر آينشتاين : إن اليوم الذي يسود العالم كله الصلح والصفاء ويكون الناس متحابين متآخين ليس ببعيد. ويُبشّر الفيلسوف الانكليزي برناردشو في كتابه الانسان والسوبرمان : بمجيء المصلح الكبير. فيقول عباس محمود العقاد عن ذلك : يلوح لنا أن سروبرمان شو ليس بالمستحيل، وأن دعوته إليه لا تخلو من حقيقة ثابتة.(19)
💠 ولكن مما يؤسف له أن أمة اقرأ لا تقرأ فكثير من علماء الغرب يُحذروننا في كل يوم من أحابيل اليهود والنصارى ويُحذرونا من ألاعيب العلمانيين والملاحدة، واغلب هؤلاء الكتّاب من النصارى انفسهم ومنهم على سبيل المثال الدكتورة غريس هلسل المسيحية الأمريكية في كتابها النبوءة والسياسة فتقول : انظروا كيف يُسقط اليهود نبوءاتهم التوراتية على السياسة وكيف يُخططون للواقع على ضوء النصوص التوراتية، فيصفون حرب هرمجدون بأنها الحرب العالمية الثالثة التي ستكون حربا نووية تنطلق من فلسطين وسينتصر فيها اليهود، ثم تتعجب من الدعم الهائل الذي يُقدمه اليمين المسيحي لليهود الذي يؤمن بأنه لابد من انتصار اليهود ليتم ظهور المسيح. وتتساءل : ما هي مصلحة المسيحية من هذا الدعم ، ولماذا يقوم المسيحيون بدعم اليهود ومساعدتهم على الانتصار.(20)
🔺️ المصادر :
1- سفر يشوع بن سيراخ 24 : 34 ــ 37.
2- عن حريز قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منا أهل البيت يحكم بحكم داود وآل داود لا يسأل الناس بينة. انظر : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٢ - الصفحة ٣١٩.و الكليني في الكافي ج ١ ص ٣٩٧.
3- سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 16 : 6.
4- كانت مسالة معركة هرمجدون تشغل عقل وتفكير رونالد ريغان قبل الرئاسة الأمريكية وقد ساهم كثيرا في تطوير المفاعلات النووية الإسرائيلية طمعا في تسريع حصول المعركة للقضاء على الاتحاد السوفيتي والأمم المتوحشة جوج مأجوج (المسلمين). وهذه الافكار هي التي ساهمت بصورة فعالة لوصوله للرئاسة . وعندما اندلعت الحرب بين العراق وإيران والاجتياح الاسرائيلي للبنان سأل أحد المراسلين رونالد ريغان عما يحصل فأجاب بلغة الواثق : (ربما كانت هذه بوادر معركة هرمجدون، وأن النبوءات يجب ان تتحقق قبل هذه المعركة. وإننا سنجابه قوى شيطانية في هرمجدون نووية). الإدارة الأمريكية المحافظة وتسيس نبوءات آخر الزمان، مروان الماضي ، طبع دار الفكر دمشق الطبعة الولى 2005. ص : 156.وكذلك كتاب الكاتبة غريس هلسل: النبوءة والسياسية ، الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية. ص : 7.ترجمة محمد السمّاك.
5- سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 16: 16.وهو السهل الممتد من المنطقة الغربية في العراق وحتى حدود فلسطين وتركيا والأردن وسوريا وما جاورها، حيث الجيوش المتمحورة حول جيوش الدجال الإسرائيلي الغربي.
6- سورة النحل آية : 1.
7- سورة يونس آية : 11.
8- سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 9: 13 ـ 16.
9- سفر إرميا 50 : 60 ـ 63.
10- سورة يوسف آية : 21.
11- (أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا).() سورة الأحزاب آية: 9.
12- سورة الأعراف آية : 187.
13- سورة القمر آية: 1.
14- الأحزاب آية : 63.
15- صحيح البخاري حديث رقم 6140.ومسلم في صحيحه رقم الحديث : 2950.
16- إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري القسطلاني ، الجزء 8 ص : 171.
17- انظر الموقع الرسمي لابن باز، نور على الدرب . وقد اخترنا قول ابن باز لكون هذه الفئة من اشد المحاربين لقضية الإمام المهدي والمصرين على انكاره ، فقولهم في هذا الباب يُعتبر ابلغ في الحجة على اصحابه.
18- أنظر : المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه ، السيد عبد الرضا الشهرستاني ص : 6.
19- أنظر : برناردشو عباس محمود العقاد ص : 124.
20- كتاب الكاتبة غريس هلسل: النبوءة والسياسية ، الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية. ص : 7.ترجمة محمد السمّاك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=152558
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 02 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29