• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في رحاب الذكرى العطرة لولادة فخر الكائنات .
                          • الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي .

في رحاب الذكرى العطرة لولادة فخر الكائنات

يتهيأ المسلمون هذه الأيام للإحتفال بذكرى الولادة الميمونة لنبيّ الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، فتزين الشوارع والبيوت والمساجد والمراكز الإسلامية بشتى أنواع الزينة وبمختلف الألوان المعبرة عن فرحتهم بذكرى ولادة النبي المختار الذي أنقذ الأمة من الشرك والحيرة والضلالة والضياع والجور والظلم، وهل هناك أكثر ظلما من عبادة الأصنام وتقديسها والتبرك بالأوثان التي لا تسمع ولا تنفع وودأ البنات بلا ذنب فوقف ونادى بأعلى صوته: "فاطمة بضعة مني" فزلزل الأرض تحت أقدام قريشٍ التي لا تُقهر. كما يصدح المدّاحون بأشعارهم وبمختلف الأوزان والألحان تمجيدا للحبيب المصطفى ص، ويتعرض الخطباء في مجالس المولد الشريف للذكرى المباركة وكيفية إنتقال النور في أصلاب النبيين، نبيّ بعد نبيّ إلى أن إستقر في صلب ابيه عبد الله فلمّا ولد ص كان نورا على نور. ونحن من على هذا المنبر المبارك ـ كتابات في الميزان ـ نبارك الإمام المنتظر المهدي روحي فداه والأمة الإسلامية والعلماء العاملين في إعلاء كلمة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، سائلين الحق سبحانه وتعالى أن يجعل غدنا وما بعده أفضل من يومنا وما قبله. سوف لن أنحى المنحى التقليدي للخطباء المحترمين الذين يتعرضون للولادة المباركة وكأنه حدث تاريخي نستذكره مرّة واحدة كلّ سنة، فنحضر المولد ونهتف بالصلاة على النبيّ وآله بأعلى أصواتنا ونوزع الحلوى وبعدها كما في غيرها من المناسبات ينتهي كل شيء ونستعد للمناسبة القادمة. من الطريف أني سألت أحد الحاضرين في المولد النبوي فقلت له: ما أهم شيء وجدته في المولد برأيك؟ فقال على الفور ودون تردد: الحلوى يا سيد، أنا اعشق الحلوى في المولد!!! كما أن بعض الشعوب تستبدل الحلوى بالحمص حتى غدا عندهم مثلا" كالذي يخرج من المولد بلا حمص". أتذكر أن خادمكم محمد صادق كان يلقي كلمة بمناسبة المولد النبوي الشريف وكان أغلب الحاضرين مشغولين عن الخطبة بأحاديث جانبية وأصوات قهقهات ضحكهم تضجر الخطيب وبقية الحاضرين، فطلب منهم خادمكم أن يستمعوا له لأنه سيقول شيئا مهما، كما أن المناسبة تحتم على الجميع الجلوس بكل أدب وإحترام إجلالا وتعظيما لشخص النبيّ الكريم ص فقالوا له: وهل جئنا هنا لنستمع إليكم، إنه يوم فرح وسرور ونريد ان نتحدث كما نشاء. إستانف خادمكم الخطبة التي لا يستمع لها جلّ الحاضرين وعندها قرر أن لا يشارك بالخطابة التي لا معنى لها وحسنا فعل حينما إنتهى دعا بدعاء اهل القبور وقال: اللهم أدخل على أهل القبور السرور. حريّ بنا ونحن نحتفل بالمولد النبوي الشريف أن نراجع وضعنا وحالنا السيء ونعرض أعمالنا على سنّة الحبيب المصطفى ونعمل مرّة أخرى وثالثة ورابعة جردة حساب ونتبين هل نحن من جملة "والذين معه"؟! هل نحن فعلا نتبع هذا النبيّ الأمي الذي أنقذنا من حيرة الضلالة؟! إذا كان الجواب بالنفي، لماذا إذن، ومتى يا ترى نتبع نبينا ونهتدي بهداه وهو الرحمة المهداة؟!وإن كان الجواب بالإيجاب، فأين نحن من سنةّ المختار؟ّ!

أين المسلم اخو المسلم احبّ أم كره؟!

