• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مالمجازُ ؟ وهل هو واردٌ في القرآنِ .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

مالمجازُ ؟ وهل هو واردٌ في القرآنِ

 سؤالٌ وجِّهَ إِليَّ ؛ فأَجبتُ:

لو قيل لي: المجازُ خلافُ الحقيقةِ. والقرآنُ كلُّه حقيقةٌ ؛ فهل في القرآنِ مجازٌ ؟
قلتُ: نعم فيه مجازٌ لا يجوزُ ولا يُمكنُ إِنكارُه !
ولو قيل لي: كيف - إِذًا - تقولُ ما تُناقِضُ به نفسَكَ ؟
قلتُ: المجازُ عندي هو التأويلُ ؛ فكلُّ نصٍّ لا يُمكنُ حَملُ ظاهرِه على الحقيقةِ وجب تأويلُه بدَلالةٍ باطنيةٍ تُخالفُ ظاهرَه ، وتَحفَظُ رصانةَ النظمِ وتركيبَ الظاهرِ بما هو فقط.
من ذلك مثلًا ﴿ويَبقىٰ وجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ والإِكرامِ﴾ [الرحمن/٢٧] ؛ فالوجهُ على الحقيقةِ ما نعرفُه. ولو حملناه على هذه الحقيقةِ لجعلناه في هذه الآيةِ تجسيمًا يعني أَنَّ للٰهِ وجهًا له جوارحُ ؛ فيُفضي إِلى أَنَّ له جسمًا يَحمِلُ رأسًا يتضمنُ هذا الوجهَ سبحانَه عن هذا التوصيفِ الماديِّ ؛ فهو الذي ﴿... ليسَ كمِثلِهِ شيءٌ وهو السَّميعُ البصيرُ﴾ [الشورى/١١].
إِذًا يجبُ حملُ (الوجهِ) هنا على المجازِ بتأويلِه ليكونَ خِلافَ حقيقةِ الوجهِ المعروفِ ؛ فـ(الوجهُ) في هٰذه الآيةِ يُؤوَّلُ بالحياةِ فهو الحيُّ الذي لا يموتُ وبالرقابةِ فهو الذي يرىٰ ويعلمُ كلَّ شيءٍ ، وبالقيموميةِ فهو القيُّومُ الباقي بلا حدٍّ ولا زمنٍ يحُدُّه.
وكذلك (اليدُ) في قولِه تعالى: ﴿وَقالَتِ اليَهودُ يَدُ اللٰهِ مَغلولَةٌ غُلَّت أَيديهِم وَلُعِنوا بِما قالوا بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ يُنفِقُ كَيفَ يَشاءُ ...﴾ [المائدة/٦٤] ؛ فليس للٰهِ يدٌ بحقيقةِ اليدِ الجارحةِ التي نعرفُها ، و(الوُجدانُ) في قولِه تعالى: ﴿والَّذينَ كَفَروا أَعمالُهُم كسَرابٍ بِقيعَةٍ يَحسَبُهُ الظَّمآنُ ماءً حتى إِذا جاءَهُ لم يَجِدهُ شيئًا ووَجَدَ اللٰهَ عِندَهُ فوفَّاهُ حسابَهُ واللٰهُ سريعُ الحسابِ﴾ [النور/٣٩] ؛ فليس لأَحدٍ أَن يَّجِدَ اللٰهَ حقيقةً ماديةً يراه بعينِه كما يَجِدُ شخصًا يلتقي به فيراهُ حقيقةً ماديةً بعينِه.
وهذا ما أَراهُ أَناْ في المجازِ من أَنه هو التأويلُ الذي ما يعلمُه ﴿إِلَّا اللٰهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُولُو الأَلبابِ﴾ [آل عمران/٧].

أ.د. علي عبدالفتاح الحاج فرهود




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=152518
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 02 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19