فلا زلنا تفرقنا المذاهب ولا يجمعنا الدين الواحد وبين الفينة والأخرى ينبري لنا من لم يكن في الحسبان فيزيد الجرح نزفا، ويشحن من يتربص بوحدتنا واخوتنا ويحاول الوقيعة بيننا. سبحان الله الملك الحق المبين عندما قال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". إن أكرمكم عند الله أتقاكم وليس اعلمكم.. فكم عالم ضلّ وأضلّ بعناده. من المؤسف حقا وفي هذا الزمن الرديء أن يُشهر أحد أحفاد رسول الله  نسبا خنجرا مسموما ليطعن به وحدة المسلمين وإنضوائهم تحت راية لا إله إلاّ الله محمد رسول الله. لقد ذهبت ما شاء الله من المرات للحج والعمرة ومن مالي الخاص الخالص الذي أدخره على مدار السنة للذهاب للحج ولزيارة سيد الكائنات وفخرها ص ولم أحصل ولا مرّة قط على نيابة أو منحة أو غير ذلك، هذا للتوضيح كي لا يظن أحد السادة المحترمين أني أحصل على منحة الحج أو العمرة من أحدى الجهات او المؤسسات. عموما فقد ذهبت للحج والعمرة وصادف أن كنت في غرفة واحدة مع إخوتي وأعزتي من أبناء السنّة الكرام فلم ينتبه أحد منهم أني شيعيّ علما اني كنت دائما أتحدث عن الأئمة صلوات الله عليهم، وعندما علم أحدهم أني من الشيعة قبّل جبهتي وبكى وقال بالحرف الواحد: لم أكن أعرف أنكم تحبوننا بهذا الشكل!! قلت في جوابه: يا سيدي أيعقل أن يوصينا أمامنا أمير المؤمنين ع بالذميّ الذي هو على غير ديننا فيقول عليه السلام : "إن لم يكنْ أخوك في الدين فشريكك في الخلق"، فكيف إذن والحال مع من يؤمن معك بأن لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، بلا شك هو نفسي وعزيزي. في العام الماضي كنت مع حملة السيد المهذب الورع  السيد سلام الياسري وهو سليل العترة الطاهرة صلوات الله عليهم  كان أكثر من نصف الحملة من أخوتنا أبناء الطائفة السُنيّة العزيزة فسألتني إحدى السيدات : من أي محافظة أنت يا سيد؟! فقلت لها : أنا من محافظتين، من النجف وكربلاء فوالدي من النجف ووالدتي من كربلاء وقد نشأت وترعرعت بين هاتين المدينتين الشريفتين المقدستين. فقالت عندها : لم أكن أعلم أنك وعيالك تتعاملون معنا بكل عفوية وصدق ومحبة لقد غيّرت رأيي يا سيد. هذا ليس من باب المديح وانما من باب ان الذي يشاع هذه الأيام من اننا نبغض غيرنا واقعا هذا بهتان عظيم، أساسا المؤمن لا يبغض إلاّ الشيطان وربعه. سأتحدث بشيء من الإسهاب عن أواصر الأخوة بين الشيعة والسنّة لأننا نعيش ذكرى نبينا وحبيب قلوبنا ص وجدير بنا أن نستن بسنته وننبذ كل أشكال الفرقة والإحتراب الكلامي الذي من شأنه أن يمزقنا شر ممزق ونحن في وضع لا نحسد عليه.

في مركز جوازات الرطبة..

بعد غياب طويل عن الأهل والوطن قدمت إلى العراق قبل عدة سنوات عند طريق الشام فكانت أول نقطة حدودية هي الرطبة وكانت الحرارة شديدة فوقفت في الطابور لختم جوازات السفر لي وللعيال. كان المسؤول هو رائد شرطة من أهلنا من الرمادي فسألني : أين مكان سكناك في العراق؟ قلت : الفندق الفلاني في كربلاء. فقال لي : هل تمزح يا شيخ؟! قلت : لا أبدا فأنا أكاد أكون غريبا فلا أدري اين هم أهلي الآن فسأبحث عنهم، منهم من أصبح تحت الأرض ومنهم من هو حيّ يرزق لكني لا أعرف عناوينهم. ثم سألني : هل أنت شيعي؟! قلت : نعم وأنا كذلك من أحفاد رسول الله ص. قام ذلك الرائد من مكانه وفتح لي الباب وقال تفضل أدخل الى تلك الغرفة وسألحق بك عند الإنتهاء من تدقيق جوازات المسافرين. دخلت تلك الغرفة فكان هناك عقيد شرطة عليه سيماء الوقار فقال لي: أنت اليوم ضيفنا يا سيد فلا داعي ان تذهب إلى الفندق فكل بيوت الرمادي تحت تصرفك وعانقني وبكى وقال: سوف لن يفرقنا أحد فنحن أخوتكم والعراق يجمعنا. استمرت علاقتي مع تلك الوجوه النيرة الخيرة إلى عدة سنوات وزادت أواصر الأخوة بيننا. عن أية شيعة يتحدث ذلك العالم الذي يفتري علينا فرية بعد أخرى ونحن منها براء، براءة الذئب من دم يوسف. يا سيد أرجوك أن تنصفنا قليلا جزاك الله خيرا وأصلح حالنا وحالك ويرحم والديك.

الإحتفال بالمولد الشريف..

إنما يكون بالتوقف عند سنّة نبينا ص وما جاء به وحثّ عليه وأوصى وأمر به ونهى عنه وهو الذي "وما ينطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى". فقد بعثه الله رحمة للعالمين "

 فقد أرسله الله بالهدى ودين الحق ورحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات الى النور بإذن الله تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ". وهو الاميّ الذي نشأ يتيما لا أب له ولا أم يرعى الغنم في بلاد الجبل والصحارى وقد إشتهر بالصدق والأمانة والعدل والكرم والرحمة. قيل له وهو في القتال : لو لعنتهم يا رسول الله؟ فقال:

" إنما بعثت رحمة مهداة، ولم أبعث لعّانا"

وكان إذا سئل أن يدعو على أحد مسلما كان أو كافرا، عاما أو خاصا عدل عن الدعاء عليه ودعا له.

أين نحن من سنّة نبينا؟!

أين تراحمنا وتسامحنا وصفحنا؟!

أين حسن الظن بالغير وحمل الأخ على سبعين محمل؟!

نسير دوما عكس سنّة الحبيب المصطفى ص، لكننا نجيد نقل أحاديثه الشريفة أمّا الآية الكريمة : "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" فنحن لا نسمعها ولا نقرأها وربما قلنا أنها تخص الجنّ!!!

لقد أضحى حالنا وللأسف الشديد محزن ومؤلم فقد جعلنا الله من قبل أهون الناظرين وسوفنا بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى منكسرين ناديمن، فهان علينا الإبتعاد عن رسوله الذي بعثه رحمة لنا.

في شهر رمضان المبارك..

كنت في زيارة لإحدى الدول العربية في شهر رمضان الكريم وفي إحدى الليالي كنت اريد الذهاب إلى أحد المساجد للصلاة عند الإفطار فإستأجرت سيارة أجرة (تاكسي) وقلت له أريد الذهاب إلى المسجد الفلاني فقال لي حاضر يا حاج ثم واصل حديثه: أما أنا فسأذهب إلى المقهى لألعب القمار. شعرت أن هذا المخلوق يريد أن يستفزني فقلت له : هل أنت مسلم؟ قال : نعم أنا مسلم والحمد لله. قلت : هل أن نبيك هو محمد بن عبد الله ص؟ قال : نعم هو نبي الإسلام واحد. قلت : إنه وقت الإفطار ونحن في ضيافة الله ولكنك تترك مائدة الله وتذهب إلى مائدة الشيطان وتقول أن نبيك محمد بن عبد الله. فقال : يا حاج أنا عاصي! تبسمت وقلت له : وهل مجرد الإعتراف بالعصيان يكفي يا سيد؟ اطرق هنيئة ثم قال لي : انت ابن حلال فأين تريدني أن أذهب ؟ قلت :  لن تذهب إلى أي مكان. سوف نذهب سوية إلى

ضيافة الله تعالى. ذهبنا إلى المسجد وقد عاهد الله في بيته ان يتوب ويقلع عن الذنوب والمعاصي وكل ما يسخط المولى الكبير المتعال. في بلد آخر صادفني نفس الموقف ولكن ليس في شهر رمضان فدعوت السائق للصلاة في مسجد مدينتهم فقال لي : شكرا يا شيخ لا أصليّ لكم دينكم ولي دينِ. فقلت له : وما دينك يا محترم : قال أنا مسلم!! فقلت له: بالتمام والكمال ماشاء الله تبارك الله أخشى عليك من الحسد!

هذا هو حالنا والمشتكى إلى الله والى رسوله الحبيب المصطفى ص.

يا رسول الله..

إنا توجهنا وتوسلنا بك إلى الله وقدمناك بين يديّ حاجاتنا. ياوجيهاً عند الله إشفع لنا عند الله.

 

 نسال الله العافية




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149499
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28